مكتبة مسيحية كبيرة. الكتاب المقدس على الانترنت

I. تجلي المسيح على الجبل، v. 1-13.

ثانيا. إخراج الشيطان من الصبي عندما لم يستطع تلاميذه أن يفعلوا ذلك، v. 14-29.

ثالثا. تنبؤه بمعاناته وموته، v. 30-32.

رابعا. اللوم الذي عبر عنه المسيح لتلاميذه بسبب نزاعهم حول من هو أعظم (الآيات 33-37)، ولليوحنا لإدانته رجلاً يخرج الشياطين باسم المسيح، لكنه لم يتبعهم، الآية 33-37. 38-41.

v. حديث المسيح مع تلاميذه عن خطورة تجربة أحد هؤلاء الصغار (الآية 42) والسماح في أنفسنا بما هو بمثابة تجربة وسبب للخطية، v. 43-50؛ لقد قرأنا بالفعل معظم هذه القصص في مات. 17 و 18.

الآيات 1-13. I. التنبؤ بأن ملكوت المسيح قد اقترب، v. 1. من المتوقع ما يلي:

1. أن يأتي ملكوت الله، ويأتي بطريقة منظورة: سوف تتأسس مملكة المسيح في هذا العالم من خلال التدمير الكامل للدولة اليهودية التي اعترضت طريقه. كان هذا بمثابة استعادة ملكوت الله بين البشر، الذي فقده، إلى حد ما، من خلال الانحدار الرهيب لكل من اليهود والأمم.

2. أنها ستأتي بقوة، وتشق طريقها، وتطيح بكل معارضة. لقد دخل حيز التنفيذ عندما تم القصاص من الشعب اليهودي بسبب صلب المسيح وعندما هُزمت عبادة الأصنام في العالم الوثني.

3. أنه سيأتي وبعضهم أحياء: إن من القيام ههنا من لا يذوق الموت حتى يرونه. ونفس الشيء يقال في متى 24: 34: «لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله. والذين وقفوا مع المسيح حينئذ سيراونه، ولن يستطيع الآخرون التعرف عليه، لأن ملكوت الله سيأتي غير منظور.

ثانيا. ظهور مجد هذا الملكوت في تجلي المسيح الذي تم بعد ستة أيام من هذه النبوءة. لقد بدأ بالفعل يخبر تلاميذه عن معاناته وموته، ولكي يمنعهم من التجربة، أعطاهم لمحة عن مجده لكي يُظهر أن معاناته ستكون طوعية وأن كرامة ومجد شخصه ستكونان. ليظهر فيه، اتقاءً لتجربة الصليب.

1. حدث التجلي على قمة جبل عال، كما تكلم موسى مع الله على قمة جبل سيناء، وكما من قمة جبل الفسجة رأى كنعان. يقول التقليد أن المسيح تجلى على قمة جبل طابور. إذا كان الأمر كذلك، فقد تمت كلمات الكتاب: تابور وحرمون يبتهجان باسمك، مز 89: 13. يشير الدكتور لايتفوت إلى أن آخر مكان نجد فيه المسيح كان في بلاد قيصرية فيليبس، الواقعة على مسافة كبيرة من جبل طابور، ويرى أن التجلي على الأرجح قد حدث على الجبل العالي الذي يتحدث عنه يوسف، بالقرب من قيصرية.

2. شهد بطرس ويعقوب ويوحنا بالتجلي. هؤلاء الثلاثة هم الذين سيشهدون على الأرض، مثل الشهود الثلاثة، موسى وإيليا والصوت من السماء، الذين سيشهدون من فوق. لم يأخذ المسيح معه جميع التلاميذ، لأن كل ما حدث كان يجب أن يبقى سراً. فكما أن هناك نِعمًا خاصة تُمنح للتلاميذ فقط وليس للعالم، كذلك هناك نِعم تُمنح فقط لبعض التلاميذ. جميع القديسين قريبون من المسيح، لكن القليل منهم يتكئون على صدره. كان يعقوب أول من مات من بين الاثني عشر من أجل المسيح، ونجا يوحنا منهم جميعاً ليكون آخر شاهد عيان على هذا المجد؛ وشهد (يوحنا 1: 14): قد رأينا مجده. وقال بطرس نفس الشيء في 2 بطرس 1: 16-18.

3. كيف حدث التحول. لقد تحول أمامهم. وظهر لهم بشكل مختلف عن صورته المعتادة. تغيرت الخصائص الجانبية فقط، لكن الجوهر ظل كما هو - لقد كانت معجزة. إن التغيير في الجوهر، مع بقاء جميع الخصائص الجانبية على حالها، ليس معجزة، بل هو مجرد خداع واحتيال، وهو ما لم يفعله المسيح قط. انظر ما هي التغييرات العظيمة التي يمكن أن تحدث للأجساد البشرية عندما يسر المسيح أن يغطيها بالمجد؛ وسيلبس أجساد القديسين نفس المجد عند قيامتهم. لقد تحول أمامهم. ربما حدث التغيير تدريجيًا، من مجد إلى مجد، حتى أن التلاميذ الذين كانوا يراقبونه كل هذا الوقت كان لديهم الدليل الأوضح والأكثر يقينًا على أن هذه الرؤيا المجيدة لم تكن سوى يسوع المبارك، وأنها لم تكن وهمًا. العين. لا بد أن يوحنا كان يقصد هذا عندما تحدث عن كلمة الحياة، التي رأوها بأعينهم وتأملوها، 1 يوحنا 1: 1. أصبحت ثيابه لامعة، وإذا كانت حتى الآن داكنة، إن لم تكن سوداء، فقد أصبحت الآن بيضاء جدًا، مثل الثلج، كما لا يمكن للمبيض على الأرض أن يبيض.

4. كان شركاؤه في هذا المجد موسى وإيليا، الآية 11. 4. لقد ظهروا وتحدثوا مع يسوع، لا ليعلموه، بل ليشهدوا له ويتعلموا منه. ومن هذا يتضح أن محادثات واتصالات تجري بين القديسين الممجدين، يتحدثون عن شيء لا نستطيع أن نفهمه. عاش موسى وإيليا في حالة الكمال أوقات مختلفةولكن لا فرق في السماء، حيث يكون الأولون آخرًا والآخرون أولًا، لأن الجميع واحد في المسيح.

5. إن الفرح الكبير الذي حصل عليه التلاميذ من رؤية هذه الرؤيا وسماع هذا الحديث، عبّر عنه بطرس، الذي كان بمثابة فم جميع الآخرين. قال: ربي! من الجيد أن نكون هنا يا آرت. 5. على الرغم من أن المسيح قد تجلى وتكلم مع موسى وإيليا، إلا أنه أعطى بطرس الفرصة للتحدث معه والتواصل معه بحرية كالعادة. ملحوظة. إن ربنا يسوع، في جلاله ومجده، يظل لطيفًا مع شعبه. كثيرون، وهم في قمة العظمة، يجبرون أصدقاءهم على الابتعاد عنهم، ولكن بالنسبة ليسوع، حتى الممجد، يمكن دائمًا للمؤمنين الحقيقيين أن يأتوا بجرأة ويتحدثوا معه بحرية. حتى في هذا الحديث السماوي كان هناك مكان لبطرس ليُدخل فيه كلمة، فيقول: "متساويون!" من الجيد لنا أن نكون هنا، من الجيد لنا أن نكون هنا؛ فلنصنع ثلاث مظال ونبقى هنا إلى الأبد». ملحوظة. تعتبر النفوس المباركة أنه من الجيد لها أن تكون في شركة مع المسيح، وأن تكون بالقرب من المسيح، وأن تكون معه على الجبل، على الرغم من أن الجو بارد ومهجور هناك؛ من الجيد أن نكون هنا، بعيدًا عن العالم، بمفردنا مع المسيح. وإن كان حسنًا أن نكون مع المسيح المتجلى على الجبل، مع موسى وإيليا فقط، فكم يكون جيدًا مع المسيح الممجد في السماء مع جميع القديسين! وبينما كان بطرس يجادل من أجل البقاء على الجبل، نسي ضرورة حضور المسيح بين الناس، وكذلك ضرورة الكرازة برسله. وفي هذا الوقت بالذات كان التلاميذ الآخرون في حاجة ماسة إليهم، v. 14. ملاحظة. عندما نقوم بعمل جيد، فإننا نميل إلى عدم المبالاة بالآخرين؛ نستمتع بكثرة الخيرات وننسى احتياجات إخوتنا. لقد أظهر بطرس ضعفاً عندما فضل الشركة الشخصية مع المسيح على المنفعة العامة. كان بولس مستعدًا للبقاء في الجسد، وعدم الاعتزال إلى جبل المجد (مع أنه أفضل بما لا يقاس هناك)، مدركًا مدى أهميته للكنيسة، فيلبي ١: ٢٤، ٢٥. تحدث بطرس عن بناء ثلاث مظال منفصلة لموسى وإيليا والمسيح، وهو اقتراح متهور: هناك انسجام تام بين الناموس والأنبياء والإنجيل، بحيث يمكن أن تحتوي خيمة واحدة على كل منهم، لأنهم جميعًا في وحدة. ولكن، مهما كان ما قاله من حماقة، فقد يُعذر، لأنهم كانوا جميعًا في خوف، وهو من جانبه لم يعرف ماذا يقول (الآية 6)، ولا ما ستكون نتيجة ذلك.

6. الصوت من السماء أكد مهمة وساطة المسيح، الآية 5. 7. فظهرت سحابة فظللتهم فكانت لهم ملجأ. تحدث بطرس عن بناء المظال للمسيح وأصدقائه، لكن انظر كيف تغير مشروعه: فبينما هو يتكلم، نزلت عليهم سحابة بدلاً من المسكن لتغطيهم (إشعياء 4: 5)؛

وبينما كان يتحدث عن المظال، خلق الله مسكنه غير مصنوع بأيدٍ. ومن هذه السحابة (التي كانت مجرد ظل للمجد العظيم الذي يتكلم عنه بطرس والذي جاء منه الصوت) أُعلن: هذا هو ابني الحبيب؛ استمع اليه. الله يعترف به ويقبله كابنه الحبيب، وفيه هو مستعد لقبولنا. لذلك، يجب علينا أن نعترف به ونقبله كمخلصنا الحبيب ونخضع لإرشاده.

7. الرؤيا، التي كانت تهدف فقط إلى جعل التلاميذ يسمعون الصوت، اختفت فورًا بعد ظهورها (الآية 8): وفجأة، نظروا حولهم، مندهشين من الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه، ولم يروا أحدًا آخر معهم - اختفى كل شيء. لم يعودوا يرون إيليا وموسى، بل بقي معهم يسوع فقط، ولم يتغير، بل كما كان من قبل. ملحوظة. المسيح لا يترك النفس حتى عندما يغادرها الفرح والعزاء غير العاديين. على الرغم من أن الشركة الملموسة والمبهجة قد تنتهي، إلا أن تلاميذ المسيح سيكون لهم حضوره المعتاد معهم دائمًا، حتى نهاية الدهر؛ وهذا ما يجب أن نعتمد عليه. فلنشكر الله على خبزنا اليومي ولا نتوقع وليمة دائمة أثناء وجودنا هنا.

8. حوار المسيح مع التلاميذ أثناء نزولهم من الجبل.

(1) أمرهم أن يكتموا كل ما حدث على الجبل في سرية تامة حتى يقوم من بين الأموات، وبذلك تكتمل سلسلة الأدلة على رسالته الإلهية. ثم سيعلنون عن تحوله مع كل الأدلة الأخرى، v. 9. علاوة على ذلك، كونه في حالة من الإذلال، لم يرد أن ينكشف بطريقة أو بأخرى عدم اتساقه مع هذه الحالة، لأنه سعى إلى التوافق معها في كل شيء. هذا الشرط بالصمت يمكن أن يفيد التلاميذ أيضًا - لحمايتهم من التفاخر بقربهم من المسيح الذي سمح لهم به، حتى لا يفتخروا بكثرة الإعلانات. ليس من السهل الالتزام بقسم الصمت بشأن تفوقك، لكنه يساعد على تجنب الكبرياء.

(٢) كان التلاميذ في حيرة بشأن ما يمكن أن تعنيه القيامة من الأموات؛ لم يتمكنوا من تكوين أي فكرة عن موت المسيح (لوقا 18: 34)، ولذلك أرادوا أن يظنوا أن المسيح تكلم عن القيامة بمعنى مجازي، أنه سيقوم من حالته المتواضعة الحاضرة إلى المجد. والسيادة التي توقعوها. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإن شيئًا آخر لا يزال يربكهم (الآية ١١): فكيف يقول الكتبة إنه وفقًا للتسلسل الزمني لنبوات العهد القديم، يجب أن يأتي إيليا قبل ظهور المسيح في المجد؟ - إيليا يجب أن يأتي أولا؟ ولكن إيليا غادر، وكذلك موسى. وكانت الصعوبة التي واجهوها بسبب أن الكتبة علموهم أن يتوقعوا إيليا شخصيًا، بينما تحدثت النبوة عن آتي بروح إيليا وقوته. ملحوظة. إن سوء فهم الكتاب المقدس هو عائق خطير أمام قبول الحق.

(٣) أعطاهم المسيح المفتاح لفهم النبوة المتعلقة بإيليا، الآية ٥. ١٢، ١٣. «في الواقع، كانت هناك نبوة بأن إيليا سيأتي ويرتب كل شيء، ويعيد الجميع إلى الحالة الصحيحة؛ كما تم التنبؤ (على الرغم من أنك لا تريد أن تفهم ذلك) أن ابن الإنسان يجب أن يعاني كثيرًا ويذل ويتحمل اللوم والإذلال من الناس. لا يخبرك الكتبة بهذا، لكن الكتاب المقدس يفعل ذلك، ولديك كل الأسباب لتوقع هذا، وكذلك كل شيء آخر مكتوب فيه، ولا تعتبره غريبًا. أما إيليا فقد جاء، ولو فكرت قليلاً ستفهم من أقصد، الذي فعلوا به كما أرادوا. كانت هذه الكلمات تنطبق تمامًا على يوحنا المعمدان، الذي عومل بطريقة شريرة جدًا. يرى كثير من القدماء، وخاصة البابويين، أنه بالإضافة إلى مجيء يوحنا المعمدان بروح إيليا، يجب أن نتوقع قبل مجيء المسيح الثاني مجيء إيليا الشخصي على صورته، مع أخنوخ، ومن المفترض أن نبوة ملاخي ستتحقق بشكل أكمل مما كانت عليه في يوحنا المعمدان. ومع ذلك، هذه خيالات لا أساس لها من الصحة. لقد جاء إيليا الحقيقي، مثل المسيح الموعود الحقيقي، ولا نحتاج إلى انتظار آخر. الكلام كما كتب عنه لا يشير إلى عبارة «عاملوه كما أرادوا» (وهي جملة تمهيدية)، بل إلى وصوله فقط. لقد جاء وعاش وعمل كل ما هو مكتوب عنه.

الآيات 14-29. أمامنا قصة طرد المسيح شيطانًا من صبي، موصوفة هنا بشكل أكمل مما ورد في متى ١٧: ١٤ وما يليها. دعونا نلاحظ ما يلي:

1. عودة المسيح إلى تلاميذه الذين وجدهم في ارتباك شديد. وبعد أن خلع ثياب المجد، جاء لينظر إلى أولاده ويكتشف ما بهم. إن مجد المسيح السماوي لن يجعله ينسى شؤون الكنيسة الأرضية، فهو يزورها بتواضع عظيم، v. 14. لقد جاء المسيح في الوقت المناسب جدًا، لأن تلاميذه وجدوا أنفسهم في موقف صعب، فهزموا: واكتسب الكتبة، أعداء المسيح اللدودون وتلاميذه، ميزة عليهم. وأتوا بشاب به روح نجس، فلم يقدروا أن يخرجوا الشيطان. ونتيجة لذلك، بدأ الكتبة يهينونهم، ويهينون معلمهم، وينتصرون كما لو أن زمانهم قد جاء. ورأى المسيح الكتبة يتجادلون معهم أمام جمع كثير من الناس. وربما أصيب بعضهم بالصدمة مما كان يحدث. فلما نزل موسى من الجبل وجد معسكر بني إسرائيل في حالة اضطراب شديد. وهكذا شعرنا بسرعة بغياب موسى والمسيح. لقد كانت عودة المسيح، بلا شك، مرغوبة جدًا بالنسبة للتلاميذ وغير مرحب بها بالنسبة للكتبة. لكن ما يستحق اهتمامًا خاصًا هو أن هذه كانت مفاجأة كبيرة للناس، الذين ربما كانوا على استعداد بالفعل للقول: أما بالنسبة بيسوع هذا، فلا نعرف ماذا حدث له. عندما رأوه قادمًا نحوهم مرة أخرى، اندهش الناس (في بعض النسخ تمت إضافة: kai exefobhqhsan - وكانوا خائفين)، وركضوا وسلموا عليه. ليس من الصعب أن نفهم لماذا كانوا سعداء جدًا برؤيته، ولكن لماذا اندهشوا، وهل اندهشوا كثيرًا؟ وربما كان قد بقي في وجهه شيء عجيب، مثل موسى الذي أضاء وجهه عند نزوله من الجبل، مما جعل الشعب يخاف من الاقتراب منه (خروج 34: 30). وربما حدث شيء مماثل مع وجه المسيح؛ على الأقل، بدلًا من أي علامات تعب، ظهرت في ظهوره حيوية رائعة ونشاط، مما أثار دهشة الناس.

ثانيا. لقد عرض على المسيح موقف ترك التلاميذ في حيرة. فالتفت إلى الكتبة، عالمًا أنهم دائمًا ما يزعجون تلاميذه ويضايقونهم في كل مناسبة: "في ماذا تجادلونهم؟ ما الذي تتشاجران بشأنه هذه المرة؟" ولم يعط الكتبة أي إجابة، وكانوا مضطربين في حضوره. ولم يقل التلاميذ شيئا، لأنهم تشجعوا وأسلموا كل شيء في يديه. أخبر والد الصبي ما هو الأمر، الفن. 17، 18.

1. كان ابنه ممسوسًا بروح أبكم - وكان يعاني من مرض السقوط، وأثناء النوبات أصبح صامتًا. وكان حاله يرثى له للغاية، لأنه حيثما كان يعاني من نوبة، كان الروح يقبض عليه ويطرحه على الأرض، ويعرضه لتشنجات شديدة، كما لو كان يريد أن يمزقه. وما كان مؤلمًا له بشكل خاص وفظيعًا لمن حوله هو أنه كان يخرج رغوة من فمه ويصر بأسنانه كأنه من ألم شديد ومعاناة. وعلى الرغم من أن النوبات سرعان ما توقفت، إلا أنها أرهقته كثيرًا لدرجة أنه أصبح مخدرًا وبدا وكأنه رجل ميت؛ وقد يبست لحمه، هذا هو معنى الكلمة (مز 111: 4-6). كان هذا عذابًا مستمرًا للأب المحب.

2. لم يستطع التلاميذ أن يقدموا له أدنى راحة: "لقد قلت لتلاميذك أن يخرجوه، لأنهم كانوا يخرجون كثيرين وكانوا سيطردون هذا بفرح، لكنهم لم يستطيعوا، لذلك أتيت في الوقت المناسب كما لم يحدث من قبل. أيها المعلم، لقد قدمت ابني إليك."

ثالثا. التوبيخ موجه إلى جميع المجتمعين (الآية 19): أيها الجيل غير المؤمن! كم من الوقت سوف أكون معك؟ إلى متى سأتحملك؟ ويرى الدكتور هاموند أن المسيح يتحدث هنا إلى تلاميذه، ويؤنبهم لعدم ممارسة القوة التي أعطاهم إياها، وعدم الصوم والصلاة كما أمرهم في بعض الحالات. لكن الدكتور ويتبي ينسب هذا التوبيخ إلى الكتبة الذين فرحوا بفشل التلاميذ وتمنّوا أن يطيحوا بهم من خلاله. يدعوهم المسيح بالجنس غير الأمين، ويقول عن نفسه أنه قد سئم من وجوده معهم، ومن اضطراره إلى احتمالهم. ولم نسمعه قط يشتكي: "إلى متى أبقى في هذا الوضع المهين وأتحمله؟" لا، بل: "إلى متى أظل في وسط هذا الشعب الخائن، إلى متى أحتملهم؟"

رابعا. حالة الشباب المؤسفة التي كان فيها عندما اقتيد إلى المسيح، والوصف المحزن لهذه الحالة الذي قاله والده. عندما رأى الشاب المسيح، أصابته نوبة: هزه الروح، كما لو كان الشيطان يتحدى المسيح على أمل أن تكون هذه الحادثة صعبة عليه حتى، وأن يحتفظ بسلطته على الضحية. سقط الشاب على الأرض واستلقى هناك، ينبعث منه رغوة. يمكننا أن نقدم تفسيرًا آخر: كان الشيطان غاضبًا، واغتاظ بشدة، عالمًا أنه لم يبق له الكثير من الوقت، رؤ 12: 12. فسأل المسيح: منذ متى حدث له هذا؟ ويبدو أن هذا المرض كان طويلًا، إذ أصابه منذ طفولته (الآية 21)، مما جعل حالته أكثر حزنًا، وعلاجه أصعب. نحن جميعًا بالطبيعة أبناء المعصية، والروح الشرير يعمل في أبناء المعصية، وهذا يبدأ منذ طفولتنا. لأن الغباء قد تعلق بقلب الشاب، ولا يمكن لنعمة المسيح أن تخرجه من هناك إلا بنعمة المسيح.

5. يقدم والد الصبي حججًا مقنعة للمسيح، طالبًا الشفاء (الآية 22): وكثيرًا ما ألقاه الروح في النار وفي الماء ليهلكه؛ ولكن، إذا كنت تستطيع، أشفق علينا وساعدنا.

ملحوظة. يسعى الشيطان إلى تدمير أولئك الذين يعمل فيهم ويسيطر عليهم، يبحث عن من يستطيع أن يلتهمهم. ولكن إذا استطعت، أشفق علينا وساعدنا. كان الأبرص (متى 8: 2) مقتنعًا بقوة المسيح، لكنه اعترف إذا كان ذلك فيما يتعلق بإرادته: "إن أردت تقدر... هذا الرجل البائس نفسه اعتمد على نعمة المسيح، لكنه قال إن كان، معبرًا عن ذلك". شك في قدرته، إذ كان تلاميذه الذين يخرجون الشياطين باسمه عاجزين في هذه الحالة. وهكذا، بسبب فشل التلاميذ وحماقتهم، تضرر كرامة المسيح.

السادس. جواب المسيح على هذه الكلمات (الآية 23): إن استطعت أن تؤمن قليلاً، فكل شيء مستطاع للمؤمن.

1. وبخه المسيح بلطف على ضعف إيمانه. المتألم شكك في قوة المسيح: إن استطعت، وأشار إلى قلة قوة التلاميذ. لكن المسيح يلقي مسؤولية ذلك على عاتقه، ويحثه على اختبار إيمانه، ويعزو خيبة أمله إلى عدم وجوده: "إن كنت تستطيع أن تؤمن على الإطلاق..."

2. يقوي بقوة رغبته بسخاء: "كل شيء مستطاع، كل شيء مستطاع لمن يؤمن بقدرة الله القديرة، الذي كل شيء مستطاع له". أو: "لأولئك الذين يؤمنون بوعد الله، فإن نعمته ستفعل ما يبدو مستحيلاً تمامًا". ملحوظة. في علاقتنا مع المسيح، يعتمد الكثير على إيماننا، وهو موعود بالكثير. هل تصدق؟ هل تجرؤ على الاعتقاد؟ هل أنت مستعد أن تقرر تسليم نفسك بين يدي المسيح؟ هل تسلّم له كل همومك الروحية واليومية؟ هل لديك الشجاعة للقيام بذلك؟ إذا كان الأمر كذلك، فلا شيء مستحيل، وعلى الرغم من أنك خاطئ عظيم، يمكنك أن تجد السلام مع الله؛ على الرغم من أنك شخص تافه وغير مستحق، إلا أنه يمكنك الوصول إلى الجنة. إذا كنت تستطيع أن تؤمن قليلاً، فيمكن أن يلين قلبك القاسي، ويمكن أن تشفى الأمراض الروحية، وبغض النظر عن مدى ضعفك، يمكنك الصمود حتى النهاية.

سابعا. اعتراف إيمان الرجل البائس الذي أعقب ذلك، v. 24؛ صرخ: «أؤمن يا رب. أنا مقتنع تمامًا بقوتك ورحمتك. أتمنى ألا يصبح عدم إيماني عائقًا أمام الشفاء، أؤمن يا رب! ويضيف طلبًا بأن النعمة قد تمكنه من الاعتماد بشكل أكثر ثباتًا على اليقين بأن المسيح قادر وراغب في خلاصه: "أعن عدم إيماني". ملحوظة:

1. حتى أولئك الذين بنعمة الله يستطيعون أن يقولوا: أعتقد، يا رب، أن لديهم سببًا للشكوى من عدم إيمانهم، ومن عدم قدرتهم على تطبيق كلمة المسيح بسهولة على أنفسهم وعلى وضع حياتهم والاعتماد عليها بفرح. .

2. على المتذمرين من عدم الإيمان أن يلجأوا إلى المسيح من أجل النعمة ليعينهم على ذلك، فتكفيهم نعمته. "أعن عدم إيماني. اغفر لي عدم إيماني، وأعطني القوة للتغلب عليه، واملأ ما ينقص إيماني بنعمتك، التي تكتمل قوتها في الضعف.

ثامنا. شفاء الصبي والانتصار على الشيطان الشرس الذي كان يملكه. عندما رأى المسيح أن الناس يأتون وهم يركضون، ويريدون أن يروا كيف سينتهي اختبار القوة هذا، لم يعد يبدأ في إبقاء أولئك المجتمعين في حيرة ولاحظوا الروح النجسة. ملحوظة:

1. ما هو أمر المسيح، الذي لم يُعط لروح نقي: "الروح الأخرس الأصم، الذي جعل الشاب البائس أصمًا وأبكمًا، الآن تسمع حكمك ولا تستطيع أن تقول شيئًا عليه، أنا آمرك: اخرج منه فورًا ولا تدخله بعد الآن. أتمنى ألا يتخلص من هذا الهجوم فحسب، بل أتمنى ألا تتكرر هذه الهجمات مرة أخرى أبدًا”. ملحوظة. ومن يشفيه المسيح فإنه يشفيه بالتمام. يمكن للشيطان نفسه أن يخرج، ولكن في نفس الوقت يحتفظ بالسلطة على الإنسان؛ فإن طرده المسيح، فسيبقيه خارج الإنسان.

2. كيف أدركه الروح النجس. وازداد غضبه: فصرخ وهزه بعنف، وأخضع الصبي لتشنجات عندما تركه حتى أصبح كما لو كان ميتًا. لذلك لم يرد أن يترك ممتلكاته، وكان منزعجًا جدًا من قوة المسيح التي تجاوزته، وكره الصبي كثيرًا وأراد أن يقتله. وقال كثيرون أنه مات. وقد تتعرض النفس لمثل هذه الصدمة الرهيبة لحظة سحق قوة الشيطان فيها، لكنها تفتح له باب السلام الأبدي.

3. شُفي الصبي تمامًا (الآية 27): أمسك يسوع بيده وأمسك به بقوة وأقامه بيد قوية، فقام وصار سليمًا تمامًا.

تاسعا. السبب الذي ذكره المسيح عن سبب عدم تمكن تلاميذه من إخراج هذا الشيطان. سأله التلاميذ على انفراد لماذا لا يستطيعون طرده، حتى يتمكنوا في المرة القادمة من فعل ما فشلوا في فعله الآن، ولا يخزوا أنفسهم أمام الجميع. ولهذا قال لهم (الآية 29): هذا الجيل لا يمكن أن يخرج إلا بالصلاة والصوم. ما هو الفرق الآخر الذي يمكن أن يكون بين هذا وعرق آخر ليس واضحًا، ولكن هناك شيء واحد واضح، وهو أن هذه الروح النجسة امتلكت الصبي البائس منذ الطفولة، وهذا عزز قوته وأكد هيمنته عليه. وعندما تترسخ العادات الشريرة نتيجة الاستخدام المطول، فإنها تطالب بحقها في التوصفة، مثل الأمراض المزمنة التي يصعب علاجها. هل يستطيع الإثيوبي أن يغير جلده؟ لم يكن من المتوقع من التلاميذ أن يؤدوا عملهم بنفس السهولة في جميع الأوقات؛ في بعض الحالات قد يُطلب منهم بذل جهد أكثر من المعتاد. وحده المسيح يستطيع أن يفعل بكلمة واحدة ما يجب أن يحققوه بالصوم والصلاة.

الآيات 30-40. 1. المسيح يتنبأ بمعاناته الوشيكة. لقد اجتاز الجليل بسرعة أكبر من المعتاد، ولم يرد أن يعرف أحد (الآية 30)، لأنه قد قام بالفعل بالعديد من الأعمال العظيمة والصالحة بينهم عبثًا؛ فلن يرونها ويستفيدوا منها كما كان من قبل. لقد كان وقت معاناته قريبًا جدًا، لذلك أراد أن يكون وحده ويجتمع فقط مع تلاميذه، لإعدادهم للتجربة القادمة، الآية 10. 31. فقال لهم: إن ابن الإنسان، بحسب قضاء الله وعلمه السابق، سيُسلَّم إلى أيدي الناس (الآية 31)، سأقتله. لو تم تسليمه إلى أيدي الأرواح الشريرة وكانت ستعذبه، لما كان الأمر غريبًا إلى هذا الحد؛ لكن حقيقة أن الأشخاص الذين لديهم العقل وكان ينبغي أن تكون لديهم المحبة يكرهون ابن الإنسان، الذي جاء ليحررهم ويخلصهم، يظل أمرًا غير قابل للتفسير. لكن اللافت للنظر أن المسيح عندما كان يتحدث عن موته كان يتحدث دائمًا عن قيامته التي كان من المفترض أن تزيل عنه عارها وتزيل الحزن عن تلاميذه. لكنهم لم يفهموا هذه الكلمات، v. 32. كانت الكلمات بسيطة للغاية، لكنهم لم يتمكنوا من التوفيق مع ما كانوا يتحدثون عنه، لذلك أرادوا أن يروا فيها نوعًا من المعنى الغامض، الذي لم يفهموه، وكانوا خائفين من سؤاله؛ ليس لأن المسيح كان صعب الوصول إليهم أو كان قاسياً مع أولئك الذين يلجأون إليه، لا، بل لأنهم إما لم يكونوا مستعدين لمعرفة الحقيقة، أو ظنوا أنه سيلومهم على عدم رغبتهم في قبولها. كثيرون يظلون جاهلين لأنهم يخجلون من السؤال.

ثانيا. المسيح يوبخ التلاميذ على تمجيدهم لذاتهم. عند وصوله إلى كفرناحوم، سأل تلاميذه على انفراد عما كانوا يتناقشون فيما بينهم في الطريق، ع2. 33. كان المسيح يعرف جيدًا ما كانوا يتجادلون حوله، لكنه أراد أن يسمع منهم أنفسهم، وأرادهم أن يعترفوا له بخطيئة وحماقة تفكيرهم. ملحوظة:

1. يجب علينا جميعًا أن نكون مستعدين لحقيقة أن ربنا سوف يحاسبنا على كل ما يحدث لنا خلال رحلتنا الأرضية على طريق التجارب.

2. وبشكل خاص، سوف نحاسب على أحاديثنا فيما بيننا، لأننا بكلامنا إما نتبرر أو ندان.

3. تمامًا كما سيتم تذكر حججنا مع بعضنا البعض على طول الطريق، وخاصة النزاعات، وسيتعين علينا تقديم حساب عنها.

4. من المؤكد أن المسيح سوف يطلب من تلاميذه حساباً عن نزاعاتهم حول الأولوية والأقدمية؛ كان هذا بالتحديد موضوع المناقشة في هذه الحالة: من هو الأكبر الفن. 34. لا شيء يتعارض بقوة مع أعظم قانونين في ملكوت المسيح، اللذين يعلمهما في مدرسته ويظهر بمثاله، قوانين التواضع والمحبة، مثل الرغبة في العلو في هذا العالم والجدال حوله. لقد حاول في كل الأوقات قمع هذه المشاعر غير الصحية، لأنها انبثقت من فهم خاطئ لطبيعة مملكته (كمملكة هذا العالم) وكان لها ميل مباشر إلى إذلال كرامة وتشويه سمعة نقاء إنجيله، و كما هدد المسيح، كما تنبأ، خطرا مميتا على الكنائس. لذا:

(1) أرادوا أن يخفوا ذلك (ع34): سكتوا.... كما عندما لم يسألوا (ع32)، لأنهم خجلوا من الاعتراف بجهلهم، لذلك هنا لم يجيبوا، تخجل من امتلاكها.كبرياءك.

(2) أراد أن يصحح خطأهم ويصلحهم، فجلس يطول الحديث معهم في الموضوع. فدعا الاثني عشر وقال لهم:

أنهم بطموحهم وحبهم للألقاب والسلطة لن ينالوا الصدارة في مملكته فحسب، بل سيفقدونها: من أراد أو وضع هدفه أن يكون الأول، يكون الأخير، ومن يرفع نفسه يذل - كبرياء الإنسان يذله.

أن تكون فوق الآخرين لا يعني ميزة، بل فرصة مواتية لعمل أكبر وتسامح أكبر تجاه الآخرين، كما أنه واجب تجاه كليهما: من يريد أن يكون الأول عليه أن يعمل أكثر ويخدم الجميع. ومن يريد الأسقفية يرغب في عمل صالح، إذ ينبغي له، على مثال الرسول بولس، أن يجتهد ويكون خادمًا للجميع.

أن الأشخاص الأكثر تواضعًا ونكران الذات يشبهون المسيح أكثر من غيرهم، وسوف يقبلهم بحنان أكبر. فأخذ الطفل الذي لم يكن عنده كبرياء ولا طموح، واحتضنه وقال لهم:

"هوذا من قبل طفلاً مثل هذا فقد قبلني. الأشخاص ذوو التصرفات المتواضعة والوديعة واللطيفة - هؤلاء هم الأشخاص الذين أعرفهم وسأفضلهم؛ وأحث الجميع على أن يفعلوا الشيء نفسه، وسوف أعتبر ما يحدث لهم كما حدث من أجلي شخصيًا؛ هكذا يفعل أبي، لأن الذي يقبلني يقبل أيضاً الذي أرسلني. يُحسب له ويُجزى بسخاء».

ثالثا. يوبخهم المسيح على إذلال الجميع ما عدا أنفسهم. ولما اكتشفوا من منهم أعظم، حرموا من لم يتبعهم. ملحوظة:

1. رسالة يوحنا للمسيح حول أنهم منعوا شخصًا واحدًا من استخدام اسمه لأنه لم يكن واحدًا منهم. على الرغم من أن التلاميذ كانوا يخجلون من الاعتراف بأنهم تجادلوا حول تفوقهم، إلا أنهم في الوقت نفسه بداوا فخورين بحقيقة أنهم مارسوا سلطتهم، وتوقعوا أن المعلم لن يبرر تصرفاتهم فحسب، بل أيضًا الثناء عليه. كانوا يأملون ألا يوبخهم بعد الآن على رغبتهم في أن يكونوا عظماء، بعد أن استخدموا قوتهم للدفاع عن شرف الجماعة المقدسة. قال يوحنا: "يا معلم، قد رأينا إنسانًا يخرج الشياطين باسمك، ولا يتبعنا" (ع3). 38.

(1) من الغريب أن الشخص الذي لم يعترف بنفسه كتلميذ وتابع للمسيح يجب أن يكون له مع ذلك القدرة على إخراج الشياطين باسمه، لأنه يبدو أن هذا كان من اختصاص المدعوين فقط. به، الفصل 6: 7. يقترح البعض أن هذا كان تلميذاً ليوحنا، وأنه استخدم اسم المسيح، الذي لم يأت بعد، بل سيأتي، وهو لا يعلم أن يسوع هو المسيح. والأغلب أنه استخدم اسم يسوع معتقدًا، كغيره من التلاميذ، أنه المسيح. ولماذا لا يستطيع أن ينال هذه القوة من المسيح، الذي روحه كالريح تهب حيث تشاء، دون دعوة مرئية كالرسل؟ وربما كان هناك الكثير منهم. نعمة المسيح لا تقتصر على الكنيسة المنظورة.

(2) ومن العجيب أن الذي يخرج الشياطين باسم المسيح لم ينضم إلى الرسل ولم يتبع المسيح معهم، بل استمر في العمل منفصلاً عنهم. ولا أعلم شيئًا يمكن أن يمنعه من اتباعهم، سوى أنه لم يكن مستعدًا لترك كل شيء؛ إذا كان الأمر كذلك، كان مبدأ سيئا. لم يكن هذا يبدو جيدًا، ولذلك منعه التلاميذ من استخدام اسم المسيح كما فعلوا، إذا كان لا يريد أن يتبعه كما اتبعوا هم. وهذا مشابه لقول يشوع عن ألداد ومؤداد اللذين تنباا في المحلّة ولم يأتا إلى باب المسكن: «يا سيدي موسى! "وبخهم (عد 11: 28)، أسكتهم، لأن هذا انشقاق." وبنفس الطريقة نميل إلى أن نتخيل أن أولئك الذين لا يتبعون المسيح معنا لا يتبعونه على الإطلاق، وأن أولئك الذين لا يفعلون كل شيء مثلنا لا يفعلون شيئًا صالحًا. لكن الرب يعرف خاصته، مع أنهم متبددون. وهذا المثال يحذرنا من ذلك، مدفوعين بغيرة مفرطة من أجل وحدة الكنيسة وما نؤمن به قناعة راسخةولم يعارض، بحق وحسن، ما يساهم في خلق الكنيسة وتعزيز مصالحها الحقيقية، ولو بطريقة مختلفة.

2. اللوم الذي قدمه المسيح لهذا، v. 39: قال يسوع: «لا تمنعوه ولا أحدًا أن يفعل مثل ذلك». وقال موسى مثل ذلك ليشوع: أما تغار علي؟ ملحوظة. ولا يجوز تحريم الخير والمنفعة، مع وجود بعض النقائص والتصرفات الخاطئة. طرد الشياطين، أي تدمير مملكة الشيطان، والقيام بذلك باسم المسيح، مما يعني الاعتراف بمهمته الإلهية، وتكريمه كمصدر النعمة، والوعظ ضد الخطيئة ولصالح المسيح، هو أمر جيد جدًا. عمل صالح لا يجوز منعه إلا من أحد - لأنه لا يتبعنا. قال بولس إنه يفرح وسيفرح بالكرازة بالمسيح، ولو ظلل على نفسه، فيلبي 1: 18. يقدم المسيح سببين لعدم حظر ذلك.

(1) لأنه لا يمكن أن يسمح لمن يصنع المعجزات باسم المسيح أن يفتري على اسمه كما فعل الكتبة والفريسيون. صحيح أنه كان هناك من يخرجون الشياطين باسم المسيح، ولكنهم في نفس الوقت كانوا فعلة إثم، لكنهم لم يفتريوا على المسيح.

(2) لأن أولئك الذين لديهم اختلافات في مسألة الشركة، ولكنهم متحدون في النضال ضد الشيطان تحت راية المسيح، يجب أن ينظروا إلى بعضهم البعض كأنصار. ومن ليس ضدك فهو معك. وعن الخلاف الأكبر بين المسيح وبعل زبول قال: "من ليس معي فهو عليّ" (متى 12: 30). ومن لا ينتمي للمسيح فهو ينتمي للشيطان. ولكن فيما يتعلق بأولئك الذين ينتمون إلى المسيح ويتبعونه، على الرغم من أنهم ليسوا بعدنا، يجب أن نعترف بأنهم ليسوا ضدنا، وبالتالي بالنسبة لنا، ولا ينبغي أن نخلق أي عقبات أمام أنشطتهم المفيدة.

الآيات 41-50. 1. يعد المسيح بمكافأة لكل من يُظهِر أي لطف مع تلاميذه (الآية 41): "وَمَنْ يُعْطِيكُمْ كَأْسَ مَاءٍ (عندما تحتاجون إليها للقوة) باسمي (لأنكم للمسيح، لأنكم" من عائلتي) الحق أقول لك: إنه لا يضيع أجره». ملحوظة:

1. إنه لشرف وسعادة المسيحيين أنهم للمسيح، واتحدوا به، وهو يعترف بهم كخاصته. يلبسون ثياب العبيد في بيته. علاوة على ذلك، فإن علاقتهما وثيقة للغاية لدرجة أنهما أعضاء في جسده.

2. قد يجد الذين ينتمون للمسيح أنفسهم في بعض الأحيان في ظروف صعبة لدرجة أنهم يقبلون كأسًا من الماء البارد.

3. إن مساعدة أبناء الله المحتاجين في وقت حاجتهم هو عمل صالح، سيحسبه من يفعله: المسيح يقبله ويكافئه.

4. إن إظهار اللطف للفقراء من أبناء المسيح يجب أن يتم باسمه، على أساس أنهم للمسيح، فهذا ما يقدس اللطف ويجعله ذا قيمة في عيني الله.

5. ولهذا السبب لا ينبغي لنا أن نرفض دعم أو تثبيط أولئك الذين يخدمون مصالح ملكوت المسيح، مع أنهم لا يفكرون ويتصرفون دائمًا مثلنا. هذا هو السبب الموضح هنا لماذا لا ينبغي مقاومة أولئك الذين يخرجون الشياطين باسم المسيح، على الرغم من أنهم لا يتبعونه، لأنه (كما أعاد الدكتور هاموند صياغة كلمات المسيح): "أنا لا أقبل فقط العظماء المتميزين" الأعمال التي قمتم بها، يا أتباعي وتلاميذي الدائمين، لكن أي مظهر أضعف من مظاهر الإيمان الصادق، أي عمل مسيحي يعبر عن أصغر اللطف، مثل إعطاء كوب من الماء البارد لتلاميذي باسمي، سوف أقبله وأكافأ عليه. " إذا كان المسيح يعتبر اللطف معنا خدمة له، فعلينا أن نعتبر الخدمة له لطفًا بنا، ونشجع من يفعل ذلك، حتى لو لم يتبعونا.

ثانيا. إنه يهدد أولئك الذين يغوون هؤلاء الصغار، الذين يتعمدون منحهم فرصة للخطيئة أو الحزن، v. 42. من أزعج أو أساء إلى أحد من المسيحيين الحقيقيين، حتى أضعفهم، أو منعه من سلوك طريق الله، أو عرقله عن السير في هذا الطريق، أو منعه من العمل الصالح، أو جره إلى الخطيئة، فهو خير له. إذا تم تعليقه، فقد تم وضع حجر الرحى على رقبته وطرحوه في البحر: سيكون عقابه عظيمًا جدًا، وسيكون موت روحه وهلاكها أفظع من موت جسده وهلاكه المذكور هنا، انظر متى 18:6.

ثالثا. ويحذر جميع أتباعه من خطر تدمير أرواحهم. ويجب أن تبدأ هذه الصدقة في المنزل؛ إذا كان علينا أن نخاف من أن نصبح حجر عثرة للآخرين في طريق الخير وسببًا لخطيئتهم، فكم يجب أن نكون أكثر حرصًا على تجنب ما يمكن أن يعيقنا عن أداء واجبنا أو يقودنا في الخطيئة؛ يجب علينا أن نتخلى عن كل هذه الأشياء، مهما كانت عزيزة على قلوبنا. لقد قرأنا بالفعل عن هذا مرتين في متى، متى 5: 29، 30 و8: 8، 9. وهذا ما نناقشه هنا بمزيد من التفصيل وعلى وجه السرعة، وبالتالي يتطلب اهتمامنا البالغ.

يرجى الملاحظة:

1. من المفترض أن تغوينا أيدينا أو أقدامنا أو أعيننا؛ وأن النجاسة التي ننغمس فيها عزيزة علينا مثل العين أو اليد؛ أو: ما يكون لنا مثل عين أو يد يصبح تجربة غير مرئية للخطيئة، أو سببًا لها. لنفترض أن شيئًا نحبه أصبح خطيئة، أو شيئًا خاطئًا أصبح محبوبًا، وأننا لا نستطيع أن نحتفظ بشيء عزيز علينا دون أن يصبح فخًا لنا، وحجر عثرة، بحيث يجب علينا أن نفترق إما عن هذا الشيء العزيز علينا أو عنه. المسيح وبضمير صالح.

2. الواجب المقرر علينا في هذه الحالة: قلع عين، اقطع ذراعا ورجلا، أي: اقتل حبيبك، اصلبه، حاربه، لا تطعمه. دع الأصنام التي كانت موضع متعة تُطرح خارجًا كشيء حقير؛ ابتعد عن المغريات مهما كانت ممتعة. ويجب قطع العضو المصاب بالغرغرينا حفاظاً على الجسم بأكمله. وما لا يمكن علاجه يجب قطعه حتى لا يصاب الأعضاء الأصحاء بالعدوى. يجب أن نتحمل الألم حتى نتجنب الدمار، ويجب أن نرفض ذواتنا حتى لا نهلك.

3. لماذا من الضروري القيام بذلك. يجب أن يُميت الجسد حتى نتمكن من الدخول إلى الحياة (الآيات 43، 45)، إلى ملكوت الله، الآية 45. 47. رغم أننا بتركنا الخطيئة قد نشعر كما لو أننا أصبحنا أعرجًا ومقعدين (قد يبدو أننا نرتكب العنف ضد أنفسنا ونسبب بعض الإزعاج لأنفسنا)، إلا أن هذا ضروري من أجل الحياة (وللحياة سيظل الناس كذلك). يقدمون كل ما لديهم) من أجل الملكوت، ملكوت الله، الذي لا يمكن تحقيقه بأي طريقة أخرى. سيكون هؤلاء المقعدون والعرج بمثابة علامات الرب يسوع في ملكوت الله، وندوب الشرف.

4. لماذا من الخطر عدم القيام بذلك. السؤال يأتي كالتالي: إما أن تموت الخطية أو نموت نحن. إذا كانت دليلة تعيش في قلوبنا فسوف تخوننا؛ إذا أرشدتنا الخطية، فلا شك أنها ستضرنا؛ إذا احتفظنا بأيدينا وأعيننا ورجلينا فسنطرح معهم في جهنم. كثيرًا ما يحثنا مخلصنا على القيام بواجبنا من خلال الاستشهاد بعذابات الجحيم التي نعرض أنفسنا لها إذا واصلنا العيش في الخطية. بأي تعبير عن الرعب تتكرر الكلمات هنا ثلاث مرات: حيث دودهم لا يموت والنار لا تنطفئ. وهي مقتبسة من إشعياء 66:24.

(1) عذاب الخاطئ وندمه هو الدودة التي لا تموت. إنهم يلتصقون بالروح اللعينة مثل الديدان بالجسد الميت، ويعذبونها، ولا يتركونها بمفردها أبدًا حتى يلتهموها بالكامل. يا بني، تذكَّر أن هذه الدودة سوف تتغذى، وكم ستكون الكلمات رهيبة (أمثال 5: 12، 23): لماذا أبغضت التعليم! فالنفس التي هي غذاء لهذه الدودة لا تموت، يتكاثر فيها الدود، ويتحد معها، فلا يموت كلاهما. سوف يلوم الخطاة المدانون أنفسهم إلى الأبد، ويدينون، ويوبخون أنفسهم على حماقاتهم، والتي، مهما كانوا يحبونهم، سوف تلدغ في النهاية مثل الحية وتلدغ مثل الأفعى.

(2) إن غضب الله المسكوب على ضمير مذنب ومدنس هو نار لا تنطفئ، لأنه غضب الله الحي، الإله الأبدي، الذي مخيف الوقوع في يديه. ليس لروح النعمة أي تأثير على نفوس المدانين، لذلك لا شيء يمكن أن يغير نوعية المواد القابلة للاشتعال، والتي يجب أن تظل قابلة للاشتعال دائمًا. لا يمكن أن ينطبق عليهم أي استحقاق للمسيح، فلا شيء يمكن أن يهدئ أو يطفئ هذه النار. يشهد الدكتور ويتبي أنه ليس فقط الكنيسة المسيحية، ولكن أيضًا الكنيسة اليهودية كانت تعتقد دائمًا أن عذاب الجحيم أبدي. قال يوسف: كان الفريسيون يرون أن نفوس الأشرار تُعاقب بالعقاب الأبدي، وأن السجن الأبدي أُعد لهم. وقال فيلو أيضًا أن عقوبة الأشرار هي أن يعيشوا إلى الأبد وهم يموتون، وأن يتحملوا المعاناة الأبدية والعذاب الذي لن يتوقف أبدًا.

الآيتين الأخيرتين صعبتان الفهم إلى حد ما، ويختلف المفسرون في تفسير معناهما: فكل إنسان عمومًا، أو بالأحرى كل من يُلقى في جهنم، يُملح بالنار، وكل ذبيحة تُملح بالنار. ملح. لذلك، يكون الملح في داخلك.

نصت شريعة موسى على تمليح كل ذبيحة، لا للحفاظ عليها من الفساد (لأنها احترقت فورًا)، بل لتكون طعامًا لمائدة الله، إذ لا يؤكل لحم بدون ملح. وخاصة التقدمة (لاويين 2: 13).

إن الطبيعة البشرية، كونها فاسدة، ومن ثم تُدعى جسدًا (تك 6: 3؛ مز 77: 39)، يجب بطريقة أو بأخرى أن تمليح لكي تصبح ذبيحة لله. عندما يتم تمليح الأسماك (والأطعمة الأخرى، على ما أعتقد)، فإن ذلك يسمى حفظًا لاستخدامها في المستقبل.

مهمتنا الأساسية هي أن نقدم أنفسنا لنعمة الله كذبيحة حية (رومية 12: 1)، ولكي يقبلنا الله يجب أن نتملح بالملح، أي يجب قمع ميولنا الشريرة وقمعها. يجب أن يكون هناك طعم للنعمة في نفوسنا. هكذا يقال أيضًا أن تقدمة أو ذبيحة الأمم تكون مقبولة عند الله بتقديسها بالروح القدس، مثل الذبائح المملحة بالملح (رومية 15: 16).

يجب على أولئك الذين لديهم ملح النعمة أن يثبتوا أنهم يمتلكونه، وأن لديهم الملح في داخلهم، وأن يكون لديهم مبدأ حي للنعمة في قلوبهم، والذي يزيل كل ميولهم الخاطئة، وكل شيء يميل إلى الفساد الأخلاقي ويثير اشمئزاز الله أو ضميرنا. ، والذي يحدث بسبب الطعام المذاق. ويجب أن نتبل النشار دائمًا بهذا الملح حتى لا تخرج كلمة فاسدة من أفواهنا، وتسبب لنا نفس الاشمئزاز كما لو أننا أحضرنا قطعة من اللحم الفاسد إلى أفواهنا.

هذا الملح المبارك سيحفظ ضميرنا من التجربة، وكذلك سلوكنا مع الآخرين، حتى لا نسيء إلى أي من هؤلاء الصغار الذين هم للمسيح، بل نكون في سلام بعضنا مع بعض.

لا يجب أن نمتلك ملح النعمة هذا فحسب، بل يجب أيضًا أن نحافظ إلى الأبد على طعمه وخصائصه المميزة، لأنه إذا لم يكن الملح مملحًا، إذا ارتد المسيحي عن مسيحيته، إذا فقد نكهته ولم يقع تحت تأثيره، فإنه يفسد. لن تمتلك القوة، فما الذي يمكن أن يستعيدها، كيف ستصححها؟ وهذا مذكور أيضًا في متى 5: 13.

أولئك الذين لا يرغبون في تقديم أنفسهم كضحية حية لنعمة الله سيكونون ضحية لعدله يموتون إلى الأبد؛ وبما أنهم لم يريدوا أن يعطوا له المجد، فإنه سينال مجده منهم؛ لم يريدوا أن يملحوا بملح النعمة الإلهية، ولم يريدوا قبولها لإخضاع ميولهم الشريرة لها، ولم يريدوا أن يخضعوا لعملها، ولم يستطيعوا تحمل تأثيرها المدمر الضروري ل تدمير الجسد المتكبر - بالنسبة لهم كان بمثابة قطع اليد أو قلع العين، لذلك في العالم السفلي سيتم مملحهم بالنار. وسوف يُمطر عليهم جمرًا (حز 10: 2)، كما يُمطر الملح على الخبز والكبريت (أيوب 18: 15)، تمامًا كما أمطر النار والكبريت على سدوم. فالملذات التي يعيشون فيها ستأكل أجسادهم كالنار (يعقوب 5: 3). إن المعاناة التي تصاحب إماتة الجسد، مقارنة بعقوبة عدم إماتته، هي تمليح مقارنة بالحرق. قال المسيح أن النار في جهنم لا تنطفئ، وبما أنه يمكن الاعتراض على هذا القول بأن النار لا يمكن أن تحترق إلى الأبد، فهو يوضح هنا أنها بقوة الله ستحترق دائمًا: أولئك الذين يُلقون في جهنم سوف يكتشفون أن نارها لا تحتوي فقط على خاصية تآكل الملح، ولكن أيضًا خاصية الحفاظ عليها، ولهذا السبب يستخدم اسمها عادة للإشارة إلى شيء أبدي: عهد الملح هو عهد أبدي، وتحولت زوجة لوط إلى عمود من الملح - وهو عهد ملح. النصب الأبدي لانتقام الله. وبما أن هذه النار ستكون بالتأكيد مصير أولئك الذين لم يصلبوا الجسد بالأهواء والشهوات، فلنكن حكيمين لنفعل هذا، عالمين مخافة الرب.

إن التجلي الذي شهده تلاميذ يسوع المختارون هو مقدمة للتغييرات العظيمة التي كانت ستحدث بقوة الله الكلية القدرة، على الرغم من أن هذا المشهد المذهل لم يكن سوى لمحة عابرة لمجد دائم. كان المختارون قادرين على أن يروا بأعينهم صورة ملكوت الله آتيًا بقوة، وكان السبب الرئيسي لظهوره هو إنكار الإنسان للمسيح والتنفيذ الوشيك لقوة يسوع، الذي رفضه الإنسان، ولكن تمجده بواسطة الله. بالطبع، كان لخدمة الرب معنى مزدوج. وكما هو الحال مع كل شيء في الكتاب المقدس، كان لا بد من أن يكون الإنسان مسؤولاً عنه قبل أن تظهر نتائجه من جانب الله. كان يُعطى الإنسان إجابة وبرهانًا على أي سؤال: لقد ظهرت رحمة الله في كل شيء، لكن الإنسان لم يلتفت إليها. الشيء الوحيد الذي فعله الإنسان ردًا على شهادة الله هو رفض المسيح والله نفسه، الذي ظهر أخلاقيًا على الأرض. ماذا يمكن أن يفعل الله؟

ولا شك أنه سينفذ مقاصده بقدرته، فلا شيء يصدر منه يعجز، وكل شهادة بإرادته تحقق هدفها. لكنه يدوم لفترة طويلة. وقبل أن يضع الأساس الذي سيؤسس عليه قوته ومملكته، يرسل الله إلى المختارين رؤيا عن تلك المملكة. وبالتالي، كان التحول بمثابة نوع من الجسر الذي يربط بين الحاضر والمستقبل؛ إنه يمثل أفكار الله للناس. وهذا في الواقع تحذير مسبق، وكذلك شهادة، وحتى صورة لما يمكن أن يراه المؤمنون في الملكوت الذي سيتأسس ويُعلن في الوقت المناسب. وليس هنا أن رفض المسيح سيتوقف بعد ذلك، بل على العكس سيستمر حتى الصلب. لكن في صلب ربنا يسوع المسيح وقيامته وصعوده، نرى بالإيمان نتيجة الأمر: من ناحية، رفض المسيح من الناس، ومن ناحية أخرى، وضع الله أسس علاقة جديدة مع الإنسان. . وفي الجبل المقدس شهد الذين اختارهم الرب نفسه التجلي.

لقد تجلى فقط أمام عدد قليل من الاثني عشر المختارين، وقليلون فقط شهدوا مجده. لكن هذا التحول يلعب دورًا مهمًا للغاية في الأناجيل الإزائية، حيث يكشف لنا عن عمل المسيح الناجح في الجليل، خاصة من وجهة نظر خدمته التي يتحدث عنها في إنجيلنا.

أخذ الرب يعقوب ويوحنا وبطرس معه، وتجلى أمام هؤلاء التلاميذ. يرى التلاميذ الرجلين المشهورين إيليا وموسى يتحدثان مع يسوع. يعبر بطرس عن عدم فهم مجد المسيح. وهذا أمر جدير بالملاحظة لأنه قبل فترة وجيزة، في المشهد السابق، شهد بطرس بقوة ليسوع. ولكن كان على الله أن يُظهر أنه لا يوجد سوى شاهد واحد موثوق به؛ وهذه النفس نفسها، التي برزت بشكل مشرق للحظة في المشهد الذي سبق التجلي، في مشهد التجلي هذا تظهر نفسها، أكثر من أي شيء آخر، على أنها وعاء أرضي للشهادة. قال (بطرس) ليسوع: «جيد أن نكون ههنا؛ نصنع ثلاث مظال: لك واحدة، ولموسى واحدة، ولإيليا واحدة». من الواضح، على الرغم من أن بطرس استطاع أن يضع المخلص أولاً بين الثلاثة، إلا أنه اعتبر الاثنين الآخرين مستحقين أن يكونا على نفس المستوى معه. ونحن نرى أنه في الحال ظهرت سحابة تظللهم، ونسمع صوتًا يخرج من هذه السحابة يؤكد المجد الأسمى غير القابل للتجزئة لابن الإنسان: "هذا يقول الآب لأنه هو الذي يقول هذا". هو ابني الحبيب. استمع اليه."

يمكنك أن ترى أن مارك يفتقد شيئًا ما هنا. ولا نجد هنا تعبيراً عن الرضا. وهذا ما يسلط الضوء عليه في متى؛ هناك في الإصحاح 17 يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. استمع اليه." أعتقد أن السبب هنا هو تسليط الضوء على هذا الرضا على خلفية رفض الشعب اليهودي للمسيح. ومرة أخرى في إنجيل لوقا، يُشهد للمسيح بأنه ابن الله على أساس أنه ينبغي الاستماع إليه أكثر من موسى أو إيليا. يقول الله: "هذا هو ابني الحبيب". فيقول: "استمعوا له"، تاركا عبارة أنه وجد نعمة عليه. لا شك أن يسوع كان دائمًا موضع رضى الآب، لكن سبب تأكيد ذلك ليس هو نفسه دائمًا. مقارنة الأدلة الواردة في 2 بط. 1 نجد أن بطرس أغفل عبارة "اسمعوا له" التي نجدها في الأناجيل الثلاثة الأولى. فهو يستشهد بهذه العبارة: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". من الواضح أن بطرس لم يكن ينوي إظهار تفوق الرب يسوع المسيح على الناموس والأنبياء. أعتقد أن السبب واضح. لقد تم بالفعل حل هذه المشكلة: دخلت المسيحية إلى وجود الناس. لم يكن الهدف الآن تحقيق تفوق المسيح على الناموس والأنبياء، بل مجرد إظهار مجد الابن في عيني أبيه، والفرح ومحبته وإحسانه تجاهه؛ وبعد ذلك يوضح بطرس أن الروح القدس له هدف واحد في كل كلمة الله، وهو مجد المسيح، لأن القديسين القدماء قالوا إنهم مسوقين من الروح القدس. لم يُكتب الكتاب المقدس بإرادة إنسان؛ كان لدى الله في مجده هدف عظيم في نظره، وهو ما لا يكفي للتطبيق السطحي لأجزاء من هذه الكلمة على حقائق معزولة، على هذا الشخص أو ذاك. كان هناك خيط واحد مهم جدًا يربط بين جميع نبوءات الكتاب المقدس. وكان موضوع كل هذه النبوءات هو مجد المسيح. افصل النبوات عن المسيح وستنزع من شخصيته ذلك النهر من الشهادات التي تعطى له بحسب صحرائه. لا يحتوي هذا الدفق فقط على تحذيرات تتعلق بالشعوب أو اللغات أو البلدان، أو بشأن أحداث محددة مسبقًا، أو بعبارة أخرى، تتعلق بالملوك أو الإمبراطوريات أو أنظمة العالم؛ المسيح هو موضوع الروح. لذلك، على جبل التجلي نسمع صوت الآب يشهد للمسيح الذي هو موضع نعمته. هنا ظهر نموذج ملكوت الله؛ كان موسى وإيليا حاضرين هناك أيضًا، لكن الآب رأى في المقام الأول واحدًا أمامه، وكان هذا هو يسوع. "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت." لم يكن الهدف هو الإصغاء تحديدًا إلى المسيح، بل الإصغاء إلى ما قاله الآب عنه. هذا ما تم التأكيد عليه هنا، ولماذا يبدو لي أن عبارة "استمعوا إليه" مفقودة. نجد في متى التعبير الأكمل الذي يعزز الدعوة إلى الإصغاء له. يستخدم لوقا عبارة "اسمعوا له" في إنجيله، لكن كلا من لوقا ومرقس يفتقران إلى التعبير الذي ينقل الرضا الشخصي للآب عن الابن، لأن هذا لم يكن هدفهما الرئيسي. وبطبيعة الحال، هناك قواسم مشتركة في استخدام هذه التعبيرات، ولكن في هذه اللحظة أردت أن أشير وأبين الفرق في تعبيرهم.

ثم نكتشف، دون الخوض في التفاصيل، أن ربنا لا يقول لتلاميذه أن يخبروا بما رأوه حتى يقوم من بين الأموات. وكانت قيامته ستجلب شيئًا جديدًا تمامًا إلى الشهادة عنه. عندئذ يستطيع تلاميذ المسيح أن يشهدوا لهذا الحق العظيم بلا عائق. وهكذا يشرح لهم الرب لماذا لا تتاح لهم الفرصة للشهادة حتى يتم ذلك الحدث العظيم، الذي يسبق عمل الله الجديد، الذي هو أساس شهادة جديدة ومجانية، عندما يزول القديم وينتهي. فكل شيء سيتجدد للمؤمن.

وهذا أجده مهمًا جدًا إذا كان تلاميذ المسيح مدعوين لخدمته. ليس في مقدور الإنسان نفسه أن يبدأ في خدمة المسيح أو الشهادة عنه عندما يريد ذلك. ولهذا السبب تحتل قيامة المسيح من الأموات مكانة مهمة في الكتاب المقدس. وخارج المسيح، تسود الخطية في الموت. ولم يكن فيه خطيئة. ولكن حتى قيامته لم تكن هناك شهادة كاملة عن مجده أو خدمته. وكان هذا صحيحا. بعد ذلك، كما لو كان عابرًا، يتم لفت الانتباه إلى تلك الصعوبات التي تشير إلى كيف حدد الرب الفشل الحقيقي للتلاميذ، لأنهم كانوا في ذلك الوقت تحت تأثير الكتبة أنفسهم.

مشهد جديد يتكشف عند سفح الجبل. في الأعلى لم نرى ملكوت الله فحسب، بل رأينا أيضًا مجد المسيح، والأهم من ذلك، المسيح باعتباره الابن، الذي يوصيه الآب بالاستماع إليه أكثر من الناموس والأنبياء. هذا ما لم يفهمه التلاميذ أبدًا قبل القيامة، والسبب واضح، لأنه إلى ذلك الحين يحتفظ الناموس بمكانته، ويأتي الأنبياء ليثبتوا الناموس ويدعموا سلطانه بتبريره. إن القيامة لا تضعف الناموس بأي حال من الأحوال أو تقلل من شأن الأنبياء، بل تجعل من الممكن إعلان المجد الأسمى. ومع ذلك، عند سفح الجبل نجد تأكيدا واضحا للأحداث التي جرت مباشرة بعد ظهور النموذج الأولي للمملكة القادمة. وبما أن ملكوت الله لم يثبت بعد قوته، فمن هو الحاكم الذي يؤثر في الناس ويحكم في هذا العالم؟ هذا هو الشيطان. في هذه الحالة، ظهرت لنا قوة لم يتمكن حتى تلاميذ المسيح أنفسهم، بسبب عدم إيمانهم، من طردها من هذا العالم. وهنا مرة أخرى نرى مدى وضوح فكرة الخدمة العظيمة التي تسري في هذا الإنجيل بأكمله.

الأب في حالة يأس، لأنه عانى لفترة طويلة جدا؛ ليست هذه هي المرة الأولى التي يهيمن فيها الشيطان على الناس في هذا العالم. منذ الطفولة، كان الصبي مسكونًا بروح شريرة عذبت الإنسان لفترة طويلة. وعبثاً صرخ أبو الصبي إلى الذين يحملون اسم الرب في هذا العالم، لأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً. وهذا ما دفع الرب يسوع إلى توبيخ عدم إيمانهم بشكل جدي، وخاصة لأنهم كانوا خدامًا له. إن الورطة التي وجدوا أنفسهم فيها لم تكن بسبب حاجة ملحة إليه أو إلى قوته. وكان ذلك بسبب عدم إيمانهم. ولذلك، فإن الشيء الوحيد الذي استطاع أن يقوله عند رؤية عجز تلاميذه الذي ظهر أمامه هو ما يلي: “أيها الجيل غير الأمين! كم من الوقت سوف أكون معك؟ إلى متى سأتحملك؟ احضاره لي." "و"أحضروه إليه. فلما رآه المجنون زعزعه الروح. فسقط على الأرض واستلقى هناك، وخرج منه زبد.» ولم يخف الرب قوة الشيطان بكل ملئها، بل سمح له أن يهز الطفل أمام الحاضرين. ليس هناك شك في أن الهوس لم يتم القضاء عليه بعد. لم يستطع التلاميذ ترويض أو إيقاف أو سحق قوة الشيطان على الصبي. "وسأل يسوع أباه: منذ متى حدث له هذا؟" قال: منذ الصغر. هذا المشهد نموذجي حقًا لعالمنا. وأي تناقض يقدمه فيما يتعلق بالخليقة الجديدة – خلق العالم، أو بالأحرى ملكوت الله، الذي ظهر نموذجه الأولي للتو على جبل التجلي.

لذلك يعلن هذا الأصحاح أولًا عن موت المسيح المرفوض تمامًا، والتأكيد على أن الله سيقيم ملكوت مجده للمسيح الذي رفضه الناس. ثانيًا: يتحدث عن عبث واستحالة مشاهدة التجلي حتى يتم التأكد من قيامة المسيح من بين الأموات. عندها فقط ستأتي اللحظة الأنسب لهذه الشهادة. وأخيرًا، تم تقديم الدليل على أنه إلى أن يأتي ملكوت الله بالكامل، سيحكم الشيطان حيثما يكون الدليل عليه غير مرئي. والحقيقة كما يقال هنا أنها مخفية تحت الغلاف الخارجي لهذا العالم، حيث توغلت أنظار التلاميذ، وأظهر حضور ربنا يسوع حقيقة أنه أخضع الإنسان تمامًا منذ الأيام الأولى. وجوده. إن قوة الشيطان على الإنسان واضحة، وما كان لخدام الرب إلا أن أثبتوا عجزهم أمامها. ولم يتم تفسير ذلك بحقيقة أن المسيح كان يفتقر إلى القوة، بل بحقيقة أن تلاميذه لم يكن لديهم الإيمان الكافي لطرد الشيطان. يبدأ المخلص على الفور في التصرف، مما يسمح للشخص الذي يعاني من الشيطان أن يقتنع بأن كل شيء يعتمد على الإيمان. وفي هذه الأثناء يثبت المسيح الدليل على أن القوات الشيطانية تعمل حتى يأتي ملكوت الله. وهذه هي الشهادة عند سفح الجبل. سيأتي ملكوت الله بلا شك في الوقت المناسب، ولكن في الوقت الحالي فقط الإيمان بالمسيح هو القادر على هزيمة قوة العدو. إنها، دون أدنى شك، الوسيلة الوحيدة الضرورية لتحقيق النصر. فقط الإيمان به يمكن أن يمنح البركة، ولذلك يلجأ والد الصبي بخوف إلى الرب بحزنه: "أنا أؤمن"، يصرخ، "يا رب!" أعن عدم إيماني». وفي الوقت نفسه، «فرأى يسوع أن الناس يتراكضون، فانتهر الروح النجس قائلاً له: الروح أبكم وأصم!» آمرك اخرج منها ولا تدخلها مرة أخرى». تم إنجاز المهمة. يبدو أن الطفل قد مات، لكن الرب "أمسك بيده وأقامه. فقام». عند دخوله البيت، يعطي يسوع تلاميذه درسا مفيدا آخر عن الخدمة.

من السهل أن نفهم جوهر ما يقال هنا. يُظهر الرب أنهم، إلى جانب الإيمان، يفتقرون أيضًا إلى الاعتراف بالاعتماد على الله. وهذا يؤثر أيضًا على قوة الشخص. "فقال لهم: هذا الجيل لا يمكن أن يأتي إلا بالصلاة والصوم". فرغم أن هناك قوة في يسوع، إلا أن الإيمان وحده يجذبها، لكن هذا الإيمان يرافقه حكم الموت على الطبيعة البشرية، كما أن التوجه إلى الله هو مصدر القوة الوحيد.

وبعد ذلك نتلقى درسًا آخر يتعلق بخدمة الرب في عالم يحكم فيه الشيطان حتى تأسيس ملكوت الله. يجب أن نفهم الحالة الذهنية لخدام المسيح. لقد اشتاقوا إلى منصب خاص. ومع ذلك، هذا مفسدة. "ولما خرجوا من هناك اجتازوا في الجليل. ولم يرد أن يعرف أحد ذلك. لأنه علم تلاميذه وأخبرهم أن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه، وبعد أن يقتل سيقوم في اليوم الثالث. ولكنهم لم يفهموا هذا الكلام». للوهلة الأولى، يبدو هذا النقص في القدرة على فهم ما قاله يسوع غريبًا وشائعًا في الوقت نفسه. ماذا يلزمك هذا؟ - لإدانة الذات. لقد خجلوا من الاعتراف للرب بالسبب الحقيقي. لكن الرب يخمن هذا بنفسه. وجاء إلى كفرناحوم، وبينما كان في البيت، سأل التلاميذ: «بماذا كنتم تتكلمون فيما بينكم في الطريق؟» «كانوا صامتين؛ لأنهم في الطريق كانوا يتجادلون فيما بينهم من هو الأعظم». فلا عجب أنهم أظهروا العجز أمام الشيطان. فلا عجب أنهم لم يفهموا كلمات يسوع. كان هناك ثقل ثقيل في الخلف: أفكار عن أنفسنا، والرغبة في التميز بطريقة أو بأخرى بين الناس وتصبح مشهورة. لم يصدقوا حقًا ما كان يشعر به الله وما كان سيكشفه في ملكوته. لأن الله جعل نفسه على فكر واحد: أن يُعظم يسوع. ومن ثم فقد كانوا خارج التواصل تمامًا مع الله في هذا الشأن. وليس فقط التلاميذ الذين لم يكونوا على جبل التجلي، بل حتى يعقوب وبطرس ويوحنا، فشلوا جميعًا. ما مدى تأثير المنصب الخاص أو الامتياز على طاعة الإيمان! كان هذا هو السبب الحقيقي لعجزهم، الذي ظهر في الصراع مع الشيطان وأمام يسوع. علاوة على ذلك، أعتقد أنه يجب الكشف عن ارتباط كل هذا بخدمة الرب.

ولكن بعد ذلك مباشرة، تم تقديم حالة أخرى، نموذجية لمرقس. يوبخ الرب التلاميذ على عنادهم، ويأخذ طفلاً ويستخدم مثاله ليشرح لهم معنى التواضع. يا لها من إدانة دامغة لتعظيم أنفسهم! حتى يوحنا يثبت بعمله أن مجد المسيح، الذي يجبر الإنسان على الاعتراف بعدم أهميته، لا يقلق روحه إلا قليلاً. سيأتي اليوم الذي سيتجذر فيه هذا المجد في نفوسهم، عندما يدركون حقًا فائدته الدائمة، ولكن في الوقت الحاضر، من المؤلم أن نرى أنهم بحاجة إلى أي شيء آخر أكثر من مجرد كلمة، حتى كلمة قالها يسوع. لذلك، يلجأ يوحنا فورًا بعد ذلك إلى ربنا بشكوى من الرجل الذي يُخرج الشياطين باسمه، أي أنه فعل ما لم يستطيعوا فعله: "يا معلم! يا معلم! يا معلم! يا معلم! يا معلم! يا معلم! قد رأينا إنساناً يخرج الشياطين باسمك». فهل كان هذا إذن عمل النفس التي تشعر بالامتنان لله؟ مُطْلَقاً! لقد أشعل جوهر يوحنا هذه النار وأصبح مصدرًا لهذا الشعور القوي الذي سيطر عليهم جميعًا. "لقد رأينا رجلاً يخرج الشياطين باسمك ولا يتبعنا. فمنعوا عنه لأنه ليس يتبعنا». ومن الواضح أنه لم يكن هناك أي توبيخ سابق قد طهر نفوسهم من تعظيم الذات، لأن هذا الشعور اندلع فيهم بقوة متجددة. فقال لهم يسوع: «لا تمنعوه». هذا درس آخر مهم جدًا للخدمة قدمه المسيح، لأننا هنا لا نتحدث عن إهانة المسيح - لا شيء في هذه الحالة يشير أو يسمح بأي شيء يتعارض مع اسمه. على العكس من ذلك، كان الأمر يتعلق بخادم تكلم ضد الشيطان، وآمن بفعالية اسم الرب. إذا كنا نتحدث عن أعداء المسيح أو أصدقائه الزائفين الذين أطاحوا بمجده أو قوضواه، فإن هذا الشخص هو الذي قيل عنه: “من ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ ومن ليس معي فهو عليّ. ومن لا يجمع معي يفرق». سواء كان السؤال عن المسيح الحقيقي أو المسيح الكاذب، فإن مجده لا يمكن المساس به قيد أنملة. على العكس من ذلك، نحن نتحدث هنا عن رجل ربما كان جاهلاً ولم يتمتع بالمكانة المميزة التي كان فيها التلاميذ، لكنه فهم قيمة وفعالية اسم الرب، ويسوع يدافع عنه بنعمة.

"لا تمنعوه، لأنه ليس أحد صنع آية باسمي يستطيع أن يفتري عليّ سريعًا. لأن من ليس عليك فهو معك». لقد آمن هذا الرجل حقًا باسم الرب، وبفضل هذا الإيمان كان لديه القدرة على فعل ما - للأسف! - لم يتمكن الطلاب من القيام بذلك! وبدلاً من الاعتراف بكل تواضع بعملهم وعدم إيمانهم (الأمر الذي دفع يوحنا نفسه إلى البحث عن وسائل وذرائع لعرقلة الرجل الذي استحسن الله أعماله)، امتلأ تلاميذ المسيح بالشعور بالحسد تجاه من فيه هذه القوة الفعالة. والذين يبدو أنهم لم يتمتعوا أبدًا بالامتيازات التي كانوا يتمتعون بها. لذلك يعطيهم الرب تعليمات هنا، والتي تختلف بالطبع عن تلك التي وجدناها في متى. 12:30 لا أريد بأي حال من الأحوال أن أشير إلى أن التعليمات الواردة في متى ليست مهمة - فهي مفيدة في أوقات أخرى وتحت ظروف أخرى. ولكن مرقس في إنجيله يتحدث عن الخدمة، وموضوع الخدمة هو الذي يتم تناوله هنا. لذا فإن قوة الله في الخدمة لا تعتمد على المنصب. بغض النظر عن مدى صحة الموقف (أي وفقًا لإرادة الله)، فإنه لن يعطي القوة في خدمة هؤلاء الأفراد الذين يشغلون الموقف الصحيح. باتباع المسيح، اتخذ تلاميذه موقعًا لا تشوبه شائبة: لا يمكن أن يكون هناك موقف أكثر صحة من ذلك الذي احتلوه - لأن يسوع نفسه دعاهم، وجمعهم حوله، وأرسلهم للخدمة، ومنحهم قوته وسلطته. . وعلى الرغم من ذلك، كان من الواضح أنهم أظهروا ضعفًا في الممارسة. لقد أظهروا نقصًا واضحًا في الإيمان حتى يتمكنوا من استخلاص القوة من أصول المسيح في الحرب ضد إبليس. لقد كانوا على حق تمامًا في بقائهم مخلصين للمسيح وعدم اتباع أي شخص آخر. لقد كانوا على حق في اختيار يسوع بدلاً من يوحنا، لكنهم لم يكونوا على حق في عدم الاعتراف الكامل بقوة الله العاملة في رجل آخر لم يكن محظوظاً مثلهم. ولذلك يدين ربنا بشدة هذا القيد الروحي ويطرح مبدأ قد يبدو للوهلة الأولى متناقضًا، ولكنه في الواقع متناغم. لذلك ليس هناك تناقض في كلمة الله هنا أو في أي مكان آخر. الإيمان يمكن أن نتفق تماما على ذلك في مات. 12:30 ليس هناك ما يخالف ما جاء في إنجيل مرقس (الإصحاح 9). للوهلة الأولى، قد يبدو بلا شك أن هناك مثل هذا التناقض، ولكن انظر، اقرأ مرة أخرى وسوف تفهم كل شيء بسهولة.

في مات. 12:30 نحن نتحدث عن شيء مختلف تماما عندما يقول: “من ليس معي فهو علي. ومن لا يجمع معي يفرق». إنها تتحدث عن المسيح نفسه، مجد الله وقوته في يسوع على الأرض. بمجرد أن تتعرض شخصيته لهجوم من الأعداء، فمن ليس مع المسيح فهو ضد المسيح. هل ما زال هناك من يرتكب جرائم تشوه شخصيته؟ كل شيء آخر ثانوي مقارنة بهذا، وأي شخص ليس فوق اللوم في هذا الصدد يقف إلى جانب أعداء المسيح. ومن يساهم في إهانة يسوع يثبت، مهما تظاهر بأنه لا يجمع، بل لا يزال يهدر. لكن الفكر الذي عبر عنه الرب في إنجيل مرقس مختلف تمامًا. نحن هنا نتحدث عن إنسان يمجد المسيح إلى حد إيمانه به، ولكن بالطبع ليس بنفس القوة التي يمكن أن يكون عليها. لذلك كان ينبغي للتلاميذ في هذه الحالة أن يعرفوا شهادة اسم المسيح ويفرحوا بها. وبالطبع، لم يكن هذا الرجل يشغل المركز المميز الذي كانوا يشغلونه، لكنه كان يعظم اسم المسيح بشكل واضح. ولو فهموه لوافقوه وحمدوا الله عليه. لذلك يلهمهم الرب هنا بفكر مختلف تمامًا: "من ليس عليك فهو معك". لذلك، حيثما نتحدث عن قوة الروح المستخدمة باسم المسيح، فمن الواضح أن الشخص الذي يلجأ إلى الله طلباً للمساعدة لا يمكن أن يكون ضد المسيح. وإذا استجاب الله بمنح هذه القوة واستخدامها لخير الإنسان لهزيمة الشيطان، فعلينا أن نفرح بهذا.

هل يجب أن أخبرك بمدى فائدة هذين الدرسين؟ نحن نعلم، من ناحية، أن هذا العالم قد رفض المسيح واحتقره. هذا هو ما يقال في الأساس في إنجيل متى. وكدليل على ذلك، نرى في الإصحاح 12 أنه لم يكن مكروهًا فحسب، بل كان مكروهًا حتى من أولئك الذين كانوا يبدون في ذلك الوقت متدينين ومكرمين لله. وبالتالي، بغض النظر عن مدى تمتع الشخص بالخير، بغض النظر عن مدى التبجيل والاحترام من قبل الناس، إذا كان يقدر المسيح كثيرًا ويحبه، فهو محتقر ومهين للغاية، وفي هذه الحالة لم يجد الدعم في المجتمع. ومن ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى خدمة المسيح، فمن بين أولئك الذين تحملوا اسم المسيح، ربما كان هناك أشخاص استخدمهم الله لهذا الغرض أو لإنجاز مهمة مهمة. هل يمكنني إنكار حقيقة أن الله يستخدم مثل هؤلاء الأشخاص في عمله؟ بأي حال من الأحوال. أقبل قدرة الله عليهم وأشكره. لكن هذا ليس سببًا للتخلي عن الخدمة المباركة المتمثلة في اتباع يسوع. فهو لا يقول "اتبعوهم"، بل "اتبعوه". من الواضح أن طلابه كانوا مشغولين بأنفسهم ونسوا أمره. لقد سعوا إلى جعل هذه الخدمة حكراً عليهم، بدلاً من الشهادة باسم المسيح. لكن الرب يضع كل شيء في مكانه. ونفس الرب الذي أصر على جملة لنفسه، شهد فيها أعداؤه على كراهيتهم واحتقارهم لمجده، يعترف في مرقس بالقوة التي يظهرها خادمه الذي لا اسم له في خدمته. فيقول: "فلا تمنعوه". "لأن من ليس عليك فهو معك." هل الذي حسب شهادة يوحنا نفسه استخدم اسمه في الحرب ضد الشيطان يعمل ضد المسيح؟ على أية حال، يقدّر الرب هذا الإيمان الذي يعرف كيف يستخدم اسمه لينتصر على إبليس. وبالتالي، إذا أعطى الله القوة لشخص ما، على سبيل المثال، لتحويل الخطاة إلى المسيح، أو تحرير المؤمنين من بعض التعاليم الضارة التي تسيطر عليهم، أو إخراجهم من فخ آخر، فإن المسيح يتعرف عليه، وبالتالي يجب علينا أيضًا أن نعترف به. . وهذا يرضي الله ويكرم اسم المسيح، رغم أنه ليس سببًا - وأكرر مرة أخرى - أن نأخذ باستخفاف مسألة اتباع المسيح إذا مُنح لنا هذا الامتياز بنعمة. وهذا بالتأكيد سبب مشروع للاستسلام لفكرة أننا، على الرغم من تمكيننا من الله، فإننا نعطي أقل مما ينبغي. لذلك، من ناحية، يجب علينا أن ندافع عن مجد المسيح الشخصي وندعمه، دون أن نتخلى عن أي شيء، ومن ناحية أخرى، يجب أن نعترف بأي قوة يمنحها الله، باختياره، لأي شخص ليخدمه. ولا ينبغي لأي حقيقة أن تتداخل بأي حال من الأحوال مع حقيقة أخرى.

اسمحوا لي بعد ذلك أن ألفت انتباهكم إلى أهمية هذا الحدث في هذا المقطع من الإنجيل. ومن المستحيل نقل هذا الحدث إلى مكان آخر، تمامًا مثل الكلمة القاسية من الإنجيل بحسب متى. وفي كلتا الحالتين، سيتم انتهاك جمال الحقيقة. من ناحية، يوم ازدراء المسيح وإنكاره هو يوم الإيمان الذي يؤكد مجده، ومن ناحية أخرى، حيثما تظهر قوة الله، يجب أن أتعرف عليها. أنا نفسي يمكن أن ألومني على عجزي، لكن على الأقل أعطني الحق في التعرف على قوة الله أينما تتجلى.

يختتم ربنا هذه الفكرة بتعليمات صارمة، وتخبرنا خطبته أن الأمر ليس مجرد مسألة اتباعه مؤقتًا أو أي شيء من هذا القبيل. مما لا شك فيه أن تلاميذه سيتبعونه في جميع أنحاء العالم، حيث توجد الكثير من العثرات وحيث ينتظره الخطر في كل خطوة. ولكن علاوة على ذلك، في هذا العالم، حيث توجد الفخاخ والفخاخ في كل مكان، تنازل ليسلط نور الأبدية. وبالتالي، لم يكن الأمر مجرد مسألة لحظة، لأنه كان يتعلق بشيء أكثر من مجرد صراع الأحزاب. لذلك، يحتج ربنا ضد ما كان يوجه بشكل أساسي تصرفات التلاميذ المخطئين. ويعلن لهم أن أي شخص يقدم لهم كأس ماء باسمه سوف يقدم على الأقل خدمة صغيرة ولكن فعالة للمحتاجين، وهو، "لأنك للمسيح، الحق أقول لك، لن يضيع أجره. " على الرغم من أن الأمر لم يكن يتعلق فقط بالمكافأة، من ناحية، واللعنة الأبدية، من ناحية أخرى. كان ينبغي عليهم (التلاميذ) أن ينظروا إلى أنفسهم بينما كان الأمر لا يزال ممكنًا. الجسد هو شيء حقير ومدمر. مهما كان الشخص، أيًا كان، فإنه لا يستطيع أن يكون واثقًا من نفسه، خاصة، وأجرؤ أن أضيف، عندما يخدم المسيح. ليس هناك سبب للشك في المكان الذي تكون فيه أرواح الناس أكثر عرضة للخطيئة. والأمر لا يتعلق فقط بالفشل الأخلاقي. هناك أشخاص، على الرغم من لجوئهم إلى مثل هذه الإغراءات، إلا أنهم ليسوا خطرين. لكن الأمر مختلف تمامًا وخطير جدًا عندما يقدسون، بحجة خدمة الرب، ما يسيء إلى المسيح والروح القدس. وهذا الدرس مفيد ليس فقط للقديسين، بل أيضًا لأولئك الذين ما زالوا تحت سلطان الخطية. "وإن أعثرتك يدك فاقطعها... وإذا أعثرتك عينك فاقلعها." حارب كل عقبة بلا رحمة، وقم بذلك على أبسط أساس أخلاقي بكل مثابرة، شخصياً، لأن هذه العقبات محفوفة بخطر رهيب. هذا الجهاد يمتحن الإنسان، فيكشف فيه كل ما هو من الله.

تذكرنا نهاية الفصل التاسع من إنجيل مرقس بنهاية الفصل التاسع من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس، حيث يتحدث الرسول بولس أيضًا بلا شك عن الخدمة، متبنى لهجة تحذيرية وملمحًا إلى أن الخدمة يمكن أن تصبح في كثير من الأحيان وسيلة للكشف ليس فقط عن الخدمة. حالة حقيقية، ولكن أيضا شيء وهمي. في الحالة الأولى، قد لا يكون هذا مظهرًا من مظاهر الفساد الأخلاقي الصريح، ولكن حيث لا تبقى النفس أمام الرب في إدانة ذاتية مستمرة، هناك تتحول الخدمة سريعًا إلى شر، كما أثبتت حالة الكورنثيين، إذ ظنوا أن يتعلق الأمر بالمكافأة والقوة أكثر بكثير مما يتعلق بالمسيح. وما هي العواقب الأخلاقية التي أدى إليها ذلك؟ يبدأ الرسول بالنظر إلى هذه الحالة في علاقتها المباشرة بنفسه. ويرى أن كرازته بالإنجيل مناسبة لمناسبات أخرى، ولكن دون أي اهتمام بالقداسة. مثل هذا الشخص المنشغل بفكر المكافأة وأشياء أخرى، يستسلم دون ندم لما يسعى إليه الجسد، ونتيجة لذلك يحدث السقوط الكامل. لو كان بولس هو بولس لكان قد أصبح منبوذاً أو مرفوضاً (أي توبيخاً من الله). ولم تكن هذه الكلمة تعني أبدًا "ضياع الأجر"، بل كانت تعني الرفض التام للشخص نفسه. ثم يتحدث في الإصحاح العاشر عن سقوط بني إسرائيل، محذرًا الكورنثيين أنفسهم من خطر مماثل.

يحذرنا ربنا، في هذا المقطع من إنجيل مرقس، من نفس الشيء. إنه يعارض الازدراء الذي يظهره يوحنا تجاه الرجل الذي يستخدم اسم المسيح علانية لخلاص أرواح الناس ومحاربة الشيطان. لكن يوحنا تجاهل عن غير قصد، إن لم يكن رفض، السر الحقيقي لهذه القوة. لقد كان يوحنا هو الذي يحتاج إلى الرعاية، بغض النظر عن مدى قداسته وفضيلته. لقد ارتكبوا خطأً واضحًا وخطيرًا للغاية، ثم ينتقل الرب بعد ذلك إلى أخطر تحذير أطلقه في عظاته على الإطلاق. لا يوجد أي مكان آخر في هذا الإنجيل يتحدث فيه هذا الإنجيل بشكل أكثر تأكيدًا عن الدمار الأبدي. هنا، كما في أي مكان آخر، لدينا الفرصة لسماع رثاء النفوس الضالة التي ترن باستمرار في آذاننا: "حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ"، وبالإضافة إلى ذلك: "كل ذبيحة تمليح بالملح، "على الرغم من أن هذين شيئين مختلفين.

لا يمكن لطفل بشري أن يهرب من دينونة الله، لأنه "وضع للناس أن يموتوا مرة واحدة، ثم بعد ذلك الدينونة". الحكم بشكل أو بآخر هو مصير رحلة الحياة. بغض النظر عن كيف تنظر إلى ما هو القانون العالميولكن الإنسان الخاطئ يخضع لدينونة الله. على الرغم من أن هذه ليست الحقيقة كاملة. هناك أناس على الأرض لا يخضعون لدينونة الله، ولكنهم حتى الآن يستطيعون الوصول إلى رضاه ويرجون مجده بفرح. من هؤلاء؟ إن أولئك الذين يسمعون كلمة المسيح ويؤمنون بمن أرسل المخلص، لهم حياة أبدية ولا يخضعون للدينونة. لكن ألا يجب عليهم اجتياز الاختبار؟ بالطبع ينبغي عليهم ذلك. لكن هذا على أساس مختلف تمامًا - "كل ذبيحة تمليح بالملح". من الواضح أننا هنا لا نتحدث فقط عن شخص خاطئ، بل عن شخص يرضي الله، وبالتالي فهو مملح ليس بالنار، بل بالملح. وهذا بالطبع يختبر ويثبت روحانية الذين ينتمون إلى الله؛ وإذا كان الأمر كذلك، فالمقصود قربهم منه بشكل خاص.

وهكذا، سواء أكان الأمر مجرد دينونة للإنسان، أو لكل نفس في حد ذاتها، أو معاملة خاصة لأولئك الذين ينتمون إلى الله (أي أن كل تقدمة ترضي الله تعتبر على أنها قدمها المسيح على أساس عظمته الخاصة). (الذبيحة)، هذه هي القاعدة، وهي بالتأكيد تنطبق على الجميع، وتصح على الجميع، ليس فقط على كل خاطئ، بل على المؤمن أيضًا. ومع ذلك، فإن أولئك الذين يرضون الله حقًا يتم تحديدهم بيسوع المسيح ربنا. أما القديسون المجيدين، فبالرغم من أنهم ليسوا بالتأكيد خاضعين لدينونة الله، إلا أنه لا ينبغي إخفاء حقيقة ما يجعل الله دائمًا برحمته. قد لا يكون الأمر ممتعًا تمامًا، لكن قوة الرحمة الإلهية الحافظة بتأثيرها التطهيري واضحة. أعتقد أن هذا هو ما يقوله: "ويملح بالملح". إن صورة هذا العلاج المشهور لا تترك مجالًا للأشياء التي ترضي الجسد بكل هشاشتها. يقول الرب أن "الملح جيد". إنها لا تنتمي إلى تلك الأشياء التي تعمل للحظة ثم تختفي دون أن يترك أثرا؛ طعم الملح عهد الله. "الملح شيء جيد؛ ولكن إذا كان الملح غير مالح، فكيف تصلبه؟ يا لها من خسارة قاتلة! ما مدى خطورة نقض العهد! "ليكون فيكم ملح، ويكون فيكم سلام". أي أن تكونوا أولاً بلا لوم في النفس، وثانيًا، حافظوا على السلام فيما بينكم، كما يدعو الرسول يعقوب في رسالته. إن الطهارة تتعلق بالجسد، فهي تقاوم كل فاسد، وتحفظها قوة رحمة الله القديرة. احفظوه لأنه بدونه لا قيمة لشيء، و"سلامًا فيما بينكم". ليتنا نحظى بهذا السلام، ولكن على حساب الطهارة الداخلية، إذا قدرنا مجد الله!

وبهذا تنتهي خدمة الرب فيما يتعلق، كما يبدو لي، بالتحول. وهذا الظهور لقوة الله لا يمكن إلا أن يقدم شخصية جديدة ومناسبة لأولئك المعنيين.

مارك 10

وفي الأصحاح التالي (10) ينتقل ربنا إلى موضوع آخر، وهو أمر مدهش جدًا، لأننا إذا استنتجنا سريعًا أن الموت والقيامة هما أساس كل شيء، وأيضًا مع مراعاة المجد الآتي، يتبين لنا أن مثل هذا في مثل هذه الخدمة، لا ينبغي للمرء أن يولي أهمية للعلاقات التي تتطور بين الناس حسب الجسد. وفي هذه الحالة، كل شيء هو عكس ذلك تماما. أي أنه عندما تُعرض عليك المبادئ العليا التي وضعها الله على الأرض، فإنها تجد مكانها الصحيح. على سبيل المثال، لم يتم إثبات قدسية الزواج عندما أعطى الله القانون. يجب أن يعلم الجميع أنه لا توجد علاقات أكثر أهمية بالنسبة لأي شخص على وجه الأرض - فلا يوجد شيء يمكن أن يشكل روابط اجتماعية حقًا كمؤسسة الزواج. ماذا في هذا العالم هو في غاية الأهمية ل السعادة العائليةوالنزاهة الشخصية، ناهيك عن النقاط المهمة الأخرى التي تعتمد عليها جميع العلاقات الإنسانية؟ ومع ذلك فمن المدهش أنه في عهد القانون، كان يُسمح باستمرار بالأمور التي تؤدي إلى إضعاف رباط الزواج. على سبيل المثال، كان الطلاق مسموحًا به لأسباب غير مهمة، وقد يؤدي ذلك إلى أي شيء آخر غير تعزيز السمعة الطيبة للزواج. على العكس من ذلك، في المسيح ظهرت الرحمة في مجملها، وعلاوة على ذلك، عندما تم رفض هذه الرحمة، عندما أعلن الرب يسوع المسيح عما يجب أن يقوم عليه إذلاله الوشيك وموته، وعندما علم أن هذا النظام الجديد يمكن أن يكون لا ولا ينبغي إعلانه إلا بعد قيامته من بين الأموات، كما أصر على أن الرجال يجب أن يقدروا العلاقات المختلفة القائمة فيما بينهم حسب الجسد. أعتقد أن الارتباط بالقيامة مذكور فقط في إنجيل مرقس. وهذا أمر مهم حقًا، لأن مرقس يشير بطبيعة الحال إلى أهمية تلك الفترة وذلك الحدث المجيد، لأن خدمة المسيح وشهادته تكشف الحق للآخرين.

ولكن هنا، بعد أن رفض الرب كل ما كان من وجهة نظر الأبدية زائلًا، حلله إلى نهاية المشهد المذكور، موضحًا نتائجه لمن لا علاقة له به، وكذلك إلى أولئك الذين يتمتعون برحمة الله في قوتها الحافظة، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى المسيح، يفكرون الآن في علاقة هذه المبادئ الجديدة بالطبيعة، مع ذلك الذي يعتبره الله نفسه العالم الخارجي.

هنا يعمل الرب في المقام الأول كحامي الزواج. ويقول إنه في الناموس، على الرغم من أهميته، لم يفرض موسى مطالب مفرطة على رباط الزواج في العالم. على العكس من ذلك، يسمح موسى بفسخ رباط الزواج، آخذًا في الاعتبار حالة بني إسرائيل. "من أجل قساوة قلبك كتب لك هذه الوصية. في بدء الخليقة خلقهما الله ذكرا وأنثى. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه». وهذا يعني أن العلاقات الأخرى، حتى أقرب العلاقات، إذا جاز التعبير، أدنى من هذه العلاقات. "لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدًا واحدًا؛ حتى لا يكونا بعد اثنين بل جسدا واحدا. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان». وهذا ما كان يؤدي إليه كل شيء، ولكن بهذه البساطة وفي نفس الوقت تفسير مفصلنحن مدينون بقصد الله للرب يسوع، الشاهد العظيم لرحمة الله وأبديته، والذي يرتبط الآن برفضه ومجيء ملكوت الله بقوة، وإزالة تعويذة الشيطان الطويلة. وهذا يسوع نفسه ينقي الآن من غبار الخراب الشرائع التي وضعها الله على الأرض.

ويظهر مبدأ مماثل في الأحداث اللاحقة الموصوفة هنا. "لقد قدموا إليه أطفالًا لكي يلمسهم؛ ولكن التلاميذ لم يسمحوا للذين قدموهم. لو استوعب أتباعه كل الرحمة التي مُنح لها بالكامل، لكانوا قد سمحوا للأطفال برؤية معلمهم بشعور مختلف تمامًا. والحقيقة أن روح الأنانية كانت لا تزال قوية فيهم. بعد كل شيء، ما الذي يمكن أن يكون أكثر تافهًا وضيق الأفق؟ كان وعيهم مشبعًا باليهودية لدرجة أنهم كانوا يحتقرون الأطفال. لكن الله القدير لا يحتقر أحدًا، والرحمة التي تفهم أفكار الله تقلد أفعاله. ووبخهم الرب يسوع كالتالي مما قيل: "فغضب يسوع وقال لهم: دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله". كلا هذين التفصيلين، المهمين جدًا لهذا العالم، يشهدان على رحمة الرب يسوع المسيح، التي لا تحرمنا بأي حال من الأحوال من طبيعة المركز الذي يشغله، بل هي الحامي الوحيد له، بحسب أفكار الله. .

وما يلي هو درس آخر، أكثر دلالة في بعض النواحي لأنه أكثر تعقيدا. يمكننا أن نؤمن أن رحمة الله تمتد بشكل خاص إلى الأطفال. ولكن دعونا نتصور لأنفسنا رجلاً غير متجدد يسلك حياته طبقًا للقانون الثابت، ويكون قانعًا للغاية بإتمام واجباته. ماذا سيقول الرب عن هذا؟ كيف سيكون شعوره تجاه مثل هذا الشخص؟

"ولما خرج إلى الطريق، ركض واحد وجثا على ركبتيه أمامه وسأله: أيها المعلم الصالح! ماذا يجب أن أفعل لأرث الحياة الأبدية؟ قال له يسوع: لماذا تدعوني صالحاً؟ وليس أحد صالحا إلا الله وحده." كان هذا الرجل في جهل عميق، ولم يكن مسلحًا بمعرفة الله، ولم يكن يعرف شيئًا حقًا عن الإنسان. لم يعرف الشعور بالمجد الحقيقي للمسيح: لقد كان يقدس المسيح، ولكن فقط كشخص مختلف تمامًا عن نفسه. لقد اعترف به كمعلم جيد، وأراد، مثل طالب جيد، أن يتعلم منه بعناية كل ما في وسعه. لذلك، فهو الآن يضع نفسه على نفس مستوى يسوع، معترفًا بأنه قادر على أن يقول ويفعل نفس الأشياء مثل يسوع. لذلك فمن الواضح أن نفس هذا الشاب لم تكن تعرف أن الخطيئة معاقب عليها، ولم يكن يعرف شيئًا عن الله. ومع ذلك، فإن الرب يخمن حالته تماما. فيقول له: "أنت تعرف الوصايا"، مشددًا على تلك الواجبات التي تتعلق بالعلاقات الإنسانية. "فأجاب وقال له: يا معلم! كل هذا حفظته منذ حداثتي». الرب لا يرفض بيانه - ولا يسأل عن مدى دقة تنفيذه لوصايا المائدة الثانية. بل على العكس من ذلك، يقول إن "يسوع نظر إليه وأحبه". يجد الكثيرون صعوبة كبيرة في محاولة فهم ما يقوله روح الله هنا. يبدو لي أن هذا المقطع جميل بقدر ما هو مفيد.

بالطبع هذا الشاب لم يتغير، فالأمر واضح؛ بالطبع لم يعرف الحقيقة، فمشكلته جاءت من جهل الحقيقة؛ وبالطبع، هذا الرجل لم يتبع يسوع، بل على العكس، نعلم أنه ابتعد عن يسوع، وبالتأكيد لم يشعر قلبه بالسعادة من رحمة الله، لأنه بدا وكأنه يبتعد بالحزن. لذلك، إذا حكمت على هذا الشخص من وجهة نظر الأبدية، فيمكنك أن تجد كل الأسباب للنظر إليه بألم وقلق. ولكن من الواضح أن يسوع نظر إليه ونظر إليه بمحبة.

ألا يوجد شيء في هذا له علاقة بالكرازة الكاملة؟ ليس لدي أدنى شك في أنه يمكننا استخلاص استنتاجات مفيدة لأنفسنا. إن الرب يسوع، الذي كان لديه فهم كامل لله ورحمته، وكان قادرًا على تقدير الحياة الأبدية بشكل لا نهائي أمام روحه، شعر بنفسه حرًا بما يكفي ليكون فوق إدانة كل هذا الجمع البشري، واستطاع أن يفهم ويقدر الشخصية والسلوك. من الإنسان أن يزن كل ما يتجلى بالضمير، وأن يحب كل ما يستحق الحب في الإنسان من وجهة نظر الطبيعة البشرية. ومن دون أن أقصد الاستهانة بالرحمة، فأنا على قناعة أنها تقوي دائمًا هذه المشاعر. بالنسبة للكثيرين، بلا شك، قد يبدو هذا غريبا، لكنهم أنفسهم يثبتون ما يشكلون عائقا أمامهم. دعهم يفحصوا ويحكموا ما إذا كانت الكلمة صامتة عما أُعلن هنا عما قيل. وليكن معلومًا أن لدينا أيضًا تأكيدًا صريحًا لذلك في الإنجيل الذي يخبرنا عن المسيح كخادم كامل؛ وهذا التثبيت يعلمنا كيف يجب أن نخدم باتباعه. ولا يوجد أي إنجيل آخر نرى ربنا يعبر عن هذا بوضوح كما هو الحال هنا. ويتحدث بوضوح عن نفس الحدث في إنجيلي متى ولوقا. لكن مرقس وحده هو الذي ذكر أنه "أحبه". لم يقل متى ولا لوقا كلمة واحدة عن سبب حب الرب لهذا الشاب. ويخبرنا مرقس وحده أن المسيح "نظر إليه" أحبه. وبطبيعة الحال، هذا هو الجوهر الرئيسي لهذا الحدث. لقد أعجب الرب حقًا بما أثار الإعجاب في الإنسان بشكل طبيعي، والذي تم حفظه بالصدفة السعيدة من شرور العالم، وتم تنميته باجتهاد في شريعة الله، التي اتبعها تمامًا، واختبر رغبة لا تقاوم في التعلم من يسوع، ولكن في نفس الوقت لم يستطع أن يدرك خطيئته. ومع ذلك، فإن الرب لا يتطرق هنا إلى ضيق الأفق أو القسوة التي نظهرها كثيرًا. واحسرتاه! نحن فقراء عباد نعمته! كان الرب يعرف أفضل منا بكثير، وشعر بالوضع الخطير لهذا الشاب بشكل أعمق بكثير مما شعرنا به. ومع ذلك، يجب أن نقدر أن يسوع نظر إلى الشاب وأحبه.

ولكن بعد ذلك "قال له: يعوزك شيء واحد". إذن ما الذي كان يفتقده؟ "أنت تفتقد شيئًا واحدًا." لا ينكر الرب شيئًا يستحق الثناء لسبب أو لآخر: فهو يعترف بكل ما هو جيد حقًا. من، على سبيل المثال، يمكن أن يلوم الطفل المطيع على أي شيء؟ أم حياة تعيشها بصدق ومكرسة للأعمال الخيرية؟ فهل يجب أن أعزو كل هذا إلى الرحمة الإلهية؟ أو ينفي الحاجة إليها؟ لا! إنني أعترف بأن هذه الفضائل هي هبة للإنسان في هذا العالم، ويجب تقديرها بشكل صحيح. وأي شخص يعتقد أن هذه الأمور غير مهمة فهو، في رأيي، يتجاهل ببساطة حكمة الرب يسوع المسيح. وفي نفس الوقت الذي يصنع من هذا أو من شيء ما علاج مماثلمن الواضح أنه لا يعرف ما ينبغي أن يعرفه. بطريقة أو بأخرى، يتطلب هذا السؤال بالتأكيد معالجة متأنية، لكنه يمكن أن يجد اعترافًا حقيقيًا في يسوع وفي كلمة الله المباركة، وليس في أي مكان آخر. لذلك يقول الرب: "ينقصك شيء واحد: اذهب بع كل ما لك وأعط الفقراء". أليس هذا ما فعله يسوع، في حين أنه في الواقع فعل أكثر بلا حدود؟ بالطبع، لقد تخلى عن كل شيء حتى يتمجد الله بخلاص الإنسان الضال. ولكن إذا حرم نفسه من مجده، فما أعظم عواقب ذلك الذل، وحتى الموت؟

أراد الشاب أن يتعلم شيئاً من يسوع. ولكن هل كان مستعدًا لاتباع حتى طريق المصلوب الأرضي؟ ألم يكن يريد فقط أن يجد ما ينقصه؟ هل أراد أن يشهد إنكار الذات الإلهية في الرحمة تجاه المحرومين؟ أو التخلي عن كنوز الأرض من أجل الحصول على كنوز السماء؟ لو كان قد فعل ذلك، لكان المسيح طلب منه بالتأكيد المزيد، لأنه يضيف هنا أيضًا: "وتعال اتبعني حاملاً الصليب". المخلص كما نرى لا يفوق نور الله. ولا يعجل بما سيكشف عما قريب. إنه ليس في عجلة من أمره لإعلان التغيير المذهل الذي سيخبرنا به هذا الإنجيل في الوقت المناسب، لكنه يختبر نفس الشاب حتى النهاية. تبين أن الرجل في أفضل نواياه أكثر تافهًا من عبثًا مقارنة بالشخص الذي كان جيدًا فقط؛ وقد ظهر هذا في المسيح، في صورته المستحقة وظهوره. ومع ذلك، فهو، هذا الرجل الذي لا مثيل له (ناهيك عن سر صلبه غير المفهوم)، يمكنه أن ينظر إلى ذلك الشاب بمحبة، على الرغم من كل عيوبه الواضحة. ومع ذلك، بغض النظر عمن يكون، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يتم تمييزه في هذا العالم. وسكنت روحه في الجسد وتأثرت بالمال. لقد أحب ممتلكاته، وبالتالي نفسه؛ واختبره الرب واكتشف أصل الشر وأثبته. لأنه قيل: "اضطرب من هذا القول ومضى حزينًا لأنه كان له أموال كثيرة". لذا، يبدو لي أن الرب يقدم مثالًا مثاليًا للتواصل؛ وهذا يتجلى أولاً في حقيقة أنه لا يشير إلى ما لا يزال مخفيًا عن الله. إنه لا يتحدث عن إراقة ماله الدم الخاص، الموت أو القيامة. بعد كل شيء، كان هذا لم يأت بعد، ولم يكن من الممكن فهمه بعد. حتى أن أحداً من تلاميذه لم يعلم بهذا الأمر، على الرغم من أن الرب تكلم عنه مراراً وتكراراً مع الاثني عشر. ولكن كيف يمكن للشاب أن يفهم هذا؟ لقد فعل ربنا الأمر الأكثر أهمية: لقد حاول إيقاظ ضمير الرجل. وكشف له القيمة الأخلاقية لما فعله بنفسه، وحثه على التخلي عن كل ما يملك. لكن هذا كان آخر ما فكر فيه الشاب. أراد أن يكون متبرعًا، راعيًا كريمًا؛ لكن التخلي عن كل شيء والحكم على نفسه بالسخرية والعار واتباع المسيح - لم يكن مستعدًا على الإطلاق لذلك. وأدى ذلك إلى حقيقة أن الشاب، بسبب خطأه، لم يكن لديه خيار سوى الاعتراف بأنه لا يستطيع أن يفعل الخير الذي أخبره به معلمه الجيد الذي لجأ إليه. ما كان يمكن للرب أن يفعله من أجله حينها - وحده الرب يستطيع أن يقول عنه. ولكن بما أن كلمة الله صامتة بشأن هذا، فلا يُعطى لنا أن نعرف ذلك، وسيكون من العبث وغير المستحق اختراع أي شيء في هذا الشأن. يثبت الله هنا أنه بغض النظر عن مدى أخلاقية الشخص التي قد يظهرها، متبعًا نص الناموس، وبغض النظر عن مدى براءته من اللوم بشكل مدهش في الخارج، وبغض النظر عن مدى خضوعه علانية لمطالب الله، فإن كل هذا لا يخلصه. الروح، لا تجعل الإنسان سعيدًا، بل تتركه تعيسًا للغاية وبعيدًا عن المسيح. كان هذا هو الدرس الذي تعلمه الشاب الأرستقراطي الغني، ويجب القول إنه كان درسًا خطيرًا للغاية.

ويستخدم ربنا أيضًا نفس المبدأ في تعاملاته مع تلاميذه، لأنه يحول انتباهه الآن إلى الجانب الخارجي للأمر. لقد رأينا رجلاً ذو طبيعة محترمة جدًا، بمعنى ما، يبحث عن المسيح، ولكن هذا ما أدى إليه كل ذلك: في النهاية ظل الرجل غير سعيد وابتعد عن يسوع، الذي نظر إلى تلاميذه، الذين كانوا في حيرة واضحة بعد أن أوضح لهم أن الثروة عائق في الطريق إلى الإلهية. واحسرتاه! ولم يتخذ هذا دليلاً على نعمة الله. ولو أنهم كانوا أغنياء، فكم من الخير لم يستطيعوا أن يفعلوا! يقول المسيح: "ما أصعب أن يدخل ذوو الأموال إلى ملكوت الله!" فيقول لهم وهو مرعوب من كلامه: أيها الأولاد! ما أصعب على من يرجون الغنى أن يدخلوا ملكوت الله! من الأسهل على الجمل المرور من خلاله آذان الإبرةبدلاً من أن يدخل غني إلى ملكوت الله." يشرح الرب بإصرار وبشكل أكثر جدية هذا الدرس، الذي لم يفهمه حتى تلاميذه. وهم في دهشة شديدة يقولون لبعضهم البعض: "من يستطيع أن يخلص؟" وهذا يعطي الرب الفرصة لتوضيح جوهر الأمر برمته: الخلاص يعتمد على الله، وليس على الإنسان على الإطلاق. القانون والطبيعة والغنى والفقر وكل ما يحبه الإنسان أو يخافه، لا علاقة له بخلاص النفس، وفي هذا يجب أن نعتمد كليًا على قوة رحمة الله، وليس على أي شيء آخر، فما هو غير ممكن. فإن الناس مستطاع عند الله. لذلك، كل شيء يعتمد على رحمته: الخلاص في ربنا. تبارك اسمه! كل شيء مستطاع عند الله: وإلا فكيف نخلص نحن أو أي شخص آخر؟

يقول بطرس، بلهجة متفاخرة إلى حد ما، إن التلاميذ تركوا له كل شيء، وبعد ذلك ينطق الرب بكلمة معبرة جدًا، تميز الإنجيل بحسب مرقس: "ليس أحد ترك بيتًا أو إخوة أو أخوات" أو أباً أو أما أو امرأة أو أولاداً أو أرضاً من أجلي ومن أجل الإنجيل، ولم يكن ليأخذ... مائة ضعف». وتجدر الإشارة إلى أن مرقس وحده هو الذي قال "والأناجيل". وهذا هو بالضبط ما يتم التركيز على الخدمة هنا. قد يقول آخرون: "من أجله"، ولكن هنا مكتوب: "من أجلي ومن أجل الإنجيل". وهكذا تعتبر قيمة شخص المسيح جزءا لا يتجزأ من خدمته في هذا العالم. ومن يتبع المسيح بأمانة، فإن الجميع، كما يقول، ينالون "في وسط الاضطهاد مائة ضعف بيوتًا وإخوة وأخوات وآباء وأمهات وأولادًا وحقولا، وفي الدهر الآتي" ، الحياة الأبدية." " هذه ليست علاقة جميلة فحسب، بل هي أيضًا علاقة حقيقية عميقة، لأن هذا ما قاله الرب وهو رجاء الإيمان.

كل ما هو غني به المسيح هو لنا نحن المؤمنين به. مما لا شك فيه أن مثل هذا الغنى لن يرضي النفس الجشعة، لكن المؤمن سيجد فيه شبعًا عميقًا وهائلًا، لأنه لا يسعى إلى أن يبرز نفسه بطريقة ما، بل يجد السلام في إدراك أن كل ما ينتمي إلى جماعة الله هو الأرض ملك لكل قديس الله في هذا العالم. الإيمان لا يسعى لامتلاك أي شيء، بل يفرح بما هو مشترك بين المؤمنين. فالكافر لا يعتبر ملكًا له إلا ما يملكه بأنانية. على العكس من ذلك، إذا كنت مدفوعا بالحب، فإن الوضع مختلف تماما. لكن هذا سيكون مصحوبًا "وسط الاضطهاد". لا يمكنك الهروب من هذا إذا كنت مخلصًا للمسيح. أولئك الذين يعيشون في التقوى لا يمكنهم الهروب من هذا. هل يجب أن أجربها فقط لأنهم جربوها؟ سيكون من الأفضل بالنسبة لي أن أختبر ذلك بنفسي من خلال اتباع المسيح بلا هوادة. ولكن ما هو الشرف الذي يمكن أن يحصل عليه من نضاله؟ وهذا الشرف واضح بشكل خاص في خدمة المسيح. وهنا مرة أخرى نرى كيف يصف مرقس هذا بشكل كامل: "ولكن كثيرين من الأولين سيكونون آخرين، والآخرون سيكونون أولين". ونفس الشيء يقال في إنجيل متى. ليست بداية رحلة الحياة، ولكن نهايتها حاسمة. في مسار الحياة هذا، يمكن أن يتغير الكثير: ستكون هناك سقطات وأخطاء وإخفاقات وتقلبات في القدر.

ثم يذهب الرب إلى أورشليم، المدينة التي قتلت النبي الحقيقي. لقد أخطأ الشعب في تأكيدهم أن النبي لم يظهر قط في الجليل، لأن الله لم يترك نفسه بلا شهادة حتى هناك. لكن الرب كان بلا شك على حق في أنه لا ينبغي أن يهلك نبي واحد خارج أورشليم. إن مركز التقليد الديني هو بالتحديد المكان الذي يجب أن يموت فيه الشهود الحقيقيون لنعمة الله. لذلك، لم يفهم التلاميذ جيدًا ذهاب يسوع إلى أورشليم، وتبعوه على حين غرة. لقد كانوا قليلي الاستعداد لمواجهة تلك الاضطهادات الوشيكة، التي كانت فخرًا لهم في اليوم التالي، والتي كانوا بلا شك سيقوونهم بالروح القدس. لكن حتى الآن لم يشعروا بهذا. "كان يسوع يسير أمامهم، وكانوا مرتعبين وخافوا إذ تبعوه. بعد أن دعا الاثني عشر، بدأ يخبرهم مرة أخرى بما سيحدث له: ها نحن نصعد [كم هو تنازلي! "ليس أنا فقط، بل نحن" نصعد] إلى أورشليم، وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت، ويسلمونه إلى الأمم". ثم نتعلم عن المعاناة، وحتى عن الموت (وأي موت!) الذي تم وصفه لنا بكل وضوح. وفي هذه اللحظة الحرجة، يُظهر يعقوب ويوحنا مدى قلة عدد الناس، حتى خدام الله، الذين يتعمقون في أفكاره.

"المولود من الجسد جسد هو" - لا يهم من. وهذا لم يتجلى في بعض الأشخاص الأشرار، بل في أولئك الذين بدا أنهم يمثلون شيئًا ما من أنفسهم؛ وبالتالي يجب أن يكون درسهم بمثابة تنوير لنا. "مدرس! نريدك أن تفعل لنا كل ما نطلبه. تطلبهم الأم في إنجيل آخر، حيث يمكننا أن نتوقع ظهور علاقة مماثلة في الجسد. ولكن هنا - للأسف! - اسأل الخدم أنفسهم من كان ينبغي أن يعرف هذا الأمر بشكل أفضل. ومع ذلك كانت أعينهم مغلقة عليه. لقد حولوا حقيقة كونهم خدام الله إلى وسيلة للحصول على مكاسب مادية حتى في ملكوت الله. إنهم يسعون جاهدين لإرضاء جسدهم هنا، ويتملقون أنفسهم بفكرة احتلال منصب رفيع هناك. لكن الرب يخمن أفكار قلوبهم ويجيبهم بكرامته المتأصلة: “أنتم لا تعلمون ما تطلبون. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها؟ أجابوا: نستطيع. قال لهم يسوع: «الكأس التي أشربها أنا ستشربونها، وبالصبغة التي أتعمدها أنا ستتعمدون». واسمحوا لي أن أجلس بجانبي الجانب الأيمنوعن اليسار ليس عليّ بل لمن هو مستعد. إنه خادم؛ وحتى عشية المجد يظل كذلك. إن المكانة الرفيعة في ملكوت الله لن يشغلها إلا أولئك الذين خصصت لهم هذه المكانة.

لم يكتشف هذان التلميذان نفسيهما فحسب، بل كشف العشرة الآخرون أيضًا بالكامل عما يعتزون به في قلوبهم. وليس فقط هذا الشخص أو ذاك هو المسؤول عن تجلى الجسد فيهم؛ والمهم أيضًا هو كيف نتصرف في مواجهة الأخطاء التي يرتكبها الآخرون. إن السخط الذي لم يتمكن العشرة الآخرون من احتوائه يشهد على ذنبهم بقدر ما كان الاثنان متعطشين أفضل مكان. ولو سكن فيهم الحب غير الأناني لأصبح طموحهم بلا شك موضع خجل وندم. لن أقول إنهم لم يقاوموا ذلك بسبب عدم الإيمان، بل سأقول إن سخطهم أثبت أنهم كانوا يفكرون في أنفسهم وليس في المسيح. لذلك يوبخهم الرب جميعًا ويثبت أن روح الوثنية هو الذي دفعهم إلى مقاومة أبناء زبدي. لم يستطع إلا أن يبحث فيهم عما يخالف كل ما كان فيه. إن فهم ماهية الملكوت يقود المؤمن إلى الاكتفاء ولو بمركز صغير. إن العظمة الحقيقية لتلاميذ المسيح تكمن في قدرتهم على أن يكونوا خدامه الأخلاقيين، وعلى استعداد للتخلي عن كل شيء في خدمة الآخرين. ليست القوة هي التي تضمن هذه العظمة في نظر المسيح، بل القدرة على الاكتفاء بمركز العبد - عبد يشغل أدنى منصب. أما بالنسبة للمسيح نفسه، فهو لم يأت إلى الأرض ببساطة ليقدم المساعدة أو ليكون خادمًا، بل كان لديه ما يمكن أن يحصل عليه هو وحده: الحق، مثل المحبة، في بذل حياته لفدية الكثيرين.

مارك 11

ابتداءً من الآية 48، يبدأ المشهد الأخير – الرب يتوجه إلى أورشليم. لقد جاء إلى هناك، كما نعلم بالفعل، من أريحا. فتقدمه إلى أورشليم، كما نرى، بدأ بشفاء رجل أعمى. لا أحتاج إلى الخوض في التفاصيل الفردية، على سبيل المثال، عند دخول المسيح إلى العاصمة راكبًا حمارًا صغيرًا، مثل الملك (الفصل 11)؛ لن أتحدث مرة أخرى عن شجرة التين (التي لعنها المسيح والتي يبست تماما في اليوم التالي) أو عن دعوة المسيح للإيمان بالله وكيفية الصلاة بإيمان. وليس من الضروري الخوض في مسألة السلطة الممنوحة للمسيح، والتي أثارها القادة الدينيون.

مارك 12

يتحدث مثل الكرم، الذي يبدأ الإصحاح 12، كثيرًا عن مسؤولية الخدام أمام الله. ثم نتعرف على الحجر الذي رفضه البناؤون، والذي أصبح فيما بعد رأس الزاوية. ومرة أخرى نرى ممثلين من مختلف أحزاب اليهود يتوجهون إلى الرب بأسئلة. وبطبيعة الحال، كل مشهد يمر أمام أعيننا له مشهده الخاص نقاط مهمةلكن الوقت لا يسمح لي بالحديث عن كل واحد منهم بالتفصيل. لذلك، سأتجنب هذه التفاصيل عمدا. نرى الفريسيين والهيروديين والصدوقيين مدانين بالرياء، وقد تم دحض ادعاءاتهم؛ نرى كاتبًا يثبت جوهر القانون، ويجيب على سؤاله، وألقى ربنا نور الله على القانون، وفي نفس الوقت أعطى تقييمًا رائعًا للمحامي نفسه. «فلما رأى يسوع أنه أجاب بحكمة، قال له: «لست بعيدًا عن ملكوت الله». إن الخاصية الرائعة التي تتميز بها خدمة ربنا هي استعداده للاعتراف بالحق حيثما وجده. ثم يسأل ربنا سؤاله بخصوص هويته بحسب الكتاب المقدس. ثم يعطي تحذيرًا قصيرًا للشعب فيما يتعلق بالكتبة، ويخص من بين المتبرعين الأرملة المباركة الفقيرة كمثال على الإخلاص الحقيقي والإيمان الحقيقي في هذا العالم الخالي تمامًا من الروحانية في عالم شعب الله على الأرض. كيف يتجاهل الأموال التي كانت توضع في الخزانة من كثرة، وكيف يفرز ويقدس إلى الأبد عمل الإيمان حيث لا يمكن توقعه!

هذه الأرملة، التي لم يكن معها مال سوى فلسين، وضعت كل طعامها في خزانة الله، وفي هذا الوقت، عندما كان كل شيء غارقًا في الأنانية وكان ينهار، كان آخر ما فكرت به هذه الأرملة هو أنها وجدت حتى هنا على الأرض، والعين التي ترى، واللسان الذي يستطيع أن يعلن ما يمكن أن يفعله الله من أجل تسبيحه في قلب أفقر امرأة في إسرائيل وعلى يدها!

مارك 13

ثم يعطي ربنا تعليمات لتلاميذه في نبوءة تتفق تمامًا مع أسلوب مرقس (الفصل 13). ولهذا السبب بالذات، هنا فقط، في هذه العظة، يُقال عن خدمة الرب، وعن القوة التي سيتمكنون بها من الصمود في الأوقات الصعبة. ولذلك فإن ربنا يتجاهل كل الإشارات المميزة إلى نهاية العالم، ولا يظهر هذا التعبير حتى هنا. والحقيقة هي أنه على الرغم من أن هذه هي نفس النبوءة التي يشير فيها متى إلى نهاية العالم، إلا أن الروح القدس هنا لا يذكرها على وجه التحديد لسبب بسيط هو أن النبوءة التي أعدتهم للخدمة القادمة توضح ما هو مفقود، و ما يضاف هنا مقارنة بالإنجيل بحسب متى. أستطيع أيضًا أن ألاحظ أنه في هذه النبوءة وحدها يقول أنه ليس الملائكة فقط، بل حتى الابن لا يعرف متى سيأتي ذلك اليوم. السبب هنا خاص ومذهل للوهلة الأولى. ومع أن هذا التعبير، فيما يبدو لي، يرجع إلى أن المسيح يقوم بعناية بمهمة من يقتصر على ما يعهد إليه الله به، فهو خادم كامل، وليس سيدًا، ومن هذا المنطلق يبقى لذلك حتى فيما يتعلق بالمستقبل. إنه يعرف وينقل للآخرين فقط ما يقوله الله له. وبما أن الله لم يذكر شيئًا عن ذلك اليوم وتلك الساعة، فإنه لم يذكرهما. لاحظ كيف يصف ربنا هنا نفسه وخدامه وعملهم. وهذا الوصف ليس وعظيًا بطبيعته، كما في مثل الوزنات الذي قدمه متى. يقول ببساطة: "كما أن أحدًا، عندما ذهب في سفر وخرج من بيته، أعطى سلطانًا لعبيده، ولكل واحد عمله، وأوصى البواب أن يسهر". إن السمات المميزة لإنجيل متى واضحة. هناك المزيد من الجلالة هناك. هناك، من ينطلق في رحلة طويلة يتوقع غياباً طويلاً. وهنا، بلا شك، ينطلق أيضًا في رحلة، لكنه يمنح "سلطانًا لعبيده". من منا لن يلاحظ أن ما هو مكتوب يتوافق مع غرض الإنجيل بحسب مرقس؟ إنه يعطي "كل شخص عمله الخاص". ألا يمكننا أن نسأل لماذا نجد هذه التعبيرات هنا؟ نعم، لأنها تكشف محتوى الإنجيل بأكمله، لأنه حتى في النبوة، لا يتخلى الرب أبدًا عن فكرة الخدمة العظيمة. نحن هنا لا نتحدث بشكل أساسي عن المكافأة بالهدايا أو المزايا عند الانتهاء من العمل. يتم منح عبيده السلطة. أرادوها. ولم يأخذوها دون إذن. نحن هنا نتحدث عن تنفيذ مشيئته أكثر من الاستفادة من مواهبه. وقد تم الحديث عن هذا الأخير أكثر في إنجيل متى، لأن غرض الإنجيل السابق كان إظهار التغيير غير العادي الذي حدث بعد خروج الرب من الأرض، وكذلك الآمال التي علقها اليهود على المسيح، ومع صعوده إلى السماء كان سيأخذ مركزاً جديداً. هناك يتم تمثيله على أنه يوزع الهدايا، وهو في حد ذاته يختلف كثيرًا في طابعه عن المؤسسات المقبولة في اليهودية؛ ويتاجر الناس بهذه الهدايا، ويدخل الأبرار والمؤمنون أخيرًا إلى فرح سيدهم. هنا يتم سرد خدمة المسيح ببساطة، وهنا يظهر كخادم أمين.

مارك 14

يُظهر الإصحاح الرابع عشر مشاهد مثيرة للاهتمام ومفيدة للغاية، حيث لم يعد الرب، وحده مع تلاميذه، يتنبأ، بل يكرمهم بقسم محبته الأخير. غاضبًا، تآمر رؤساء الكهنة والكتبة على قتله. في بيت سمعان الأبرص في بيت عنيا، دهنت امرأة جسد الرب للدفن، وتعرفت عليه بين التلاميذ، واختارت بينهم مرشدًا، والذي نراه أيضًا لا يقبل ذبيحة الحب، بل يعطي العظمة. وعلامة حبه التي لا تتغير هي العشاء. تظهر حالة نفس يهوذا في حالتين: عندما يتصور خطته وعندما يشرع في تنفيذها. ومن الآن فصاعدا يتقدم ربنا: ليس فقط ليحتمل غضب الله، بل ليقبله أيضًا بالروح أمام الله في كل الإنجيل. لقد أتيحت لنا الفرصة للتحقق من أنه كان لديه عادة التوجه إلى الله، وهو الأمر الذي أريد الآن أن ألفت الانتباه إليه بشكل عابر. وبما أن الصلب كان أصعب مهمة وتسبب في أعمق المعاناة، لم يستطع الرب أن يذهب إلى الجلجثة دون أن يصلي أولاً في الجسمانية. ويظهر في الوقت المناسب أمام رئيس الكهنة وبيلاطس اللذين يحكمان عليه.

مارك 15

نقرأ عن كيفية صلب ربنا في الأصحاح الخامس عشر. ومنه نتعرف على مدى تأثير ذلك على من تبعه: عن رحمة النساء وجبن الرجال الدنيء في مواجهة الموت، بينما تبين أن النساء الضعيفات قويات.

مارك 16

وأخيرًا، يخبرنا الإصحاح السادس عشر عن قيامة المسيح، ويتم سرده بدقة وفقًا لطبيعة هذا الإنجيل. وعليه، عندما نعلم أن الرب قام من بين الأموات، نقرأ كيف يقول الملاك للنسوة اللاتي دخلن القبر: "لا تندهشن. ابحث عن يسوع الناصري المصلوب. لقد قام، ليس هو ههنا. هذا هو المكان الذي وُضع فيه. ولكن اذهبوا وأخبروا تلاميذه وبطرس». تم ذكر بطرس بشكل منفصل فقط في إنجيل مرقس. وهذا أمر مفهوم. وهذا درس مهم للروح. ففي الواقع، احتقر بطرس كلمة الرب، وإن لم يكن عن قصد؛ لم يقبل بطرس هذه الكلمة بإيمان في نفسه، بل على العكس اعتمد على نفسه وواجه صعوبة لم يستطع التغلب عليها، لأنه لم يسبق له تجربة بالروح أمام الله. وحدث أن سقط بطرس مخجلًا. وعندما نظر الرب إليه شعر بشدة بتجاوزه. لكنه استمر في الحزن، وكان بحاجة إلى الدعم، ولذلك أفرد ربنا اسم بطرس في رسالته ولم يذكر سوى اسم واحد من أسمائه. يشجع النفس الضعيفة لتلميذه المتعثر. وكان هذا مظهرًا لنفس الرحمة التي صليت من أجله قبل سقوطه.

لقد أثر الرب على بطرس من أجل إحيائه روحيًا بالكامل، وبمساعدة الكلمة لم يؤثر على ضميره فحسب، بل أظهر أيضًا محبته له. كان من الممكن أن يظن الإنسان أن بطرس هو آخر من يُذكر، لكن بطرس كان في أمس الحاجة إلى ذلك، وكان ذلك كافيًا لتكشف رحمة المسيح. إن الإنجيل بحسب مرقس هو إنجيل خدمة المحبة.

لا أحتاج أن أتحدث الآن عن الصلب والقيامة كما هو موضح هنا. وخصوصية هذا الإنجيل أن بعض الأحداث تُروى هنا، والبعض الآخر لا يُذكر، مما يدل على اختلاف تغطية الأحداث الواردة في هذا الإنجيل عما نتعلمه من المصادر الأخرى، فها نحن نقرأ ذلك أثناء القبض على يسوع، الشاب، الذي ترك الحجاب، هرب عارياً من الحشد المشاغب الذي قبض عليه، والذي أمسك بالمخلص، وأيضاً على طريق الجلجثة، الجنود بقسوتهم التي لا معنى لها "أجبروا بعض المارة على المرور". سمعان القيرواني أبو الكسندروف وروفس.. ... ليحمل صليبه”. لكن الله لم ينس ذلك اليوم الصعب بالنسبة ليسوع، والذي يمكن أن يشهد عنه الإسكندر وروفوس لاحقًا. لم تُقال هنا كلمة واحدة عن الزلزال الذي حدث في ساعة موت المسيح أو عندما قام: ولا يقال أن القبور انفتحت وأن العديد من أجساد القديسين الراحلين قاموا وظهروا في المدينة المقدسة. ورغم أنه يقال هنا عن نساء، كما نعلم، أردن أن يخدمنه حتى عندما مات، لكن قيامته منعت ذلك وأدخلت إلى خدمتهن نورًا أفضل لا يفنى، وبدد الملاك الذي خدم الرب خوفهن معلنًا أن يسوع المصلوب قد قام. ليس من الضروري أن نقول كم هو رائع أن هذا المشهد يناسب هذا الإنجيل.

وأعترف أيضًا أن هناك فرقًا لا يمكن إنكاره بين هذا المقطع (ملاحظة المحرر: يشير المؤلف إلى الآيات 9-20 من الفصل 16، والتي لم يتم العثور عليها في المخطوطتين الأقدمين، السينائية والفاتيكان، وتم حذفها جزئيًا في مخطوطات أخرى)والجزء السابق من الفصل السادس عشر. لكنني أؤمن أن الروح القدس قدمهم عمدًا في ضوء مختلف. هنا، كما رأيت، نحن نتحدث عن صنع التلاميذ. ويقابل هذا القيامة من الأموات التي أعدهم لها. ولو لم يذكر هذا الإنجيل ذلك لاكتشفنا فجوة صارخة لا يمكن إلا أن نشعر بها. الرب نفسه، قبل قيامته، حدد أهمية ذلك. لو لم تذكر رواية هذا الحدث خدام المسيح وخدمة المسيح، لكانت بالفعل خسارة لا تطاق، ولكانت لهذا الإنجيل الرائع أكثر نتيجة غير مقنعة يمكن تخيلها. سينتهي الإصحاح 16 ببقاء النساء صامتات وذكرن سبب ذلك - "لأنهن كن خائفات" (الآية 8). فهل مثل هذا الاستنتاج يليق بالعبد الذي كان ابن الله؟

ما هو الانطباع الذي سيترك إذا أثارت الشكوك بين المتعلمين الذين يعتبرونها ذات قيمة؟ هل يمكن لأي شخص يعرف شخصية الرب وخدمته أن يتخيل أننا يجب أن نكتفي برسالة تحجبها النساء بسبب الخوف؟ وبطبيعة الحال، أعترف أن الأدلة الخارجية هي السائدة. لكن يبدو لي داخليًا أنه من المستحيل أن يتمكن أي شخص يقارن الاكتمال المبكر للإنجيل مع الهدف الموضوع أمامه، وكذلك مع طابعه، من الموافقة على مثل هذه النهاية بعد أن يقدر ما هو مكتوب في الآيات 9-20. من المؤكد أن هذه الأبيات تبدو لي مناسبة تمامًا لاستكمال ما قد يكون سجلًا ضعيفًا ويائسًا للحدث. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أسلوب العرض الحر للغاية، واستخدام التعبيرات التي لا توجد في أي مكان آخر باستثناء مرقس، والصعوبات المرتبطة بالظروف الفردية التي يتم سردها هنا - كل هذا يوحي في ذهني بصحة التأليف، لأنه إذا كان كانت مزيفة، فإن المزور سيلتزم تمامًا بالرسالة إذا لم يتمكن من فهم روح ما قاله مرقس بسهولة.

وبالطبع أعترف أن الأبيات السابقة، كما هي مرتبة الآن، تجيب على غرض خاص؛ أعترف بتأثير العناية الإلهية عليهم؛ ولكن من المؤكد أن خدمة يسوع كان لها هدف أسمى من طرق الله المعينة. ومن ناحية أخرى، إذا قبلنا النهاية المشتركة للإنجيل بحسب مرقس، فكيف يمكننا التوفيق بين كل هذا؟ نرى هنا امرأة، وليس أي امرأة فحسب، بل مريم المجدلية، التي أخرج منها يسوع، الذي مات وقام، سبعة شياطين؛ ألم تكن شاهدة مستحقة لقوة قيامة ابن الله؟

لقد جاء الرب ليضع حدًا لأنشطة الشيطان، وقد عرفت ذلك حتى قبل أن يموت ويقوم من جديد. إذن، من الذي يمكن أن يكون رسولًا مناسبًا، إن لم تكن مريم المجدلية؟ هناك سبب إلهي يتوافق مع هذا الإنجيل. أثبتت هذه المرأة فعالية خدمة يسوع المباركة بخلاصها من سلطان إبليس. وكانت مستعدة لتخبر العالم عن عمله الأكثر مجيدة، لأن يسوع الآن بموته قد دمر قوة الشيطان بالموت. "فذهبت وأخبرت الذين معه وهي باكية ونائحة." لقد كان حزنًا سابقًا لأوانه من جانبهم؛ يا لها من فرحة هائلة لا بد أن هذه الأخبار قد منحتهم إياها! لكن للأسف! وتركهم عدم إيمانهم في حزن وأسى. "وبعد ذلك ظهر بشكل آخر لاثنين منهم في الطريق، وهما ذاهبان إلى القرية. فرجعوا وأخبروا آخرين؛ لكنهم لم يصدقوهم أيضاً». هناك تفصيل مهم هنا فيما يتعلق بخدمة الرب والذي يجب أن نتذكره. نحن نتحدث عن قسوة النفوس البشرية (القلوب) وما ينتج عنها من عداوة ومقاومة لكل ما هو حق. وحيثما لا تؤثر الحقيقة تأثيرًا كبيرًا على الناس، فإنهم يتجاهلونها دون خوف أو كراهية أو عداوة. وهكذا فإن مقاومة الحقيقة نفسها، إذا كانت مظهراً بشكل ما لكفر الإنسان، تثبت في الوقت نفسه أن هذا الكفر يؤدي إلى المقاومة.

لنفترض أنك أخبرت شخصا ما أن بعض الرئيس يمتلك ثروة ضخمة في تارتاري، وقد يعتقد أن هذه هي الحقيقة الحقيقية - على الأقل لن ينكرها في هذه الحالة. لكن أخبره أن لديه مثل هذه الحالة هناك: هل يصدقك؟ في اللحظة التي يؤثر فيها شيء ما على الإنسان، فمن مصلحته أن يقاومه بعناد. كان من الأهمية بمكان أن يتم تعليم الطلاب كيفية الشعور بقلوبهم والتعرف على الحدث من خلال تجربتهم الخاصة. ولدينا نفس الشيء في حالة ربنا. لقد أخبرهم بكل شيء بوضوح في كلمته؛ لقد تكلم عن القيامة مراراً وتكراراً، ولكن كم كان خدام الرب المختارون هؤلاء بطيئين! لم يكن أي شخص آخر يتحلى بالصبر ليخدم مع أولئك الذين أظهر الرب لهم الكثير من اللطف والرحمة! وهنا مرة أخرى نجد كل شيء له أي أهمية من وجهة نظر خدمة الرب.

بعد ذلك، ظهر الرب شخصيًا للأحد عشر المتكئين، و"وبخهم على عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين رأوه قام". ومع ذلك فقد أظهر نفسه كمعلم رحيم، يعرف جيدًا كيف يصنع من الأشرار عبيدًا صالحين؛ ولذلك يقول لهم الرب فورًا بعد أن وبخهم على عدم إيمانهم: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. ومن آمن واعتمد خلص». ليس المهم هو الحقيقة فحسب، بل أيضًا الاعتراف بها علنًا وعلنًا أمام الله والناس، لأنه من الواضح أن المعمودية ترمز إلى موت المسيح وقيامته.

وهذه هي قيمتها: "من آمن واعتمد". ولا تتصور أنك إن قبلت المسيح، فقد تجنبت كل الصعوبات والمخاطر التي تعترض الاعتراف به. ليس هكذا على الإطلاق. «من آمن واعتمد خلص. ومن لا يؤمن يُدان». الجملة الأخيرة لا تقول كلمة واحدة عن المعمودية. يمكن لأي شخص أن يعتمد، لكنه لا يؤمن، وبالتالي لن يخلص. "ومن لا يؤمن يُدان". لذا فإن النقطة المهمة هي أن يكون لديك إيمان. أما إذا ادعى الإنسان أنه مؤمن، وتجنب الاعتراف العلني بمن يؤمن به، فإن مثل هذا الاعتراف بالدين لا قيمة له؛ لن يتم التعرف عليه على أنه صحيح. وهذا هو أساس مبدأ مهم يجب على خدام المسيح أن يلتزموا به.

ما يلي هو ما يمكن أن يعزى إلى المظاهر الخارجية للقوة: "وهذه الآيات تتبع المؤمنين: باسمي يخرجون الشياطين". وسرعان ما ستهتز قوة الشيطان بشكل كبير. لقد كان مجرد دليل، ولكن ما مدى ثقله! في هذه الحالة، لا يقول الرب كم من الوقت يجب أن تستمر هذه العلامات. فهو يقول: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها". ويتابع مضيفًا إلى ما قيل: "وهذه الآيات تتبع المؤمنين: باسمي يكونون..." أي يستمر في القرب من آياته، فيعمد ويعلم جميع الوثنيين ما يسرهم. له. وهذا الأمر، كما نرى، يجب أن يستمر إلى نهاية الزمان. أما العلامات التي يذكرها مرقس في الأصحاح 16، فعندما يتحدث عنها يغفل بحكمة ذكر الزمن. ولم يذكر إلى متى يجب أن تتبع هذه العلامات المؤمنين. فهو يقول فقط أن هذه العلامات يجب أن تتبعهم، ففعلوا. ولم يعد بأن العلامات ستدوم خمس أو خمسين أو مائة أو خمسمائة سنة. لقد قال ببساطة إنهم يجب أن يرافقوهم، وأُعطيت الآيات ورافقت ليس الرسل فقط، بل جميع المؤمنين. وكانوا يؤكدون قول المؤمنين أينما تكلموا. لم تكن هذه أقل من شهادة، وليس لدي أدنى شك في أن الحكمة العليا ظهرت في إعطاء هذه العلامات المصاحبة للكلمة، ولكن لم يكن إيقاف عملها أقل حكمة. أنا متأكد من أنه في الوضع الكارثي الحالي للمسيحية، فإن هذه العلامات الخارجية، التي لم تعد ضرورية، ستجلب الضرر. ولا شك أن توقفهم يشهد على خطيئتنا وتدني حالتنا الأخلاقية. وفي الوقت نفسه، فإن رفضه إعطاء هذه العلامات لشعبه في الوقت الذي لن يجلبوا له سوى الأذى ويمكن أن يشوهوا مجده الأخلاقي كان مظهرًا من مظاهر الرحمة.

لكن ليست هناك حاجة للخوض في أسباب هذا الحكم الآن - يكفي أن نقول إن هذه العلامات قد أعطيت بالفعل. "سوف يخرجون الشياطين. سيتكلمون بألسنة جديدة. سوف يأخذون الثعابين. وإذا شربوا شيئًا مميتًا، فلن يضرهم؛ ويضعون أيديهم على المرضى فيبرؤون». وهكذا تم توجيه ضربة لمصدر الشر الغزير في هذا العالم (كشفت الآن رحمة الله الوفيرة للعالم)، وتم تقديم دليل فعال على فوائد الرحمة الإلهية، التي أنقذت الساهرين في كل الأرض. وأعتقد أن هذا هو ما يميز الخدمة. علاوة على ذلك، لا يزال هناك جزء معبر من هذا الاستنتاج، والذي، أجرؤ على القول، لا يمكن أن يكتبه أي شخص باستثناء مرقس. لا شك أن الروح القدس هو المؤلف الحقيقي لكل ما كتبه مرقس؛ ومن المؤكد أن الجزء الأخير من الإنجيل يناسبنا هنا وليس في أي مكان آخر. إذا أخذت هذه الآيات (ملاحظة المحرر: أي الآيات 9-20)ثم اترك الإنجيل بدون الجزء الأخير. إذا قبلت هذه الآيات على أنها عمل الله، فسوف تحصل، وأكرر، على نتيجة تتناغم مع الإنجيل الإلهي الحقيقي؛ وليس هذا فقط، بل هنا لديك خاتمة إلهية لإنجيل مرقس، وليس لأي إنجيل آخر. وهذا الاستنتاج لا ينطبق على أي إنجيل آخر غير إنجيل مرقس، لاحظ ما يقوله روح الله في النهاية. "وهكذا بعد أن كلمهم الرب صعد إلى السماء". قد تظن أن المسيح الآن يستريح في السماء، بعد أن أكمل عمله على الأرض، وبتمام الكمال، خاصة أنه يقول أيضًا: "وجلس عن يمين الله". إذا كان هذا ما يقال هنا عن مكانة المسيح، فبالأحرى يمكن الافتراض أنه قد حان الوقت الآن ليرتاح، لأنه قد أكمل عمله. ولكن هذا ليس صحيحا. بما أن إنجيل مرقس يركز على يسوع كخادم الله، فبالرغم من أنه يرقد في المجد، فإنه يظل خادمًا. من الواضح إذن أنه مكتوب هنا أنه بعد أن ذهبوا في مهمتهم، كان عليهم أن يبدأوا العمل الذي أمرهم به الرب: "فخرجوا وكرزوا في كل مكان"، لأن هذا هو نطاق الإنجيل بحسب مرقس. . "فخرجوا وكرزوا في كل مكان، وكان الرب يعمل معًا ويثبت الكلمة بالآيات التي تبعتها". وهكذا يقدم لنا مرقس، دون غيره، الوصف الأكثر تفصيلاً، الذي تم الاتفاق على كل تفاصيله من البداية إلى النهاية. هل كان بمقدور مُزيّف الإنجيل أن يحافظ على الفكرة الجريئة بأن الرب كان يعمل من أجلهم، في حين أن كل كلمة أخرى تشير إلى أنه كان في ذلك الوقت على الأقل في حالة راحة؟

لذلك، نظرنا بسرعة إلى إنجيل مرقس ورأينا أنه هنا، أولاً وقبل كل شيء، يتحدث عن إدخال الرب في خدمته لأولئك الذين تم تكليفهم بمهمة غير عادية قبل مجيئه - نحن نتحدث عن يوحنا المعمدان. والآن إذ جلس عن يمين الله نجد أن الرب كما قيل عنه كان يعين الرسل. إن الافتراض بأن الآيات من التاسعة إلى النهاية موثوقة، ولكن ليس بقلم مرقس، يبدو لي أكثر الافتراضات المؤسفة.

ليبارك كلمته ويعطينا هنا تأكيدًا آخر أنه إذا كان هناك أي فقرة نشعر فيها باليد الإلهية بشكل أكثر وضوحًا من غيرها، فهذا هو مقطعه، ولن يسمح لنا برفضه تعبيرًا عن عدم الإيمان! لا أعرف أين يمكن العثور في الإنجيل كله على فقرة أخرى مميزة لكاتبه، غير تلك التي يحاول الإنسان، بتهوره المميز، أن يقتلعها من التربة التي رفعه الله فيها. لكن أيها الأصدقاء الأعزاء، هذه الكلمات لا تخص إنسانًا. يجب أن يُقتلع كل زرع لم يغرسه الآب السماوي. لا يمكن اقتلاع هذه النبتة أبدًا، فهي ستعيش إلى الأبد، مهما قالت العقول البشرية الكبيرة أو الصغيرة عنها.

الفصل 9
1. "نعم!"، تابع، أقول لك أن هناك أناسًا هنا لن يعرفوا الموت حتى يروا ملكوت الله يأتي بقوة!
2. وبعد ستة أيام أخذ يسوع صفا ويعقوب ويوحنان وسار بهم سرا إلى جبل عال، وتغير منظره أمام أعينهم.
3. وصارت الثياب بيضاء ناصعة البياض حتى لا يستطيع شيء على الأرض أن يبيضها.
4. وبعد ذلك رأوا أن إيليا وموسى يتحدثان مع يشوع.
5. فقال صفا ليشوع: «حسن أننا هنا يا سيدي، فلنبني هنا ثلاثة بيوت: لك واحدة، ولموسى واحدة، وواحدة لإلياهو».
6. (لم يكن يعرف ماذا يقول، لأنهم كانوا خائفين للغاية).
7. 3 ثم غشيتهم سحابة. وجاء صوت من السحابة: «هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا!»
8. وفجأة نظروا حولهم ولم يروا أحدا إلا يسوع.
9. وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم أن لا يخبروا أحدا بما رأوا حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات.
10. وكتموا ذلك. لكنهم كانوا يتساءلون باستمرار: "ما معنى القيامة من بين الأموات؟"
11. وسألوه أيضًا: لماذا يقول معلمو التوراة أن إلياهو يجب أن يأتي أولاً؟
12. فأجاب: ((حقا أن إلياهو يأتي أولا ويرد كل شيء. ولكن لماذا هو مكتوب في التناخ أن ابن الإنسان يتألم كثيرا ويرفض؟))
13. وأيضا أقول لكم: إن إلياهو قد جاء، وفعلوا به كما أرادوا، كما قيل عنه في التناخ».
الآية 1-13. انظر مات. 11:10-14، 17:10-12.

14. وبالعودة إلى التلاميذ، رأوا أن جمعًا كبيرًا قد تجمع حولهم، وكان بعض معلمي التوراة يتجادلون معهم.
15. ولما رآه الشعب تفاجأوا وركضوا وسلموا عليه.
16. فسألهم: في ماذا تتجادلون؟
17. فأجابه واحد من الشعب: «يا معلم، قد قدمت لك ابني، به روح نجس غبي.
18. في كل مرة يمسك به، يطرحه على الأرض - يسيل لعاب الصبي، ويصر على أسنانه، ويتخدر جسده بالكامل. وطلبت من تلاميذكم أن يخرجوا منه الروح، فلم يستطيعوا أن يفعلوا».
19. "أناس بلا إيمان!" - أجاب. "إلى متى يجب أن أبقى معك؟ إلى متى يجب أن أحتملك؟ أحضره إلي!"
20. فأتوا إليه بالصبي. فلما رآه الروح طرحه على الأرض ليتشنج.
21. فسأل يسوع أبا الصبي: «منذ متى أصابه هذا؟»
22. فأجاب: ((منذ طفولته، وكثيرا ما يحاول أن يقتله بإلقائه في النار أو الماء. ولكن إن كنت تستطيع أن تفعل شيئا، فتحنن علينا وساعدنا!))
23. قال له يسوع: ((ماذا تقول: إن كنت تستطيع؟ كل شيء مستطاع للمؤمن!))
24. على الفور صاح والد الطفل: "أعتقد - ساعد عدم إيماني!"
25. فلما رأى يسوع أن الشعب قد بدأ يزحمهم من كل جانب، انتهر الروح النجس قائلا: «يا روح صمم وبكم، أنا آمرك: اخرج منها ولا تعود إليها أبدًا».
26. بعد أن أطلق صرخة خارقة وتسبب في الصبي هجوم شديد، خرج. كان الصبي يرقد كأنه ميت، وظن معظم الناس أنه مات.
27 فاخذ يسوع بيده واقامه فقام.
28. ولما دخل يسوع البيت التفت اليه التلاميذ سرا من عند الجميع قائلين لماذا لم نقدر ان نخرجه.
29. فقال لهم: هذا النوع من الروح لا يُطرد إلا بالصلاة.
الآية 29. فقط من خلال الصلاة. وزادت بعض المخطوطات: "والصوم".

30. ثم تركوا ذلك المكان ومضوا في الجليل. يشوع لم يريد أن يعرف أحد عن هذا
31. لأنه علم تلاميذه. فقال لهم: «إن ابن الإنسان سيُسلَّم إلى أيدي الناس الذين يقتلونه، ولكن بعد ثلاثة أيام من قتله يقوم».
32. لكنهم لم يفهموا ما يعنيه وخافوا أن يسألوه.
33. ووصلوا إلى كفر ناحوم، وبينما هم في البيت، سألهم يسوع: «بماذا كنتم تتكلمون ونحن نسير؟»
34. فسكتوا. لأنهم في الطريق كانوا يتجادلون من منهم هو الأكبر.
35. فجلس ودعا الاثني عشر وقال لهم: «من أراد أن يكون أولا، فليصير آخر الكل وخادما للكل».
36. فأخذ الصبي وأقامه في وسطهم. ثم احتضنه وقال لهم:
37. «من قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي يقبلني، ومن يقبلني لا يقبلني بل الذي أرسلني».
38. قال له يوحانان: «يا معلم، رأينا رجلا يخرج الشياطين باسمك، وبما أنه ليس منا، فقلنا له أن يتوقف».
39. فقال يسوع: لا تمنعوه، لأنه ليس أحد الذي يصنع آيات باسمي يقدر بعد ذلك أن يقول علي شيئا سيئا.
40. لأن من ليس علينا فهو معنا.
الآية 40. من ليس علينا فهو معنا. يبدو تناقضًا مع متتياهو 12: 30، لكن انظر الملاحظة هناك.

41. حقًا، إذا أعطاك أحد ولو كوب ماء لسبب مجيئك باسم المسيح - نعم! أقول لك إنه لن يضيع أجره.
42. ومن يضل أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر.
43. إذا أعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تكون مقعدًا وتحصل على الحياة الأبدية من أن تمسك كلتا يديك وينتهي بك الأمر في جي-خينوم، في النار التي لا تطفأ!
الآية 43 هاي هينوم، انظر com. إلى مات. 5:22

45. وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تكون أعرجًا فتنال الحياة الأبدية من أن تحتفظ بساقيك وتلقى في هاي هينوم!
تضيف بعض المخطوطات نفس الآيتين 44 و 46: "حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ". (اشعياء 66:24)

47. وإذا أعثرتك عينك فاقلعها. خير لك أن تكون لك عين واحدة وتدخل ملكوت الله من أن تحتفظ بكلتا العينين وتلقى في هاي خين،
48. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. (يشعيا – إشعياء 66: 24)
الآية 48. يعلم إشعياء 66: 22-24 أن هناك "سماء جديدة وأرض جديدة" (كما هو مؤكد في 2 صفا 3: 13، رؤيا 21-22) حيث سيعبد شعب الله الله، " فيذهبون ويرون جثث الأشخاص الذين أخطأوا إليّ. لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ".

49. هذا صحيح، الجميع سوف يملحون بالنار.
50. الملح شيء عظيم، ولكن إذا فقد ملوحته فبماذا تتبلله؟ لذلك فليكن فيكم ملح، أي سلموا بعضكم بعضًا".
الآية 49-50. يستخدم الملح لتتبيل الطعام (كو 4: 5-6 ون)، وأيضا كمادة حافظة (متى 5: 13-14 ون). "يحرم تقديم أي ذبيحة بدون ملح" (رمبام، الوصايا، وصايا النهي رقم 99؛ راجع لاويين 2: 13)؛ لذلك، بالنسبة للطلاب الذين يجب أن يقدموا أنفسهم ذبائح حية (رومية 12: 1-2)، لا بد من تمليحهم بالنار. يرش اليهود المتدينون الملح على الخبز قبل أن يقولوا "برا" عليه (انظر متى 14: 19 ن)، وهذا يأتي من حقيقة أن الحاخامات يساوون مائدة العشاء في المنزل مع المذبح في الهيكل (7: 2-4 ون). انظر لوقا ١٤: ٣٤-٣٥ ن.

تعليق على الكتاب

التعليق على القسم

1 لقد تحقق وعد المسيح كاملا يوم حلول الروح القدس عليهم في عيد العنصرة.

5 "المظال" - سم متى 17: 4.

13 "لقد جاء إيليا" - انظر متى 17: 12-13.

29 "هذا الجيل" أي. روح شريرة؛ لا يستطيع الإنسان أن يتغلب على خطيئته بدون الصلاة والصوم.

30 وبعد أن ذهب المسيح إلى فينيقية، تمكن أعداؤه من تسليح كثيرين من الجليليين ضده.

38-40 أولئك الذين آمنوا بقدرة يسوع الشافية ليسوا بعيدين عن الإيمان به كنبي ومسيح. " ومن ليس ضدك فهو معك" - تزوج متى 12:30. في متى، يوضح المخلص لمستمعيه طريق الخلاص الشخصي: أولئك الذين لا يقبلونه يقفون إلى جانب أعدائه. نتحدث في مرقس عن انتشار الإنجيل: أولئك الذين في السلطة والذين يمنحون أولئك الذين يبشرون بالمسيح حرية معينة يقدمون دعمًا غير مباشر للنشاط الرسولي.

49-50 النار مثل الملح - منظفويدمر كل قذارة، وهو أيضًا رمز القوة والأمان والإخلاص (راجع لاويين 2: 13).

1. يوحنا الذي حمل الاسم اللاتيني الثاني مرقس كان من سكان أورشليم. ا ف ب. كثيرًا ما كان بطرس وتلاميذ المسيح الآخرون يجتمعون في بيت أمه (عطية 12: 12). وكان مرقس ابن أخ القديس يوسف برنابا اللاوي، وهو من مواليد الأب. قبرص، الذي عاش في أورشليم (عطية 4: 36؛ كولوسي 4: 10). بعد ذلك، كان مرقس وبرنابا رفيقي القديس بولس في رحلاته التبشيرية (عطية 12: 25)، ومرقس، عندما كان شابًا، كان مُعدًا "للخدمة" (عطية 13: 5). أثناء رحلة الرسل إلى برجة، تركهم مرقس، ربما بسبب صعوبات الرحلة، وعاد إلى موطنه في أورشليم (عطي 13: 13؛ عطي 15: 37-39). وبعد المجمع الرسولي (ج 49)، اعتزل مرقس وبرنابا إلى قبرص. في الستينيات، رافق مرقس القديس بولس مرة أخرى (فليمون 1: 24)، ثم أصبح رفيقًا للقديس بطرس الذي يدعوه "ابنه" (بطرس 15: 13).

2. يقول بابياس هيرابوليس: “لقد كتب مرقس، مترجم بطرس، بدقة كل ما يتذكره، على الرغم من أنه لم يلتزم بالترتيب الصارم لأقوال المسيح وأفعاله، لأنه هو نفسه لم يستمع إلى الرب و لم يرافقه. ومع ذلك، بعد ذلك، كما قيل، كان مع بطرس، لكن بطرس شرح التعليم من أجل تلبية احتياجات المستمعين، وليس من أجل نقل أحاديث الرب بالترتيب” (يوسابيوس، تاريخ الكنيسة. مريض، 39). . يقول أكليمنضس الإسكندري: "بينما كان الرسول بطرس يكرز بالإنجيل في روما، كتب مرقس رفيقه... إنجيلًا اسمه إنجيل مرقس" (را. يوسابيوس، الكنيسة. Ist. 11، 15).

القديس يوستينوس، مقتبسًا مقطعًا واحدًا من مرقس، يسميها مباشرة "مذكرات بطرس" (حوار مع تريفون، 108). يذكر القديس إيريناوس من ليون أن مرقس كتب إنجيله في روما بعد وقت قصير من استشهاد بطرس، وكان “تلميذه ومترجمه” (ضد الهرطقات، III، 1، 1). لقد تم صلب بطرس على الأرجح في عام 64 (أو 67)، وبالتالي، يجب أن يرجع تاريخ إنجيل مرقس إلى أواخر الستينيات.

3. يخاطب مرقس المسيحيين الوثنيين الذين يعيشون بشكل رئيسي في روما. ولذلك فهو يشرح لقرائه جغرافية فلسطين، وغالباً ما يشرح العادات اليهودية والتعبيرات الآرامية. ويعتبر أن كل ما يتعلق بالحياة الرومانية معروف. لنفس السبب، يحتوي مرقس على إشارات أقل بكثير إلى العهد القديم مقارنة بمتى. معظم رواية مرقس تشبه رواية متى، وبالتالي لا تتكرر التعليقات على النصوص الموازية.

4. الهدف الرئيسي لمرقس هو ترسيخ الإيمان بألوهية يسوع المسيح بين الأمم المهتدين. لذلك فإن جزءًا كبيرًا من إنجيله مشغول بقصص المعجزات. في أدائها، يخفي المسيح في البداية مسيانيته، كما لو كان يتوقع أن يقبله الناس أولاً كصانع عجائب ومعلم. وفي الوقت نفسه، يصور مرقس، إلى حد أكبر من متى، ظهور المسيح كإنسان (على سبيل المثال مرقس 3: 5؛ مرقس 6: 34؛ مرقس 8: 2؛ مرقس 10: 14-16). وهذا ما يفسره قرب المؤلف من بطرس الذي نقل لسامعيه صورة حية للرب.

أكثر من الإنجيليين الآخرين، يهتم مرقس بشخصية رأس الرسل.

5. خطة مرقس: 1. فترة المسيح الخفي: 1) الكرازة بالمعمدان ومعمودية الرب والتجربة في البرية (مرقس 1: 1-13)؛ 2) الخدمة في كفرناحوم ومدن الجليل الأخرى (مرقس 1: 14-8: 26). ثانيا. سر ابن الإنسان: 1) اعتراف بطرس وتجليه ورحلته إلى أورشليم (مرقس 27:8-52:10)؛ 2) التبشير في أورشليم (مرقس 1:11-37:13). ثالثا. عاطفة. القيامة (مرقس 14: 1- 16: 20).

مقدمة لأسفار العهد الجديد

الانجيل المقدسكُتب العهد الجديد باللغة اليونانية، باستثناء إنجيل متى، الذي، بحسب التقليد، كتب بالعبرية أو الآرامية. ولكن بما أن هذا النص العبري لم يبق، فإن النص اليوناني يعتبر النص الأصلي لإنجيل متى. وبالتالي، فإن النص اليوناني للعهد الجديد فقط هو النص الأصلي، والعديد من الطبعات بمختلف اللغات الحديثة حول العالم هي ترجمات من الأصل اليوناني.

ولم تعد اللغة اليونانية التي كُتب بها العهد الجديد هي اللغة اليونانية القديمة الكلاسيكية، ولم تكن، كما كان يُعتقد سابقًا، لغة خاصة بالعهد الجديد. هي لغة منطوقة يومية يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي، وانتشرت في جميع أنحاء العالم اليوناني الروماني، وتعرف في العلم باسم "κοινη"، أي "κοινη". "الظرف العادي"؛ ومع ذلك، فإن الأسلوب، وتقلبات العبارة، وطريقة التفكير لدى كتبة العهد الجديد المقدسين تكشف عن التأثير العبري أو الآرامي.

لقد وصل إلينا النص الأصلي للعهد الجديد في عدد كبير من المخطوطات القديمة، المكتملة إلى حد ما، والتي يبلغ عددها حوالي 5000 (من القرن الثاني إلى القرن السادس عشر). حتى السنوات الأخيرة، لم يعود أقدمها إلى أبعد من القرن الرابع، ولا يوجد P.X. ولكن في الآونة الأخيرة، تم اكتشاف العديد من أجزاء مخطوطات العهد الجديد القديمة على ورق البردي (القرن الثالث وحتى القرن الثاني). على سبيل المثال، تم العثور على مخطوطات بودمر: يوحنا، لوقا، 1 و 2 بطرس، يهوذا - ونشرت في الستينيات من قرننا. بالإضافة إلى المخطوطات اليونانية، لدينا ترجمات أو نسخ قديمة إلى اللاتينية والسريانية والقبطية وغيرها من اللغات (فيتوس إيتالا، بيشيتو، فولغاتا، وما إلى ذلك)، والتي كانت أقدمها موجودة بالفعل منذ القرن الثاني الميلادي.

أخيرًا، تم الحفاظ على العديد من الاقتباسات من آباء الكنيسة باللغة اليونانية واللغات الأخرى بكميات كبيرة لدرجة أنه إذا فُقد نص العهد الجديد وتم إتلاف جميع المخطوطات القديمة، فيمكن للخبراء استعادة هذا النص من اقتباسات من الأعمال من الآباء القديسين. كل هذه المواد الوفيرة تجعل من الممكن فحص وتوضيح نص العهد الجديد وتصنيف أشكاله المختلفة (ما يسمى بالنقد النصي). بالمقارنة مع أي مؤلف قديم (هوميروس، يوربيدس، إسخيلوس، سوفوكليس، كورنيليوس نيبوس، يوليوس قيصر، هوراس، فيرجيل، وما إلى ذلك)، فإن نصنا اليوناني الحديث المطبوع للعهد الجديد في وضع مناسب بشكل استثنائي. وفي عدد المخطوطات، وفي ضيق الوقت الذي يفصل أقدمها عن الأصل، وفي عدد الترجمات، وفي قدمها، وفي جدية وحجم العمل النقدي المنجز على النص، فإنه يتفوق على جميع النصوص الأخرى (لمزيد من التفاصيل، انظر "الكنوز المخفية والحياة الجديدة"، الاكتشافات الأثرية والإنجيل، بروج، 1959، ص 34 وما يليها). تم تسجيل نص العهد الجديد ككل بشكل لا يقبل الجدل.

يتكون العهد الجديد من 27 سفراً. وقد قسمها الناشرون إلى 260 فصلاً بأطوال غير متساوية لاستيعاب المراجع والاقتباسات. وهذا التقسيم غير موجود في النص الأصلي. غالبًا ما يُنسب التقسيم الحديث إلى فصول في العهد الجديد، كما هو الحال في الكتاب المقدس بأكمله، إلى الكاردينال الدومينيكاني هوغو (1263)، الذي قام بتأليفه في سيمفونيته للنسخة اللاتينية للانجيل، ولكن يُعتقد الآن لسبب أكبر أن يعود هذا التقسيم إلى رئيس الأساقفة ستيفن كانتربري لانغتون، الذي توفي عام 1228. أما التقسيم إلى آيات، المقبول الآن في جميع طبعات العهد الجديد، فيعود إلى ناشر نص العهد الجديد اليوناني، روبرت ستيفن، وقد قدمه في طبعته عام 1551.

تنقسم الكتب المقدسة للعهد الجديد عادة إلى شرائع (الأناجيل الأربعة) وتاريخية (أعمال الرسل) وتعليم (سبع رسائل مجمعية وأربعة عشر رسالة للرسول بولس) ونبوية: صراع الفناء أو رؤيا يوحنا. اللاهوتي (انظر التعليم المسيحي الطويل للقديس فيلاريت من موسكو).

ومع ذلك، فإن الخبراء المعاصرين يعتبرون هذا التوزيع عفا عليه الزمن: في الواقع، جميع كتب العهد الجديد قانونية وتاريخية وتعليمية، والنبوة ليست فقط في صراع الفناء. تولي دراسة العهد الجديد اهتمامًا كبيرًا بالتحديد الدقيق للتسلسل الزمني للإنجيل وأحداث العهد الجديد الأخرى. يتيح التسلسل الزمني العلمي للقارئ أن يتتبع بدقة كافية من خلال العهد الجديد حياة وخدمة ربنا يسوع المسيح والرسل والكنيسة البدائية (انظر الملاحق).

ويمكن توزيع أسفار العهد الجديد على النحو التالي:

1) ما يسمى بالأناجيل الثلاثة الإزائية: متى ومرقس ولوقا، والرابع على حدة: إنجيل يوحنا. تكرس دراسة العهد الجديد الكثير من الاهتمام لدراسة العلاقات بين الأناجيل الثلاثة الأولى وعلاقتها بإنجيل يوحنا (المشكلة السينوبتيكية).

2) سفر أعمال الرسل ورسائل الرسول بولس ("Corpus Paulinum")، والتي تنقسم عادة إلى:

أ) الرسائل الأولى: تسالونيكي الأولى والثانية.

ب) الرسائل الكبرى: غلاطية، كورنثوس الأولى والثانية، رومية.

ج) رسائل من السندات، أي. مكتوب من روما، حيث ا ف ب. وكان بولس في السجن: فيلبي، كولوسي، أفسس، فليمون.

د) الرسائل الرعوية: تيموثاوس الأولى، تيطس، تيموثاوس الثانية.

ه) الرسالة إلى العبرانيين.

3) رسائل المجمع ("Corpus Catholicum").

4) رؤيا يوحنا اللاهوتي. (أحيانًا في العهد الجديد يُميزون "Corpus Joannicum"، أي كل ما كتبه القديس يوحنا للدراسة المقارنة لإنجيله فيما يتعلق برسائله وسفر القس).

أربعة إنجيل

1. كلمة "إنجيل" (ευανγεлιον) في اليونانية تعني "أخبار سارة". وهذا ما دعا ربنا يسوع المسيح نفسه تعليمه (متى 24: 14؛ مت 26: 13؛ مر 1: 15؛ مر 13: 10؛ مر 14: 9؛ مر 16: 15). لذلك، بالنسبة لنا، يرتبط "الإنجيل" به ارتباطًا وثيقًا: فهو "الأخبار السارة" عن الخلاص المقدم للعالم من خلال ابن الله المتجسد.

لقد بشر المسيح ورسله بالإنجيل دون أن يكتبوه. بحلول منتصف القرن الأول، أسست الكنيسة هذا الوعظ بتقليد شفهي قوي. ساعدت العادة الشرقية المتمثلة في حفظ الأقوال والقصص وحتى النصوص الكبيرة المسيحيين في العصر الرسولي على حفظ الإنجيل الأول غير المسجل بدقة. بعد الخمسينيات، عندما بدأ شهود العيان لخدمة المسيح على الأرض يزولون واحدًا تلو الآخر، ظهرت الحاجة إلى كتابة الإنجيل (لوقا 1: 1). وهكذا أصبح "الإنجيل" يعني الرواية التي سجلها الرسل عن حياة المخلص وتعاليمه. وكان يُقرأ في اجتماعات الصلاة وفي إعداد الناس للمعمودية.

2. أهم المراكز المسيحية في القرن الأول (القدس، أنطاكية، روما، أفسس، إلخ) كان لها أناجيل خاصة بها. من بين هؤلاء، أربعة فقط (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) معترف بهم من قبل الكنيسة على أنهم موحى بهم من الله، أي. مكتوبة تحت التأثير المباشر للروح القدس. يُطلق عليهم "من متى" و"من مرقس" وما إلى ذلك. (تتوافق كلمة "كاتا" اليونانية مع الكلمة الروسية "بحسب متى"، و"بحسب مرقس"، وما إلى ذلك)، لأن حياة المسيح وتعاليمه مذكورة في هذه الكتب من قبل هؤلاء الكتاب المقدسين الأربعة. لم يتم تجميع أناجيلهم في كتاب واحد، مما جعل من الممكن رؤية قصة الإنجيل من وجهات نظر مختلفة. في القرن الثاني القديس. يدعو إيريناوس من ليون الإنجيليين بالاسم ويشير إلى أناجيلهم باعتبارها الأناجيل القانونية الوحيدة (ضد الهرطقات 2، 28، 2). قام تاتيان، أحد معاصري القديس إيريناوس، بأول محاولة لإنشاء رواية إنجيلية واحدة، مجمعة من نصوص مختلفة للأناجيل الأربعة، "دياطيسرون"، أي "دياطيسرون". "إنجيل الأربعة"

3. لم يقم الرسل بإبداع عمل تاريخي بالمعنى الحديث للكلمة. لقد سعوا إلى نشر تعاليم يسوع المسيح، وساعدوا الناس على الإيمان به، وفهم وصاياه بشكل صحيح وتنفيذها. شهادات الإنجيليين لا تتطابق في كل التفاصيل، مما يثبت استقلالهم عن بعضهم البعض: شهادات شهود العيان لها دائمًا لون فردي. لا يشهد الروح القدس على دقة تفاصيل الحقائق الموصوفة في الإنجيل، بل على المعنى الروحي الذي تحتويه.

يتم تفسير التناقضات البسيطة الموجودة في عرض الإنجيليين بحقيقة أن الله أعطى الكتاب المقدسين الحرية الكاملة في نقل بعض الحقائق المحددة فيما يتعلق بفئات مختلفة من المستمعين، مما يؤكد كذلك على وحدة المعنى والتوجه لجميع الأناجيل الأربعة ( انظر أيضًا المقدمة العامة، ص 13 و14).

يخفي

تعليق على المقطع الحالي

تعليق على الكتاب

التعليق على القسم

1 (الأربعاء. متى 16:28) هذه الكلمات تمثل خاتمة كلام الرب الوارد فيه الفصل 8 فن. 34-38. إيف. فمتى أكثر تحديداً بكثير من مرقس (ومعه لوقا). يتحدث بشكل خاص عن مجيء المسيح كملك قوي، ويتحدث مرقس عن مجيء ملكوت الله بشكل عام.

يجب أن يقال ما يلي عن تحقيق نبوءة المسيح هذه. ملكوت الله "قادر"، أي انتشار الإنجيل في كل أنحاء العالم في ذلك الوقت ( رو 1: 8; كو 1: 6; 1 تسالونيكي 1: 8) رأى بعضًا من الذين كانوا يستمعون للمسيح. لقد رأوا كيف اخترق ملكوت الله قلوب الناس، وجددهم وزودهم بقوى حيوية جديدة - باختصار، كشف عن كل قوته المعجزية.

2 قصة تجلي المسيح التي تبدأ هنا تشبه بشكل عام قصة نفس الشيء في نبوءة. ماثيو ( متى 17: 1-13)، ولكن لديها أيضا بعض الخصائص.

3 دون ذكر "التغيير في وجه المسيح" (راجع متى)، عب. يتحدث مرقس بالتفصيل بشكل خاص عن ثياب المسيح التي كانت مضاءة بنور غير عادي. كان هذا النور ذاته من أصل سماوي، كما يتبين من حقيقة أنه، كما يقول الإنجيلي، لا يمكن مقارنة لمعان الملابس التي يتم تنظيفها بواسطة المبيض "على الأرض" به.

4 إيف. يضع مرقس إيليا في المقام الأول (وليس موسى، مثل القديس متى) - ربما لأنه توجد محادثة حول إيليا (الآية 11 وما يليها).

5 الحاخام. هذه الكلمة، في المعنى، تعادل عبارة: "يا رب" (في متى راجع: 11). يوحنا 20:16: رافبونى).

من الجيد لنا أن نكون هنا- صحيح: "من الجيد أننا هنا!"

٦ كان بطرس معتادًا على العمل كممثل للرسل. لكنه الآن لم يجد ما يقوله، لأن ما حدث ملأه بالخوف. يظهر كلامه أنه هو والتلاميذ الآخرين لم يكونوا قادرين بعد على تصور معلمهم في مجده.

10 احتفظ بهذه الكلمة. من المحتمل جدًا أن تكون هذه إشارة إلى الصمت الذي كان على التلاميذ أن يلتزموه فيما يتعلق بالحدث العظيم على الجبل (را. فن. 9). إيف. يقول لوقا مباشرة أن الرسل سكتوا عما حدث ( 9:36 ).

ماذا يعني . لقد كان الرسل في حيرة، بالطبع، ليس من قيامة الأموات بشكل عام، بل من قيامة المسيح، الذي، في نظرهم، لم يكن ينبغي أن يموت (را. يوحنا 12:34).

11 الفكرة وراء سؤال التلاميذ هي هذه. الكتبة، الذين تحدثوا كثيرا عن علامات مجيء المسيح، ركزوا انتباه مستمعيهم على نبوءة ملاخي، والتي بموجبها، قبل مجيء المسيح، يجب أن يظهر إيليا النبي ويعد اليهود ل استقبل المسيح ( مل 4: 5 وما يليها.). الآن قد رأى التلاميذ إيليا بالفعل - لقد جاء من السماء، وبالتالي، سيُعد اليهود بالتأكيد لقبول المسيح عندما يتنازل المسيح ليكشف عن نفسه للعالم. وإلا لماذا يتألم المسيح ويموت؟ من سيرفع يده عليه إذا كان إيليا يهيئ الجميع للإيمان بالمسيح؟

12 هنا يكرر الرب سؤال التلاميذ، كاشفًا معناه. "إذا كان صحيحًا أن إيليا يجب أن يعد اليهود لقبولي بصفتي المسيح، فكيف – وهذا هو جوهر حيرتكم – يتفق مع هذا، ما قيل في الكتاب المقدس عن ابن الإنسان، وبالتحديد تلك النبوءات التي تتحدث عن عداء اليهود للمسيح من شدة معاناته وإذلاله؟

١٣ لكي يضع حدا لسوء الفهم الذي كان بين التلاميذ، يقول المسيح: «نعم، هذا ما قيل! لكنني أشرح لك أنه حتى مع إيليا نفسه، سلفي الذي جاء بالفعل، تصرف الأشخاص الذين كانوا معادين لي بقسوة. لقد فعلوا به ما أرادوا، تمامًا كما تنبأ الكتاب المقدس عن ابن الإنسان، وعن موقف الناس تجاهه. كيف هو مكتوب عنه- أي عن المسيح وليس عن إيليا أو يوحنا المعمدان. لا يقول العهد القديم أن إيليا الآتي يجب أن يتألم من الناس، لكنه يقول عن المسيح. إيف. غالبًا ما يشير مرقس إلى المسيح ببساطة بضمير الغائب ( 1:32,36 ، تزوج يوحنا 20:15).

14 أسطورة إيف. إن مرقس عن شفاء شاب ممسوس بالشياطين هو أكثر تفصيلاً بكثير من أسطورة القديس يوحنا. ماثيو ( متى 17: 14-21). يخبرنا أولاً أن الشعب والكتبة تجادلوا مع تلاميذ المسيح عندما جاء المسيح إلى التلاميذ بعد التجلي. وكان الخلاف، بطبيعة الحال، يدور حول ما إذا كانت القوة المعجزية الحقيقية قد أعطاها المسيح لتلاميذه. اتضح أن التلاميذ لم يتمكنوا من شفاء الشاب الذي أحضروه إليهم.

15 اندهش الناس، أو بالأصح، اندهشوا من المفاجأة الممزوجة بالخوف (ἐκθαμβει̃σθαι): اندهشوا من الظهور غير المتوقع للمسيح، وربما من بعض بقايا الإشراق الذي كان على وجه المسيح أثناء التجلي.

16 الرب يسأل ماذا جادل الكتبة مع الشعب (معهم). لكن الكتبة صامتون: من الواضح أنهم تحدثوا بشكل سيئ عن المسيح، والآن يخجلون من تكرار خطبهم أمام الناس.

17 ثم قال أبو الصبي في كلام الشعب. ويوضح أن الشيطان حرم الصبي من القدرة على النطق وأصابه بالصرع.

٢١ مثل الطبيب، يسأل المسيح الآب عن مدة مرض ابنه. يفعل الرب هذا لكي يدرك الأب مدى صعوبة وضع ابنه ومدى عجزه حتى الآن.

22 أبو الصبي ليس له ما يكفي إيمان قويإلى المسيح، مع أنه هو نفسه أتى إليه بابنه. فيقول: "إن استطعت شيئاً..."

23 ثم يوحي الرب إلى الآب ضرورة الإيمان به.

لو اي. سيكون من الأصح ترجمة: "ماذا يعني هذا: إذا قدر ما تستطيع؟" (والتعبير: أن تصدق لا يقرأ في أحسن الشفرات). كل شيء مستطاع بالنسبة للمؤمن، أي إذا كان لديك إيمان حقيقي، فسوف تحصل على كل ما تحتاجه، وليس فقط "شيئًا" أو "شيئًا ما".

24 وفهم الأب ما في كلام المسيح من عار، وبدأ يعترف بعدم إيمانه، ويطلب من المسيح أن يقويه في الإيمان.

25 ومن الواضح أن الذين أحضروا المريض حذروا الشعب، الذين بدأوا الآن يجتمعون في حشود للمسيح. الآن، في مواجهة حشد كامل من الناس، وجد الرب أنه من المفيد أن يصنع معجزة شفاء الصبي: لا ينبغي للحشد أن يعتقد أن هذا الشفاء بدا صعبًا عليه، كما كان صعبًا على الرسل. لم تكن هناك أسباب أخرى أجبرت المسيح الآن على إجراء الشفاء، على سبيل المثال، الخوف من الفريسيين والكتبة، الذين يُزعم أنهم يستطيعون تحريض الناس ضد المسيح (الأسقف ميخائيل).

30-32 (الأربعاء. متى 17: 22-23) إيف. يشير مرقس إلى أن المسيح أيضًا هذه المرة مر عبر الجليل متخفيًا (غير معروف)، لأن نشاطه هنا كان يقترب بالفعل من النهاية. المعجزة التي أجراها بعد التجلي كانت الأخيرة في الجليل. من الآن فصاعدا، يجب على الناس أن يطلبوا التحذير ليس من المسيح، بل من الرسل. كرس المسيح كل وقته في هذه الرحلة لإعداد تلاميذه لأنشطتهم المستقبلية (علمهم)، علاوة على ذلك، غرس فيهم بشكل خاص فكرة موته العنيف الوشيك. إذا كان في الفصل الثامن. (الآية 31) تحدث المسيح أيضًا عن الموت الذي ينتظره، ثم تحدث عنه كشيء لا يزال يجب أن يحدث، كشيء ينبغي (ينبغي)، ولكن هنا يتحدث عن موته كحقيقة قد حدثت بالفعل، قد يقول قائل: إنه جاهز للتنفيذ (سيُخون ابن الإنسان).

32 لم يفهموا – راجع. متى 17:23 .

33-47 (الأربعاء. متى 18: 1-5) إيف. ويشير مرقس إلى أن المسيح أجرى هذه المحادثة مع تلاميذه في كفرناحوم. ومن المرجح أن الإنجيلي الذي ذكر كفرناحوم فقط في تاريخ اكتشاف نشاط المسيح في الجليل ( 1:21 ; 2:1 )، يذكر هذه المدينة الآن للإشارة إلى أن نشاط المسيح الجليلي قد انتهى. الرب، بحسب إيف. يريد مارك أن يقوم بالتكريم الأخير لبيت سمعان، حيث وجد دائمًا ترحيبًا حارًا.

33 سألتهم. وهكذا يتضح من هذا سؤال التلاميذ الذي رواه. ماثيو ( 13:1 ) سبقه السؤال الذي خاطبهم به المسيح. من إيف. يُظهر مرقس أن التلاميذ كانوا يتناقشون مع بعضهم البعض حول من منهم هو الأفضل. صمتهم يشهد على حقيقة خجلهم، مدركين أن حديثهم، كما كانوا فيما بينهم، كان لا يزال معروفًا لدى المسيح. وبصمت، إذا جاز التعبير، اعترفوا بخطيتهم أمامه.

35 الأربعاء. متى 20:26 .

36-37 يعانقه. وفي ترجمة أكثر موثوقية: "أخذه بين ذراعيه".

هناك بعض الانفصال بين الآيتين 36 و 37. أي أننا في الآية 37 نتحدث بوضوح عن الأطفال بالمعنى المجازي - أي عن المسيحيين الذين، في تواضعهم، يشبهون الأطفال ويحتلون بشكل عام أماكن غير مرئية في الكنيسة. وفي الفن السادس والثلاثين. نحن نتحدث عن طفل عادي. ولعل الإنجيلي هنا يختصر كلام المسيح، الذي أوضح للرسل بلا شك أنه يقصد بالطفل المتواضعين. هذه هي الطريقة الوحيدة لتفسير ظهور التعبير: أحد هؤلاء الأطفال (الآية 37).

ص 38-41: الاستماع إلى كلام المسيح عن التنازل عن الأشخاص الذين هم في المرحلة الأولى من الحياة المسيحية، أ. تذكّر يوحنا حادثة وقعت مؤخراً حيث يبدو أن تلاميذ المسيح تصرفوا بشكل مخالف لوجهة النظر الأساسية الواردة في كلمات المسيح المقتبسة للتو ( فن. 37). لقد منعوا شخصًا واحدًا أن يخرج الشياطين باسم المسيح، لأن هذا الشخص، ربما بسبب بعض الخجل، لم ينضم إلى دائرة تلاميذ المسيح. إن الرسل، إذا جاز التعبير، اعتبروا عمل المعجزات باسم المسيح مصلحتهم الشخصية، وكانوا منزعجين من أن شخصًا آخر، من الواضح أنه لم يحصل على السلطة من المسيح، قام مع ذلك بنفس المعجزات التي فعلوها.

يلهمهم المسيح أنه في المرة القادمة التي يلتقون فيها بصانع المعجزات، ألا يكرروا فعلهم تجاهه. مثل هذا الشخص لا يمكن أن يصبح معاديًا للمسيح قريبًا: فهو يرى فيه رسول الله. ثم يشير المسيح إلى أنه في الوضع الحالي للتلاميذ، عندما يكون ممثلو الشعب اليهودي معاديين بشكل واضح للمسيح والرسل، هناك شيء واحد عزيز على التلاميذ إذا لم يخالفهم أحد الشعب: وهذا يعني أن مثل هذا يتعاطف الإنسان معهم في أعماق روحه - وإلا لكان بالطبع يتبع قادته من الكتبة والفريسيين. في السابق كان الأمر مختلفا. ثم لما كانت تعاطف الناس مع المسيح ( متى 12:23)، كان الاتباع المباشر للمسيح مطلوبًا، ومن لم يكن معه كان معاديًا له بشكل واضح ( متى 12:30). أخيرًا، إذا كان الذي أعطى تلميذ المسيح كوبًا من الماء لا يخسر مكافأته، فبالطبع، أولئك الذين يصنعون المعجزات باسمه لديهم حقوق أكبر بكثير في المكافأة، وبالتالي، لديهم حقوق أكبر في استخدام الكأس. القوى المعجزية التي جلبها المسيح إلى الأرض، أي تمجّد المسيح (را. متى 10:42).

42-43 يواصل المسيح مرة أخرى حديثه المتقطع عن الموقف الذي يجب أن يقف به الرسل تجاه الضعفاء في الإيمان (انظر 42-43). متى 18: 5-6).

44 (انظر تفسير إشعياء 67: 24.) مبروك. Theophylact بالدودة والنار يعني عذاب الضمير الذي سيشعر به الخاطئ بعد الموت. وسيستمر هذا العذاب إلى الأبد.

49-50 هذا المكان هو ما يسمى بالتفسير الجوهري. ليس من الواضح لماذا يبرر الرب تعليمه حول ضرورة تجنب التجارب من خلال الإشارة إلى تمليح الجميع بنوع من النار وكل ذبيحة بالملح. ونظراً لاستحالة إعطاء تفسير طبيعي لهذا النص، فهو موجود فقط في القديس مرقس. مارك، بعض العلماء (على سبيل المثال Könnecke في Beiträge z. Förder. Tn. 1908، 1) يقومون بمثل هذا التصحيح في هذا المكان. ويعيد ترتيب كلمات الآية الخمسين في بداية الآية التاسعة والأربعين، بدلاً من عبارة: "لأن كل إنسان يملح بنار"، وهو ما يبدو لهذا العالم غير حقيقي. وهكذا فإن الآية التاسعة والأربعين من كتابه تبدو هكذا: "الملح شيء جيد، لأن (انظر. لاويين 2:13) وكل ذبيحة تُملح بالملح. البروفيسور ومع ذلك، يرى بوغداشيفسكي أن هذه المحاولة الجديدة للتفسير لا تؤدي إلى أي شيء، لأنها تترك علاقة غير واضحة بين الآية 49 و 48، علاوة على ذلك، ليس لها أي أساس في أكثر نسخ الإنجيل أصالة، والتي تكون فيها الصيغة 49 مقبولة للغاية. بيت شعر. وفقا للأستاذ. Bogdashevsky، يمكن التعبير عن الفكرة الواردة في الآيات 48 و 49 بهذه الطريقة. " لا تخافوا، يقول المسيح، من إنكار الذات الروحي. لتجنب التجارب، لا تترك عضوًا واحدًا من جسدك يجربك، لأن طريق تلميذي الأمين، كذبيحة روحية حقيقية لله، هو طريق الملح بالنار، أي بنار الذات. التضحية وإنكار الذات والتطهير الروحي. نحتاج بشكل عام أن يكون في أنفسنا "ملح"، أي روح مسيحية، ومزاج مسيحي ثابت، ومبادئ مسيحية للإيمان والحياة، وبمجرد أن يفقد هذا "الملح" قوته فينا، لن نتمكن بعد ذلك من التأثير على الآخرين. لن يكون هناك سلام بيننا، وسوف نتجادل من منا أعظم"(وقائع كييف. د. أكاد. 1909، يوليو - أغسطس، ص 485-487). يمكن للمرء أن يتفق تمامًا مع هذا التفسير: يحتاج المرء فقط إلى وضع الآية 49 فيما يتعلق بالقسم بأكمله من المادة 37-48. في الواقع، من المعقول جدًا أن يعود الرب، في نهاية حديثه عن التجارب، إلى نقطته الأساسية - وهي ضرورة التواضع لتلاميذه، ولإثبات هذه الحاجة أشار إلى أن تلاميذه يجب أن يذهبوا إلى الكمال من خلال الاختبارات المختلفة. نحن فقط نفضل التعبير عن فكرة الآيات 49-50 بهذه الطريقة: "لِمَاذَا تَخَافُونَ أَنْ تُضَحُّوا بِأَيِّ عاطفةٍ؟ (راجع متى 5:29). ففي نهاية المطاف، لن يتمكن أي من تلاميذي من الهروب من نار المعاناة التي سيرسلها الله لهم حتى يتمكنوا من التلطيف بالفضيلة. لم يكن عبثًا أن كل ذبيحة في العهد القديم كانت تمليح بالملح - وكان لهذا معنى روحيًا خاصًا، لأن الملح كان يضفي طعمًا معينًا على لحوم الذبيحة. وكذلك ملح التضحية بالنفس يجب أن يُحفظ في أتباع المسيح، فبدونه لا يجدون نعمة عند الله. فإذا اختفى إنكار الذات هذا، انحدرت الحياة المسيحية. ومن خلال إنكار الذات، سيتمكن المسيحيون من الحصول على السلام فيما بينهم، دون أن يمجدوا أنفسهم لبعضهم البعض بشأن مزاياهم.

معلومات كتابية عن شخصية القديس ماركة.الاسم الصحيح لكاتب الإنجيل الثاني هو يوحنا، وكان مرقس (Μα ̃ ρκος) لقبه. وربما كان الأخير قد قبله عندما عاد برنابا وشاول من أورشليم (عطية 12: 25)، وأخذاه معهم إلى أنطاكية ليجعلوه رفيقهم في الرحلات التبشيرية. يمكن الإجابة إلى حد ما عن سبب اعتماد يوحنا لهذا اللقب بالذات من خلال تشابه الأحرف الثلاثة الأولى من هذا اللقب مع الأحرف الثلاثة الأولى من اسم والدته مريم.

لفترة طويلة كان يوحنا مرقس على علاقة ودية مع الرسول. نفذ. ولما أُطلق هذا الرسول من السجن بأعجوبة، جاء إلى بيت مريم أم يوحنا التي تدعى مرقس (عطية 12: 12). قبل وقت قصير من وفاته، يدعو الرسول بطرس مرقس ابنه (بطرس 15: 13)، موضحًا أنه حول مرقس إلى الإيمان بالمسيح. وقد حدث هذا التحول مبكرًا، لأن مرقس كان رفيقًا للرسولين برنابا وبولس في حوالي عيد الفصح سنة 44. في خريف العام نفسه استقر في أنطاكية وربما كان منخرطًا في التبشير بالإنجيل. ومع ذلك، لم يبرز كشيء خاص في ذلك الوقت - على الأقل لم يذكر اسمه في الآية الأولى من الفصل الثالث عشر. سفر أعمال الرسل، والذي يحتوي على قائمة بأبرز الأنبياء والمعلمين الذين كانوا في أنطاكية في ذلك الوقت. ومع ذلك، في ربيع الخمسين، أخذ برنابا وبولس مرقس معهم في رحلتهم التبشيرية الأولى كخادم (ὑ πηρέτης - اتي 13:5). ومن الرسالة إلى أهل كولوسي (كولوسي 4: 10) نعلم أن مرقس كان برنابا ابن عم(ἀ νεψ ιός). ولكن إذا كان آباء برنابا ومرقس إخوة، فيمكننا أن نفترض أن مرقس ينتمي إلى سبط لاوي، الذي ينتمي إليه برنابا وفقًا للأسطورة. قدم برنابا مرقس لبولس. ومع ذلك، في بيرغا، وربما في وقت سابق، عند المغادرة من بافوس إلى الجزيرة. قبرص، انفصل مرقس عن بولس وبرنابا (عطية 13: 13). من المحتمل أن المزيد من المشاركة في "أعمالهم" بدت صعبة بالنسبة له (عطية ١٥: ٣٨)، وخاصة الرحلة عبر جبال بمفيلية، وقد يبدو منصبه كـ "خادم" تحت قيادة الرسل مهينًا إلى حد ما بالنسبة له.

وبعد ذلك عاد مرقس إلى أورشليم (عطية 13: 13). ولما أراد برنابا، بعد المجمع الرسولي، وكما يبدو، بعد إقامة قصيرة في أنطاكية (حوالي السنة 52، عطية 15: 35)، أن يأخذ مرقس مرة أخرى في رحلة تبشيرية ثانية قام بها مرة أخرى مع الرسول. وقد عارض بولس قصد برنابا، معتبرًا مرقس غير قادر على القيام برحلات طويلة وصعبة لنشر الإنجيل. انتهى الخلاف الذي نشأ بين الرسل (في أنطاكية) بأن برنابا أخذ معه مرقس وذهب معه إلى وطنه - قبرص، وأخذ بولس سيلا رفيقًا له، وذهب معه في رحلة تبشيرية عبر آسيا الصغرى. ولكن أين أقام مرقس في الفترة ما بين عودته إلى أورشليم وخروجه مع برنابا إلى الأب. قبرص (عطية 15:36)، غير معروف. والراجح أنه كان في القدس في ذلك الوقت وكان حاضرا في المجمع الرسولي. ومن هنا كان بإمكان برنابا، الذي كان قد انفصل عن الرسول سابقًا، أن يأخذه معه إلى قبرص. بول على وجه التحديد بسبب مرقس.

ومن الآن فصاعدا، يختفي مارك عن الأنظار لفترة طويلة، وتحديدا من عام 52 إلى عام 62. عندما كتب بولس، حوالي عام 62 أو 63، من رومية إلى فليمون، إذًا، ينقل إليه تحيات رجال مختلفين، يسميهم زملاءه، يسميه أيضًا مرقس (الآية 24). ومن نفس مرقس يرسل تحية في الرسالة إلى أهل كولوسي مكتوبة في نفس الوقت الذي كتبت فيه الرسالة إلى فليمون (كولوسي 4: 10). هنا يدعو مرقس "ابن عم" برنابا (في النص الروسي، "ابن أخ". وهذا ترجمة غير دقيق للكلمة اليونانية ἀ νεψιός) ويضيف أن كنيسة كولوسي تلقت تعليمات معينة بخصوص مرقس، ويطلب من أهل كولوسي قبولها. علامة عندما سيأتي. ومن المهم أن يدعو بولس هنا مرقس ويسطس زملاءه الوحيدين في ملكوت الله، والذين كانا مسرته (كولوسي 4: 11). ومن هذا ترى أن مرقس كان مع الرسول. بولس أثناء سجنه في روما وساعده في نشر الإنجيل في روما. ومن غير المعروف متى تمت مصالحته مع بولس.

ثم نرى مرقس مع الرسول بطرس في آسيا، على ضفاف الفرات، حيث كانت بابل قائمة سابقًا، وحيث تأسست الكنيسة المسيحية في عهد الرسل (بطرس 15: 13). يمكننا أن نستنتج من هذا أن مرقس ذهب بالفعل من روما إلى كولوسي (راجع كولوسي 4: 10) وهنا التقى بالرسول في مكان ما. بطرس الذي أبقى مرقس معه لفترة. ثم كان مع ا ف ب. تيموثاوس في أفسس، كما يمكن أن نرى من حقيقة أن القديس. يطلب بولس من تيموثاوس أن يحضر مرقس معه إلى روما، قائلًا إنه يحتاج إلى مرقس للخدمة (تيموت 2 4: 11)، - بالطبع لخدمة الكرازة، وربما ليتعرف على مزاج الرسل الاثني عشر، الذين يمثلهم ممثلهم. ، بيتر، مارك كان على الشروط الأكثر ودية. وبما أن رسالة تيموثاوس الثانية كتبت حوالي عام 66 أو 67، وكان من المفترض أن يذهب مرقس، بحسب كولوسي 4: 10، إلى آسيا حوالي عام 63-64، فهذا يعني أنه قضى وقتًا بعيدًا عن الرسول. استمر بولس حوالي ثلاث سنوات، وعلى الأرجح سافر مع الرسول. نفذ.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن القول، شهادة مباشرة عن حياة مارثا، في إنجيله نفسه، يمكنك أيضًا العثور على معلومات حول شخصيته. فمن المرجح جدًا أنه هو الشاب الذي تبع الموكب الذي أخذ فيه المسيح في الجسمانية، والذي هرب ممن أرادوا الإمساك به، تاركًا في أيديهم الحجاب الذي لف به (مرقس 14: 14). 51). وربما كان حاضراً أيضاً في عشاء عيد الفصح الأخير للمسيح (انظر التعليق على مرقس 14: 19). هناك أيضًا بعض الدلائل على أن الإنجيلي نفسه كان حاضرًا في بعض الأحداث الأخرى التي يصفها في حياة المسيح (على سبيل المثال، مرقس 1: 5 وما يليها؛ مرقس 3: 8 ومرقس 3: 22؛ مرقس 11: 16).

ماذا يقول القديس؟ التقليد حول مرقس وإنجيله.أقدم شهادة عن كاتب الإنجيل الثاني هي من الأسقف بابياس أسقف هيرابوليس. كتب هذا الأسقف ، بحسب يوسابيوس القيصري (تاريخ الكنيسة 3 ، 39): "قال القسيس (أي يوحنا اللاهوتي - حسب الرأي المقبول عمومًا) أيضًا: "مرقس المترجم (ἑ ρμηνευτη ̀ ς) من نفذ أصبح مرقس من خلال تجميع أعماله "مترجمًا" لبطرس، أي أنه نقل للكثيرين ما قاله الرسول. أصبح بطرس، كما كان، فم بطرس. من الخطأ الافتراض أن مرقس يوصف هنا بأنه "مترجم" يُزعم أن الرسول استخدم خدماته. بطرس والذي احتاجه بطرس في روما لترجمة خطاباته إلى اللاتينية. أولاً، لم يكن بطرس يحتاج إلى مترجم لوعظه. ثانيا، كلمة ε ̔ ρμηνευτη ̀ ς في اليونانية الكلاسيكية غالبا ما تعني رسول، مرسل إرادة الآلهة (أفلاطون. الجمهورية). وأخيراً في المبارك. جيروم (الرسالة 120 إلى جديبيا) يُدعى تيطس ترجمان بولس، كما أن مرقس هو ترجمان بطرس. وكلا الأمرين لا يدل إلا على أن هؤلاء معاوني الرسل أعلنوا إرادتهم ورغباتهم. ومع ذلك، ربما كان تيطس، باعتباره يونانيًا طبيعيًا، موظفًا لدى الرسول. بولس في كتابة رسائله؛ وباعتباره مصممًا ذا خبرة، استطاع أن يقدم للرسول تفسيرات لبعض المصطلحات اليونانية.، كتب بدقة، بقدر ما يتذكر، ما علمه الرب وفعله، وإن لم يكن بالترتيب، لأنه هو نفسه لم يستمع إلى الرب ولم يرافقه. بعد ذلك، صحيح أنه كان كما قلت مع بطرس، لكن بطرس شرح التعليم من أجل إرضاء احتياجات المستمعين، وليس من أجل نقل أحاديث الرب بالترتيب. ولذلك لم يخطئ مرقس في وصف بعض الأحداث كما يتذكرها. كان يهتم فقط بكيفية عدم تفويت شيء مما سمعه، أو عدم تغييره."

من شهادة بابياس يتضح: 1) أن أب. عرف يوحنا إنجيل مرقس وناقشه بين تلاميذه - بالطبع في أفسس؛ 2) أنه شهد أن القديس. روى مرقس تلك الذكريات التي احتفظ بها في ذاكرته عن خطب الرسول. بطرس الذي تكلم عن أقوال الرب وأفعاله، وبذلك أصبح رسولًا ووسيطًا في نقل هذه القصص؛ 3) أن مارك لم يتمسك به الترتيب الزمني. تعطي هذه الملاحظة سببًا لافتراض أنه في ذلك الوقت تم سماع إدانة ضد إيف. على اعتبار أن به بعض النقص مقارنة بالأناجيل الأخرى التي حرصت على "النظام" (لوقا 1: 3) في عرض أحداث الإنجيل؛ 4) من جانبه، يذكر بابياس أن مرقس لم يكن شخصياً تلميذاً للمسيح، بل ربما كان فيما بعد تلميذاً لبطرس. لكن هذا لا ينفي احتمال أن يكون مرقس ينقل شيئاً مما اختبره بنفسه. في بداية الجزء الموراتوري هناك ملاحظة حول مرقس: "كان هو نفسه حاضرًا في بعض الأحداث وأبلغ عنها"؛ 5) أن بطرس قام بتكييف تعاليمه مع الاحتياجات الحديثة لمستمعيه ولم يهتم بالعرض الزمني المتماسك والدقيق لأحداث الإنجيل. لذلك، لا يمكن إلقاء اللوم على مارك في الانحرافات عن التسلسل الزمني الصارم للأحداث؛ 6) أن اعتماد مرقس على بطرس في كتاباته يمتد فقط إلى ظروف معينة (ε ̓́ νια). لكن بابياس يمتدح مرقس على دقته ودقته في السرد: فهو لم يخف شيئًا ولم يجمل الأحداث والأشخاص على الإطلاق.

يذكر يوستينوس الشهيد في حديثه مع تريفون (الفصل 106) وجود "مناظر" أو "مذكرات بطرس"، ويستشهد بمقطع من مرقس 3: 16 وما يليه. ومن الواضح أنه يقصد بهذه "الجاذبيات" إنجيل مرقس. والقديس إيريناوس (ضد الهرطقات 3، 1، 1) يعرف يقينًا أيضًا أن مرقس كتب الإنجيل بعد وفاة بطرس وبولس، اللذين بشرا في روما من عام 61 إلى 66، وفقًا لتسلسل إيريناوس، وكتب تمامًا كما هو. أعلن بطرس الإنجيل. يخبرنا كليمندس الإسكندري (من بطرس 1 5: 13) أن مرقس كتب إنجيله في روما، بناءً على طلب بعض المسيحيين الرومان النبلاء. وقد أورد في إنجيله العظة الشفوية التي سمعها من الرسول. بطرس، الذي كان هو نفسه على علم برغبة المسيحيين الرومان في الحصول على نصب تذكاري لمحادثاته معهم. إلى هذه الشهادة للقديس. يضيف كليمنت يوسابيوس القيصري أن ا ف ب. أعرب بطرس، على أساس الوحي الذي أُعطي له، عن موافقته على الإنجيل الذي كتبه مرقس (تاريخ الكنيسة السادس، ١٤، ٥ وما يليها).

يذكر يوسابيوس عن مصير مرقس الإضافي أن مرقس ظهر كأول واعظ بالإنجيل في مصر وأسس الكنيسة المسيحية في الإسكندرية. وبفضل وعظ مرقس ونمط حياته النسكي الصارم، تحول الأطباء اليهود إلى الإيمان بالمسيح (مرقس 2: 15). على الرغم من أن يوسابيوس لم يدعو مرقس أسقف الإسكندرية، إلا أنه يبدأ عدد أساقفة الإسكندرية بمرقس (مرقس 2: 24). بعد أن نصب أنيان أسقفًا في الإسكندرية وجعل العديد من الأشخاص كهنة وشمامسة، انسحب مرقس، وفقًا لأسطورة سمعان ميتافراست، إلى بنتابوليس من اضطهاد الوثنيين. وبعد عامين عاد إلى الإسكندرية ووجد أن عدد المسيحيين هنا قد زاد بشكل ملحوظ. ثم يبدأ هو نفسه بالتبشير مرة أخرى وصنع المعجزات. وفي هذه المناسبة يتهمه الوثنيون بالسحر. خلال الاحتفال إله مصريتم القبض على سيرابيس مارك من قبل الوثنيين، وربطوه بحبل حول رقبته وسحبوه خارج المدينة. وفي المساء أُلقي في السجن، وفي اليوم التالي قتله حشد من الوثنيين. حدث هذا في 25 أبريل (السنة غير معروفة افتراضات البروفيسور بولوتوف "عن يوم وسنة وفاة القديس بطرس". "(63 - 4 أبريل) (القراءة المسيحية 1893 يوليو والكتب اللاحقة) لا تتفق مع ما يتم الحصول عليه من التعرف على بيانات الكتاب المقدس حول وفاة مرقس.). استراح جسده لفترة طويلة في الإسكندرية، لكن في عام 827 أخذه تجار البندقية معهم وأحضروه إلى البندقية، حيث أصبح مرقس برمز الأسد شفيع المدينة، حيث أقيمت كاتدرائية رائعة ذات جرس رائع تم بناء البرج تكريما له. (وفقًا لأسطورة أخرى، مات مارك في روما).

في سانت. هيبوليتا (دحض. السابع، 30) يسمى مارك بدون أصابع (ὁ κοлοβοδάκτυлος). ويمكن تفسير هذا الاسم بدليل المقدمة القديمة لإنجيل مرقس. وبحسب قصة هذه المقدمة (المقدمة)، فإن مرقس، باعتباره من نسل لاوي، كان يحمل لقب كاهن يهودي، لكنه بعد اهتدائه إلى المسيح قطع إبهامه ليظهر أنه غير مناسب لتصحيح الواجبات الكهنوتية. لكن هذا، كما يشير كاتب المقدمة، لم يمنع مرقس من أن يصبح أسقف الإسكندرية، وبالتالي كان مصير مرقس الغامض لخدمة الله في الكهنوت قد تحقق... ومع ذلك، يمكن للمرء أن يفترض أن خسارة مرقس حدث خلل في إبهامه في وقت ما خلال فترة التعذيب الذي تعرض له على يد مضطهديه الوثنيين.

الغرض من كتابة إنجيل مرقس.إن الغرض من كتابة إنجيل مرقس قد تم الكشف عنه بالفعل من الكلمات الأولى لهذا الكتاب: "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" هو نقش يشير بوضوح إلى محتوى إنجيل مرقس والغرض منه. مثل إيف. متى بالكلمات: "سفر التكوين (βίβлος γενέσεως وفقًا للترجمة الروسية، بشكل غير دقيق: "علم الأنساب") ليسوع المسيح، ابن داود،" وما إلى ذلك، يريد أن يقول إنه ينوي تقديم "تاريخ "المسيح" باعتباره من نسل داود وإبراهيم، الذي تمم من خلال أعماله الوعود القديمة المعطاة لشعب إسرائيل، وكذلك فعل. من خلال الكلمات الخمس الأولى من كتابه، يريد مارك أن يتيح لقرائه معرفة ما يجب أن يتوقعوه منه.

بأى منطق؟ استخدم مرقس هنا كلمة "البداية" (ἀ ρχη ̀) وفيها - كلمة "الإنجيل" (εὐ αγγεлίον)؟ التعبير الأخير في مرقس يتكرر سبع مرات وفي كل مكان يعني البشرى السارة التي جلبها المسيح عن خلاص الناس وإعلان مجيء ملكوت الله. ولكن بالاقتران مع عبارة "البدء"، لم تعد كلمة "إنجيل" مرقس موجودة. Ap يأتي لمساعدتنا هنا. بول. في الاخير ويستخدم هذا التعبير بالذات لأهل فيلبي للدلالة على المرحلة الأولية للكرازة بالإنجيل، التي اقترحها في مقدونيا. يقول الرسول: "أنتم تعلمون يا أهل فيلبي أنه في بدء الإنجيل، لما خرجت من مكدونية، لم تساعدني كنيسة واحدة بالصدقة والقبول إلا أنتم وحدكم" (فيلبي 4: 15). هذا التعبير: "بدء الإنجيل" لا يمكن أن يكون له معنى هنا إلا أن أهل فيلبي كانوا يعرفون فقط الأشياء الأكثر أهمية عن المسيح - كلماته وأفعاله، التي شكلت الموضوع المعتاد للوعظ الأولي للإنجيليين عن المسيح. وفي الوقت نفسه، الآن، بعد أحد عشر عامًا من إقامة الرسول في مكدونية، والتي يتحدث عنها في المقطع أعلاه، لا شك أن أهل فيلبي يقفون أعلى بكثير في فهمهم للمسيحية. لذا فإن إنجيل مرقس هو محاولة لإعطاء وصف أولي لحياة المسيح، التي كانت ناجمة عن الحالة الخاصة لأولئك الأشخاص الذين كتب الإنجيل من أجلهم. وهذا ما تؤكده شهادة بابياس التي سجل فيها مرقس أحاديث القديس مرقس التبشيرية. البتراء. وما هي هذه المحادثات - يعطينا الرسول مفهومًا محددًا إلى حد ما حول هذا الموضوع. بولس في الرسالة إلى العبرانيين. مخاطبًا قرائه، المسيحيين اليهود، يوبخهم لبقائهم لفترة طويلة في المرحلة الأولى من التطور المسيحي وحتى اتخاذ خطوة معينة إلى الوراء. "حسب الأزمنة، قد وُضعتم أن تكونوا معلمين، ولكن يجب أن تتعلموا أيضًا المبادئ الأولى لكلمة الله، وتحتاجون إلى اللبن، لا إلى الطعام القوي" (عبرانيين 5: 12). وهكذا يميز الرسول بدايات كلمة الله (Τα ̀ στοιχει ̃ α τη ̃ ς ἀ ρχη ̃ ς τ . Χρ . ογ .) بأنها "لبن" من الطعام الصلب الكامل. إنجيل مرقس أو عظة القديس. ويمثل بطرس هذه المرحلة الأولية من تعليم الإنجيل لحقائق من حياة المسيح، المقدمة للمسيحيين الرومانيين الذين دخلوا للتو كنيسة المسيح.

وهكذا فإن "بدء إنجيل يسوع المسيح" هي تسمية مختصرة لكامل محتويات السرد المقترح، كأبسط عرض لقصة الإنجيل. إن هذا الفهم لهدف كتابة إنجيل مرقس يتوافق مع إيجاز هذا الكتاب وإيجازه، مما يجعله يبدو، كما يمكن القول، وكأنه "تكثيف" لقصة الإنجيل، وهو الأنسب للأشخاص الذين ما زالوا في المرحلة الأولى. للتنمية المسيحية. يتضح هذا من حقيقة أنه في هذا الإنجيل، بشكل عام، يتم إيلاء المزيد من الاهتمام لتلك الحقائق من حياة المسيح، حيث تم الكشف عن قوة المسيح الإلهية، وقوته المعجزية، وعلاوة على ذلك، المعجزات التي قام بها المسيح على يتم الإبلاغ عن الأطفال والشباب بالتفصيل تمامًا، بينما يُقال القليل نسبيًا عن المسيح. وكأن الإنجيلي قصد توجيه الوالدين المسيحيين لعرض أحداث قصة الإنجيل عند تعليم الأطفال حقائق الإيمان المسيحي... ويمكن القول أن إنجيل مرقس يلفت الانتباه بشكل أساسي إلى معجزات المسيح، يتكيف تمامًا مع فهم أولئك الذين يمكن أن يُطلق عليهم "أبناء الإيمان"، وربما حتى الأطفال المسيحيين بالمعنى الصحيح للكلمة... وحتى حقيقة أن الإنجيلي يحب الخوض في تفاصيل الأحداث علاوة على ذلك، يشرح كل شيء بالتفصيل تقريبًا - وقد يشير هذا إلى أنه كان ينوي تقديم العرض الأولي والأولي لقصة الإنجيل بدقة للأشخاص الذين يحتاجون إلى هذا النوع من التعليمات.

مقارنة إنجيل مرقس بشهادة التقليد الكنسي عنه.ويروي بابياس أن "القسيس"، أي يوحنا اللاهوتي، وجد أنه في إنجيل مرقس لم يتم مراعاة الترتيب الزمني الصارم في عرض الأحداث. وهذا ما نراه بالفعل في هذا الإنجيل. لذلك، على سبيل المثال، عند قراءة الفصل الأول من مرقس ماركو 1: 12.14.16، يبقى القارئ في حيرة بشأن متى حدث "تقليد" يوحنا المعمدان ومتى تبع ظهور المسيح في الخدمة العامة، وفي أي علاقة تاريخية بهذا الظهور؟ إن تجربة المسيح تقف في الصحراء، وفي أي إطار يجب أن توضع قصة دعوة أول زوجين من التلاميذ. - لا يستطيع القارئ أيضًا أن يحدد متى دعا الرب الرسل الاثني عشر (مرقس 3: 13 وما يليها)، وأين ومتى وبأي تسلسل تكلم المسيح وشرح أمثاله (الفصل 4).

ثم يذكر التقليد أن يوحنا مرقس هو كاتب الإنجيل ويقدمه كتلميذ للرسول. بطرس الذي كتب إنجيله من كلماته. لا نجد في إنجيل مرقس ما يمكن أن يناقض الرسالة الأولى من التقليد، ويؤكد إلى حد كبير الرسالة الأخيرة. من الواضح أن كاتب الإنجيل هو مواطن فلسطيني: فهو يعرف اللغة التي كان يتحدث بها السكان الفلسطينيون في ذلك الوقت، ويبدو أنه يستمتع أحيانًا باقتباس عبارة بلغته، مصحوبة بترجمة (مرقس 5: 1؛ ماركو 5: 1). 7:34؛ ماركو 15:34، الخ). فقط الكلمات العبرية الأكثر شهرة بقيت بدون ترجمة (رابي، أبا، آمين، جهنم، الشيطان، أوصنا). أسلوب الإنجيل بأكمله يهودي، على الرغم من أن الإنجيل بأكمله مكتوب بلا شك باللغة اليونانية (أسطورة النص اللاتيني الأصلي هي خيال ليس له أي أساس كاف).

ربما من حقيقة أن كاتب الإنجيل نفسه كان يحمل اسم يوحنا، يمكن تفسير لماذا، عندما تحدث عن يوحنا اللاهوتي، لم يدعوه "يوحنا" فحسب، بل أضاف إلى ذلك في مرقس 3: 17 ومرقس 5: 37 التعريف: "أخي يعقوب" ومن اللافت للنظر أيضًا أن مرقس يذكر بعض التفاصيل المميزة التي تحدد شخصية الرسول بطرس (مرقس 14: 29-31.54.66.72)، ومن ناحية أخرى يحذف هذه التفاصيل من تاريخ الرسول. بيتر، الذي كان من الممكن أن يزيد من أهمية شخصية AP. البتراء. وبالتالي فهو لا ينقل الكلام الذي قاله المسيح للرسول. بطرس بعد اعترافه العظيم (مت 16: 16-19)، وفي تعداد الرسل لا يدعو بطرس "أولًا" كما فعل. متى (متى 10: 2، راجع مرقس 3: 16). أليس واضحاً من هنا أن الإنجيلي مرقس كتب إنجيله بحسب مذكرات الأب المتواضع. البتراء؟ (راجع بطرس 1 5: 5).

وأخيرا، يشير التقليد إلى روما باعتبارها المكان الذي كتب فيه إنجيل مرقس. والإنجيل نفسه يظهر أن كاتبه تعامل مع المسيحيين اللاتينيين الوثنيين. يستخدم مارك، على سبيل المثال، التعبيرات اللاتينية في كثير من الأحيان أكثر من الإنجيليين الآخرين (على سبيل المثال، قائد المئة، المضارب، الفيلق، التعداد، وما إلى ذلك، بالطبع، في نطقهم اليوناني). والأهم من ذلك، أن مرقس يشرح أحيانًا التعبيرات اليونانية باستخدام المصطلحات اللاتينية وتحديدًا المصطلحات الرومانية. تمت الإشارة إلى روما أيضًا من خلال تعيين سمعان القيرواني كأب للإسكندر وروفس (راجع روماني 15: 13).

عند الفحص الدقيق لإنجيل مرقس، يتبين أنه كتب عمله للمسيحيين الوثنيين. وهذا واضح من أنه يشرح بالتفصيل عادات الفريسيين (مرقس 7: 3 وما يليها). ليس لديه الخطب والتفاصيل التي تمتلكها Evs. متى والذي يمكن أن يكون له معنى فقط للقراء المسيحيين من اليهود، وللمسيحيين من الوثنيين، دون تفسيرات خاصة، سيظل غير مفهوم (انظر، على سبيل المثال، ماركو 1: 1 وما يليه، نسب المسيح، ماتيو 17). :24؛ مت 23؛ مت 24: 20؛ ولا في السبت، مت 5: 17-43).

علاقة إنجيل مرقس بالإنجيلين السينوبتيكيين الآخرين.بلازه. يعتقد أوغسطين أن مرقس في إنجيله كان من أتباع حواء. ومتى واختصر إنجيله فقط (حسب رؤ 1، 2، 3)؛ لا شك أن هناك فكرة صحيحة في هذا الرأي، لأنه من الواضح أن كاتب إنجيل مرقس استخدم إنجيلًا أقدم واختصره بالفعل. ويكاد نقاد النص يتفقون على افتراض أن إنجيل متى كان بمثابة دليل لمرقس، ولكن ليس في شكله الحالي، ولكن في شكله الأصلي، أي الذي كتب باللغة العبرية. وبما أن إنجيل متى باللغة العبرية قد كتب في السنوات الأولى من العقد السابع في فلسطين، فقد تمكن مرقس، الذي كان في ذلك الوقت في آسيا الصغرى، من وضع يديه على الإنجيل الذي كتبه متى ثم أخذه معه إلى روما.

كانت هناك محاولات لتقسيم الإنجيل إلى أجزاء منفصلة، ​​والتي، في أصلها، تنسب إلى عقود مختلفة من القرن الأول وحتى بداية القرن الثاني (مرقس الأول، مرقس الثاني، مرقس الثالث، إلخ). لكن كل هذه الفرضيات حول الأصل اللاحق لإنجيل مرقس الحالي من بعض المغيرين اللاحقين قد تحطمت بشهادة بابياس، والتي بموجبها كان يوحنا اللاهوتي في حوالي عام 80، على ما يبدو، يحمل إنجيل مرقس بين يديه وتحدث عنه ذلك مع طلابه.

تقسيم إنجيل مرقس حسب محتواه.بعد مقدمة الإنجيل (مرقس 1: 1-13)، يصور الإنجيلي في القسم الأول (مرقس 1: 14-3: 6) في عدد من اللوحات الفنية الفردية كيف خرج المسيح للتبشير، أولاً في كفرناحوم، وبعد ذلك في جميع أنحاء الجليل، كان يُعلِّم، ويجمع التلاميذ الأوائل حول نفسه ويقوم بمعجزات مذهلة (مرقس ١: ١٤-٣٩)، وبعد ذلك، عندما يبدأ المدافعون عن النظام القديم في التمرد على المسيح. المسيح، على الرغم من أنه في الواقع يلتزم بالناموس، إلا أنه يأخذ على محمل الجد هجمات أتباع الناموس عليه ودحض هجماتهم. يعبر هنا عن تعليم جديد مهم جدًا عن نفسه: إنه ابن الله (مرقس 40:1-6:3). الأقسام الثلاثة التالية – الثاني (مرقس 3: 7-6: 6)، الثالث (مرقس 6: 6-8: 26) والرابع (مرقس 8: 27-10: 45) تصور نشاط المسيح في المسيح. شمال الأرض المقدسة، بالنسبة للجزء الاكبروخاصة في الفترة الأولى، في الجليل، ولكن أيضًا، خاصة في الفترة اللاحقة، خارج حدود الجليل، وأخيرًا رحلته إلى أورشليم عبر بيريا والأردن حتى أريحا (مرقس 10: 1 وما يليها). في بداية كل قسم هناك دائمًا رواية تتعلق بالرسل الاثني عشر (راجع مرقس 3: 14؛ مرقس 5: 30): روايات عن دعوتهم وإرسالهم للتبشير واعترافهم بمسألة كرامة المسيح المسيانية. من الواضح أن المسيح الإنجيلي يريد أن يُظهر كيف اعتبر المسيح أن مهمته التي لا غنى عنها هي إعداد تلاميذه لدعوتهم المستقبلية كمبشرين بالإنجيل حتى بين الوثنيين، على الرغم من أن وجهة النظر هذه، بالطبع، لا يمكن اعتبارها حصرية هنا. وغني عن القول أن وجه الرب يسوع المسيح، كواعظ وصانع عجائب، المسيح الموعود وابن الله، في المقدمة هنا. - القسم الخامس (مرقس 10: 46-13: 37) يصور نشاط المسيح في أورشليم كنبي، أو بالأحرى كابن داود، الذي يجب أن يتمم نبوءات العهد القديم عن مملكة داود المستقبلية. في الوقت نفسه، تم وصف زيادة العداء للمسيح من جانب ممثلي اليهودية إلى أعلى نقطة. وأخيرًا، القسم السادس (مرقس 1:14-47:15) يتحدث عن آلام المسيح وموته وقيامته، وكذلك صعوده إلى السماء.

نظرة على الانكشاف التدريجي للأفكار الواردة في إنجيل مرقس.بعد تعليق قصير يعطي القراء فكرة عن موضوع الكتاب (مرقس 1: 1)، يصور الإنجيلي في المقدمة (مرقس 1: 2-13) كلام وعمل يوحنا المعمدان، رائد العهد الجديد. المسيح، وقبل كل شيء، معموديته للمسيح نفسه. ثم يقدم الإنجيلي ملاحظة مختصرة عن إقامة المسيح في البرية وعن إغوائه هناك من الشيطان، مشيرًا إلى أن الملائكة في ذلك الوقت كانوا يخدمون المسيح: وبهذا يريد أن يشير إلى انتصار المسيح على الشيطان وبدء عصر جديد. حياة جديدة للبشرية، التي لن تخاف بعد الآن من كل قوى الجحيم (الممثلة مجازيًا بـ "وحوش الصحراء"، التي لم تعد تؤذي المسيح، آدم الجديد هذا). علاوة على ذلك، يصور الإنجيلي باستمرار كيف أخضع المسيح البشرية لنفسه وأعاد شركة الناس مع الله. - في القسم الأول (مرقس 1: 14-3: 6)، في الجزء الأول (مرقس 1: 14-39 من الإصحاح الأول) يعطي الإنجيلي أولاً صورة عامة عن نشاط الرب يسوع المسيح التعليمي (مرقس 1: 14-15)، وفي النهاية (الآية 39) - أعماله. وبين هاتين الخاصيتين يصف الإنجيلي خمسة أحداث: أ) دعوة التلاميذ، ب) أحداث مجمع كفرناحوم، ج) شفاء حماة بطرس، د) شفاء المرضى في الكنيسة. ومساء أمام بيت بطرس وه) البحث عن المسيح الذي اعتزل في الصباح للصلاة من قبل الناس والأهم صورة بطرس ورفاقه. وقعت جميع هذه الأحداث الخمسة خلال الفترة الزمنية من ساعة ما قبل العشاء من الجمعة إلى صباح الأحد (بالعبرية، اليوم الأول بعد السبت). يتم تجميع جميع الأحداث حول سيمون ورفاقه. ومن الواضح أن الإنجيلي تلقى معلومات عن كل هذه الأحداث من سمعان. من هنا يحصل القارئ على فهم كافٍ لكيفية قيام المسيح، الذي أظهر نشاطه بعد أن أدخل يوحنا المعمدان إلى السجن، بخدمته كمعلم وصانع عجائب.

في الجزء الثاني من القسم الأول (مرقس 1: 40-3: 6)، يصور الإنجيلي العداء المتزايد تدريجياً تجاه المسيح من جانب الفريسيين وخاصة الفريسيين الذين ينتمون إلى الكتبة. يتم تفسير هذا العداء من خلال حقيقة أن الفريسيين يرون في أنشطة المسيح انتهاكًا للقانون الذي أعطاه الله من خلال موسى، وبالتالي يمكن القول عددًا من الجرائم الجنائية. ومع ذلك، يعامل المسيح جميع اليهود بالحب والرحمة، ويساعدهم في احتياجاتهم الروحية وأمراضهم الجسدية، ويكشف في نفس الوقت عن نفسه ككائن أعلى من البشر العاديين، قائمًا في السماء. معاملة خاصةالى الله. ومن المهم بشكل خاص أن يشهد المسيح هنا عن نفسه كابن الإنسان، الذي يغفر الخطايا (مرقس 2: 10)، الذي له سلطان على السبت (مرقس 2: 28)، والذي له أيضًا حقوق الكهنوت، مثله. لقد تم الاعتراف بحقوق سلفه داود (أكل الخبز المقدس). فقط شهادات المسيح عن نفسه لا يتم التعبير عنها بشكل مباشر ومباشر، ولكنها مدرجة في أقواله وأفعاله. أمامنا هنا سبع قصص: أ) قصة شفاء الأبرص تهدف إلى إظهار أن المسيح، في تحقيق أعمال دعوته السامية، لم ينتهك الأحكام المباشرة للشريعة الموسوية (مرقس 1: 44). . إذا تم توبيخه في هذا الصدد، فإن هذه التوبيخات كانت مبنية على فهم حرفي من جانب واحد لقانون موسى، الذي كان الفريسيون والحاخامات مذنبين به. ب) قصة شفاء المفلوج تظهر لنا في المسيح ليس فقط طبيب الجسد، بل أيضًا النفس المريضة. وله القدرة على مغفرة الخطايا. يكشف الرب للجميع محاولة الكتبة اتهامه بالتجديف بكل تفاهته وباطله. ج) يُظهر تاريخ دعوة العشار لاوي كتلميذ للمسيح أن العشار ليس سيئًا لدرجة أن يصبح مساعدًا للمسيح. د) إن مشاركة المسيح في العيد الذي نظمه لاوي تُظهر أن الرب لا يحتقر الخطاة والعشارين، مما يثير بالطبع المزيد من الكتبة الفريسيين ضده. هـ) أصبحت العلاقة بين المسيح والفريسيين أكثر توتراً عندما تصرف المسيح كمعارض مبدئي لأصوام اليهود القديمة. و) و ز) هنا مرة أخرى يظهر المسيح كعدو للتحيز الفريسي فيما يتعلق بحفظ السبت. إنه ملك المملكة السماوية، ولا يجوز لخدامه أن يقوموا بالشريعة الطقسية حيثما كان ذلك ضروريًا، خاصة وأن شريعة السبت أعطيت لخير الإنسان. لكن مثل هذا الكلام من المسيح يزيد من غضب أعدائه إلى أقصى حد، ويبدأون في التآمر عليه.

ب) تعليم الرب يسوع المسيح الذي بشر به هو ورسله كملك هذا الملكوت والمسيح وابن الله ( 2 كور. 4:4),

ج) كل العهد الجديد أو التعاليم المسيحية بشكل عام، وفي المقام الأول سرد أهم الأحداث من حياة المسيح ( 1 كور. 15: 1-4) أو شخصية الداعية ( روما. 2:16).

لفترة طويلة، تم نقل القصص عن حياة الرب يسوع المسيح شفهيا فقط. الرب نفسه لم يترك أي سجلات لأقواله وأفعاله. وبنفس الطريقة، لم يولد الرسل الاثني عشر كاتبين: بل كانوا "أشخاصًا بسطاء وغير متعلمين" ( أعمال 4:13)، على الرغم من القراءة والكتابة. بين المسيحيين في العصر الرسولي كان هناك أيضًا عدد قليل جدًا من "الحكماء حسب الجسد، الأقوياء" و"النبلاء" ( 1 كور. 1:26)، وبالنسبة لمعظم المؤمنين، كانت القصص الشفهية عن المسيح أكثر أهمية بكثير من القصص المكتوبة. بهذه الطريقة، "نقل" الرسل والمبشرون أو الإنجيليون (παραδιδόναι) القصص عن أعمال المسيح وأقواله، و"تلقى" المؤمنون (παρακαμβάνειν) - ولكن، بالطبع، ليس بشكل ميكانيكي، فقط عن طريق الذاكرة، كما يمكن يمكن أن يقال عن طلاب المدارس الحاخامية، ولكن من كل روحي، كما لو كان شيئًا حيًا واهبًا للحياة. لكن هذه الفترة من التقليد الشفهي كانت على وشك الانتهاء. فمن ناحية، كان ينبغي على المسيحيين أن يشعروا بالحاجة إلى عرض مكتوب للإنجيل في نزاعاتهم مع اليهود، الذين، كما نعلم، أنكروا حقيقة معجزات المسيح، بل وجادلوا بأن المسيح لم يعلن نفسه المسيح المنتظر. كان من الضروري أن نظهر لليهود أن المسيحيين لديهم قصص حقيقية عن المسيح من هؤلاء الأشخاص الذين كانوا إما من رسله أو الذين كانوا على اتصال وثيق مع شهود عيان لأعمال المسيح. ومن ناحية أخرى، بدأ الشعور بالحاجة إلى تقديم عرض مكتوب لتاريخ المسيح لأن جيل التلاميذ الأوائل كان ينقرض تدريجياً وتضاءلت صفوف الشهود المباشرين لمعجزات المسيح. لذلك كان لا بد من تأمين كتابة أقوال الرب الفردية وكل أقواله، وكذلك قصص الرسل عنه. عندها بدأت تظهر سجلات منفصلة هنا وهناك لما ورد في التقليد الشفهي عن المسيح. تم تسجيل كلمات المسيح، التي تحتوي على قواعد الحياة المسيحية، بعناية فائقة، وكانت أكثر حرية في نقل أحداث مختلفة من حياة المسيح، مع الحفاظ على انطباعها العام فقط. وهكذا فإن شيئًا واحدًا في هذه التسجيلات، نظرًا لأصالته، قد تم نقله في كل مكان بنفس الطريقة، بينما تم تعديل الآخر. لم تفكر هذه التسجيلات الأولية في اكتمال القصة. وحتى أناجيلنا كما يتبين من خاتمة إنجيل يوحنا ( في. 21:25) ، لم يكن ينوي الإبلاغ عن كل أقوال المسيح وأفعاله. وهذا واضح بالمناسبة من أنها لا تحتوي على سبيل المثال على قول المسيح التالي: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" ( أعمال 20:35). ويتحدث الإنجيلي لوقا عن مثل هذه السجلات، قائلًا إن كثيرين قبله قد بدأوا بالفعل في تجميع الروايات عن حياة المسيح، لكنها تفتقر إلى الاكتمال المناسب، وبالتالي لم تقدم "تأكيدًا" كافيًا في الإيمان ( نعم. 1: 1-4).

يبدو أن أناجيلنا القانونية نشأت من نفس الدوافع. يمكن تحديد فترة ظهورهم بحوالي ثلاثين عامًا - من 60 إلى 90 عامًا (آخرها كان إنجيل يوحنا). يُطلق على الأناجيل الثلاثة الأولى عادة اسم السينوبتيك في الدراسات الكتابية، لأنها تصور حياة المسيح بطريقة يمكن من خلالها رؤية رواياتها الثلاثة في واحدة دون صعوبة كبيرة ودمجها في رواية واحدة متماسكة (الإزائية - من اليونانية - النظر معًا). . بدأ يطلق عليهم الأناجيل بشكل فردي، ربما في نهاية القرن الأول، ولكن من كتابات الكنيسة لدينا معلومات تفيد بأن هذا الاسم بدأ يُعطى للتكوين الكامل للأناجيل فقط في النصف الثاني من القرن الثاني. . أما بالنسبة للأسماء: "إنجيل متى"، "إنجيل مرقس"، وما إلى ذلك، فمن الأصح ترجمة هذه الأسماء القديمة جدًا من اليونانية على النحو التالي: "الإنجيل حسب متى"، "الإنجيل حسب مرقس" (κατὰ). Ματθαῖον، κατὰ Μᾶρκον). وبهذا أرادت الكنيسة أن تقول إنه في جميع الأناجيل يوجد إنجيل مسيحي واحد عن المسيح المخلص، ولكن وفقًا لصور مؤلفين مختلفين: صورة لمتى، وأخرى لمرقس، إلخ.

أربعة أناجيل

وهكذا نظرت الكنيسة القديمة إلى تصوير حياة المسيح في أناجيلنا الأربعة، لا على أنها أناجيل أو روايات مختلفة، بل على أنها إنجيل واحد، كتاب واحد في أربعة أنواع. ولهذا السبب تم إنشاء اسم الأناجيل الأربعة في الكنيسة لأناجيلنا. وقد دعاهم القديس إيريناوس بـ "الإنجيل الرباعي" (τετράμορφον τὸ εὐαγγέιον - انظر Irenaeus Lugdunensis, Adversus haereses liber 3, ed. A. Rousseau and L. Doutreleaü Irenée Lyon. Contre les héré sies, livre 3, vol. 2. Paris, 1974 ، 11، 11).

يتساءل آباء الكنيسة عن السؤال التالي: لماذا لم تقبل الكنيسة بالتحديد إنجيلًا واحدًا، بل أربعة إنجيل؟ لذلك يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: “ألم يكن بمقدور مبشر واحد أن يكتب كل ما يلزم. بالطبع يمكنه ذلك، ولكن عندما كتب أربعة أشخاص، لم يكتبوا في نفس الوقت، وليس في نفس المكان، دون التواصل أو التآمر مع بعضهم البعض، وعلى كل ما كتبوه بطريقة يبدو أن كل شيء قد تم نطقه بفم واحد، فهذا أقوى دليل على الحق. ستقول: ولكن الذي حدث كان العكس، فالأناجيل الأربعة كثيراً ما تكون على خلاف. وهذا الشيء بالذات هو علامة أكيدة على الحقيقة. لأنه لو كانت الأناجيل متفقة تمامًا مع بعضها البعض في كل شيء، حتى فيما يتعلق بالكلمات نفسها، لما صدق أي من الأعداء أن الأناجيل لم تُكتب وفقًا لاتفاق متبادل عادي. الآن الخلاف الطفيف بينهما يحررهم من كل شبهة. فإن اختلافهم في الزمان والمكان لا يضر في صحة روايتهم شيئا. في الأمر الأساسي الذي يشكل أساس حياتنا وجوهر الكرازة، ألا يختلف أحدهما مع الآخر في أي شيء أو في أي مكان، وهو أن الله صار إنسانًا، وعمل المعجزات، وصلب، وقام، وصعد إلى السماء. " ("أحاديث في إنجيل متى" 1).

يجد القديس إيريناوس أيضًا معنى رمزيًا خاصًا في الأعداد الأربعة من أناجيلنا. "بما أن العالم الذي نعيش فيه هو أربعة أقطار، وبما أن الكنيسة منتشرة في كل الأرض ومؤكدة في الإنجيل، كان لا بد من أن يكون لها أربعة ركائز، تنشر عدم الفساد من كل مكان، وتحيي الإنسان. سباق. إن الكلمة الجامعة، الجالسة على الشاروبيم، أعطتنا الإنجيل بأربعة أشكال، ولكنها تخللتها روح واحد. فإن داود يصلي من أجل ظهوره يقول: "الجالس على الشاروبيم أظهر نفسك" ( ملاحظة. 79:2). أما الكروبيم (في رؤيا النبي حزقيال وسفر الرؤيا) فلهم أربعة وجوه، ووجوههم صورة لعمل ابن الله”. يرى القديس إيريناوس أنه من الممكن أن يُلحق رمز الأسد بإنجيل يوحنا، إذ يصور هذا الإنجيل المسيح كملك أبدي، والأسد هو الملك في عالم الحيوان؛ إلى إنجيل لوقا - رمز العجل، حيث يبدأ لوقا إنجيله بصورة الخدمة الكهنوتية لزكريا الذي ذبح العجول؛ إلى إنجيل متى - رمز لرجل، لأن هذا الإنجيل يصور بشكل رئيسي ولادة المسيح البشرية، وأخيرا، إلى إنجيل مرقس - رمز النسر، لأن مرقس يبدأ إنجيله بذكر الأنبياء الذي طار إليه الروح القدس كالنسر على جناحيه "(إيريناوس لوجدونينسيس، Adversus haereses، liber 3، 11، 11-22). وعند آباء الكنيسة الآخرين، نُقل رمزا الأسد والعجل، فأُعطي الأول لمرقس والثاني ليوحنا. منذ القرن الخامس. وبهذا الشكل بدأ إضافة رموز الإنجيليين إلى صور الإنجيليين الأربعة في رسم الكنيسة.

العلاقة المتبادلة بين الأناجيل

كل من الأناجيل الأربعة له خصائصه الخاصة، والأهم من ذلك كله - إنجيل يوحنا. لكن الثلاثة الأوائل، كما ذكر أعلاه، لديهم الكثير من القواسم المشتركة مع بعضهم البعض، وهذا التشابه يلفت الأنظار بشكل لا إرادي حتى عند قراءتها لفترة وجيزة. دعونا نتحدث أولاً عن تشابه الأناجيل السينوبتيكية وأسباب هذه الظاهرة.

حتى يوسابيوس القيصري، في "شرائعه"، قسم إنجيل متى إلى 355 جزءًا وأشار إلى أنه تم العثور على 111 منها في جميع المتنبئين بالطقس الثلاثة. وفي العصر الحديث، طور المفسرون صيغة رقمية أكثر دقة لتحديد تشابه الأناجيل وحسبوا أن العدد الإجمالي للآيات المشتركة بين جميع المتنبئين بالطقس يرتفع إلى 350. وفي متى، إذن، هناك 350 آية فريدة له، في يوجد في مرقس 68 آية من هذا القبيل، في لوقا - 541. وقد لوحظت أوجه التشابه بشكل رئيسي في نقل أقوال المسيح، والاختلافات - في الجزء السردي. عندما يتفق متى ولوقا حرفيًا مع بعضهما البعض في أناجيلهما، فإن مرقس يتفق معهم دائمًا. التشابه بين لوقا ومرقس أقرب بكثير من التشابه بين لوقا ومتى (لوبوخين - في الموسوعة اللاهوتية الأرثوذكسية. T. V. P. 173). ومن اللافت للنظر أيضًا أن بعض المقاطع في الإنجيليين الثلاثة تتبع نفس التسلسل، على سبيل المثال، التجربة والكلام في الجليل، ودعوة متى والحديث عن الصوم، وقطف السنابل وشفاء الرجل اليابس. ، تهدئة العاصفة وشفاء الجاداريني المصاب بالشيطان، إلخ. ويمتد التشابه في بعض الأحيان إلى بناء الجمل والتعبيرات (على سبيل المثال، في عرض النبوءة صغير 3:1).

أما بالنسبة للاختلافات التي لوحظت بين المتنبئين بالطقس، فهناك الكثير منها. بعض الأشياء يتم نقلها من قبل اثنين فقط من المبشرين، والبعض الآخر حتى من قبل واحد. ومن ثم، فإن متى ولوقا فقط هما من يستشهدان بالمحادثة التي جرت على جبل الرب يسوع المسيح ويوردان قصة ميلاد المسيح والسنوات الأولى من حياته. يتحدث لوقا وحده عن ميلاد يوحنا المعمدان. بعض الأشياء ينقلها أحد الإنجيليين بشكل مختصر أكثر من الآخر، أو بطريقة مختلفة عن الآخر. وتختلف تفاصيل الأحداث في كل إنجيل، كما تختلف العبارات.

لقد جذبت ظاهرة التشابه والاختلاف هذه في الأناجيل السينوبتيكية انتباه مفسري الكتاب المقدس منذ فترة طويلة، وقد تم منذ فترة طويلة افتراضات مختلفة لتفسير هذه الحقيقة. يبدو من الأصح الاعتقاد بأن الإنجيليين الثلاثة استخدموا مصدرًا شفهيًا مشتركًا لسردهم لحياة المسيح. في ذلك الوقت، كان المبشرون أو الدعاة عن المسيح يذهبون إلى كل مكان ويكرزون ويكررون أماكن مختلفةفي شكل أكثر أو أقل شمولاً، ما كان يعتبر ضروريًا لتقديمه لأولئك الذين يدخلون الكنيسة. وهكذا تم تشكيل نوع محدد معروف الإنجيل الشفهيوهذا هو النوع الذي لدينا في شكل مكتوب في أناجيلنا السينوبتيكية. بالطبع، في الوقت نفسه، اعتمادًا على الهدف الذي كان لدى هذا المبشر أو ذاك، اتخذ إنجيله بعض السمات الخاصة التي تميز عمله فقط. وفي الوقت نفسه، لا يمكننا أن نستبعد الافتراض بأن الإنجيل الأقدم كان من الممكن أن يكون معروفًا للمبشر الذي كتب لاحقًا. علاوة على ذلك، ينبغي تفسير الفرق بين المتنبئين الجويين باختلاف الأهداف التي كان يدور في ذهن كل منهم عند كتابة إنجيله.

كما قلنا من قبل، تختلف الأناجيل السينوبتيكية في كثير من النواحي عن إنجيل يوحنا اللاهوتي. لذا فهم يصورون بشكل حصري تقريبًا نشاط المسيح في الجليل، ويصور الرسول يوحنا بشكل أساسي إقامة المسيح في اليهودية. من حيث المحتوى، تختلف الأناجيل السينوبتيكية أيضًا بشكل كبير عن إنجيل يوحنا. إنهم يعطون، إذا جاز التعبير، صورة خارجية أكثر لحياة المسيح وأفعاله وتعاليمه ومن خطب المسيح يستشهدون فقط بتلك التي كانت في متناول فهم الشعب بأكمله. وعلى العكس من ذلك، يغفل يوحنا الكثير من أعمال المسيح، فمثلاً يستشهد بست معجزات للمسيح فقط، لكن تلك الخطب والمعجزات التي يستشهد بها لها معنى خاص عميق وأهمية بالغة عن شخص الرب يسوع المسيح. . أخيرًا، في حين أن الأناجيل الإزائية تصور المسيح في المقام الأول على أنه مؤسس ملكوت الله، وبالتالي توجه انتباه قرائها إلى المملكة التي أسسها، فإن يوحنا يلفت انتباهنا إلى النقطة المركزية في هذا الملكوت، والتي منها تتدفق الحياة على طول الأطراف. المملكة، أي. على الرب يسوع المسيح نفسه، الذي يصوره يوحنا على أنه ابن الله الوحيد، والنور لكل البشرية. ولهذا السبب أطلق المفسرون القدماء على إنجيل يوحنا اسم الروحاني في المقام الأول (πνευματικόν)، على عكس المترجمين السينوبتيكيين، لأنه يصور في المقام الأول الجانب الإنساني في شخص المسيح (εὐαγγένιον σωματικόν)، أي. الإنجيل مادي.

ومع ذلك، لا بد من القول أن المتنبئين بالطقس لديهم أيضًا فقرات تشير إلى أن المتنبئين بالطقس كانوا يعرفون نشاط المسيح في اليهودية ( غير لامع. 23:37, 27:57 ; نعم. 10: 38-42)، ويوحنا أيضًا لديه إشارات إلى استمرار نشاط المسيح في الجليل. وبنفس الطريقة ينقل المتنبئون الجويون مثل هذه أقوال المسيح التي تشهد لكرامته الإلهية ( غير لامع. 11:27) ، ويوحنا من جانبه أيضًا في بعض الأماكن يصور المسيح كرجل حقيقي ( في. 2إلخ.؛ يوحنا 8وإلخ.). لذلك لا يمكن الحديث عن أي تناقض بين المتنبئين الجويين ويوحنا في تصويرهم لوجه المسيح وعمله.

مصداقية الأناجيل

على الرغم من أن الانتقادات قد تم التعبير عنها منذ فترة طويلة ضد موثوقية الأناجيل، ومؤخرًا تكثفت هجمات النقد هذه بشكل خاص (نظرية الأساطير، وخاصة نظرية دروز، التي لا تعترف بوجود المسيح على الإطلاق)، إلا أن كل إن اعتراضات النقد تافهة للغاية لدرجة أنها تنكسر عند أدنى تصادم مع الدفاعيات المسيحية. لكننا هنا لن نذكر اعتراضات النقد السلبي ونحلل هذه الاعتراضات: سيتم ذلك عند تفسير نص الأناجيل نفسه. سنتحدث فقط عن أهم الأسباب العامة التي من أجلها نقبل الأناجيل بشكل كامل. وثائق موثوقة. هذا أولاً، وجود تقليد لشهود العيان، الذين عاش الكثير منهم حتى العصر الذي ظهرت فيه أناجيلنا. لماذا نرفض أن نثق في مصادر أناجيلنا هذه؟ هل كان بإمكانهم اختلاق كل شيء في أناجيلنا؟ لا، كل الأناجيل تاريخية بحتة. ثانياً، ليس من الواضح لماذا يريد الوعي المسيحي - كما تدعي النظرية الأسطورية - أن يتوج رأس الحاخام يسوع البسيط بتاج المسيح وابن الله؟ لماذا، على سبيل المثال، لا يقال عن المعمدان أنه صنع المعجزات؟ من الواضح أنه لم يخلقهم. ومن هنا يتبين أنه إذا قيل أن المسيح هو العجائب العظيمة، فهذا يعني أنه كان كذلك بالفعل. ولماذا يمكن إنكار صحة معجزات المسيح، حيث أن المعجزة الأسمى - قيامته - لم يشهدها أي حدث آخر في التاريخ القديم (انظر 1: 11). 1 كور. 15)?

ببليوغرافيا الأعمال الأجنبية على الأناجيل الأربعة

بنجيل - بنجيل ج. آل. Gnomon Novi Covenantï في quo ex nativaverborum VI simplicitas، profunditas، concinnitas، salubritas sensuum coelestium indicatur. بيروليني، 1860.

بلاس، غرام. - Blass F. Grammatik des neutestamentlichen Griechisch. غوتنغن، 1911.

وستكوت - العهد الجديد باللغة اليونانية الأصلية، مراجعة النص. بواسطة بروك فوس ويستكوت. نيويورك، 1882.

B. فايس - فايس ب. يموت Evangelien des Markus und Lukas. غوتنغن، 1901.

يوغ. فايس (1907) - Die Schriften des Neuen Covenants، von Otto Baumgarten؛ فيلهلم بوسيت. هرسغ. فون يوهانس فايس، بي دي. 1: هناك ثلاثة إنجيليين مختلفين. Die Apostelgeschichte، ماتيوس أبوستولوس؛ ماركوس إيفانجيليستا؛ لوكاس إيفانجليستا. . 2. عفل. غوتنغن، 1907.

Godet - Godet F. Commentar zu dem Evangelium des Johannes. هانوفر، 1903.

دي ويت دبليو إم إل Kurze Erklärung des Evangeliums Matthäi / Kurzgefasstes exegetisches Handbuch zum Neuen Covenant، Band 1، Teil 1. لايبزيغ، 1857.

كايل (1879) - كايل سي.إف. قم بالتعليق على الإنجيليين لماركوس ولوكاس. لايبزيغ، 1879.

كايل (1881) - كايل سي.إف. تعليق على إنجيل يوهانس. لايبزيغ، 1881.

كلوسترمان - كلوسترمان أ. Das Markusevangelium nach seinem Quellenwerthe für die evangelische Geschichte. غوتنغن، 1867.

كورنيليوس لابيد - كورنيليوس لابيد. في SS Matthaeum et Marcum / Commentaria in scripturam sacram، ر. 15. باريسيس، 1857.

لاغرانج - لاغرانج M.-J. دراسات الكتاب المقدس: Evangel selon St. مارك. باريس، 1911.

لانج - لانج ج.ب. الإنجيل إلى ماتيوس. بيليفيلد، 1861.

لويزي (1903) - لويزي أ.ف. الرباعية الإنجيلية. باريس، 1903.

لويزي (1907-1908) - لويزي أ.ف. ملخصات الإنجيليين، 1-2. : سيفوندس، قبل مونتييه أون دير، 1907-1908.

لوثاردت - لوثاردت تشي. Das johanneische Evangelium nach seiner Eigenthümlichkeit gechildert und erklärt. نورنبرغ، 1876.

ماير (1864) - ماير إتش إيه دبليو. التعليق التفسيري النقدي على العهد الجديد، الفصل 1، النصف 1: Handbuch über das Evangelium des Matthäus. غوتنغن، 1864.

ماير (1885) - تعليق تفسيري Kritisch über das Neue Covenant hrsg. من هاينريش أوغست فيلهلم ماير، الفصل 1، النصف 2: برنهارد فايس ب. دليل التفسير النقدي للإنجيليين ماركوس ولوكاس. غوتنغن، 1885. ماير (1902) - ماير إتش إيه دبليو. داس يوهانس-إيفانجيليوم 9. Auflage، bearbeitet von B. Weiss. غوتنغن، 1902.

ميركس (1902) - Merx A. Erläuterung: Matthaeus / Die vier kanonischen Evangelien nach ihrem ältesten bekannten Texte، Teil 2، Hälfte 1. برلين، 1902.

Merx (1905) - Merx A. Erläuterung: Markus und Lukas / Die vier kanonischen Evangelien nach ihrem ältesten bekannten Texte. تيل 2، نصف 2. برلين، 1905.

موريسون - موريسون ج. تعليق عملي على الإنجيل بحسب القديس. ماثيو. لندن، 1902.

ستانتون - ستانتون ف.ه. الأناجيل السينوبتيكية / الأناجيل كوثائق تاريخية، الجزء الثاني. كامبريدج، 1903. ثولوك (1856) - ثولوك أ. داي بيرجبريديغت. جوتا، 1856.

ثولوك (1857) - ثولوك أ. كومنتار زوم إيفانجيليوم يوهانيس. جوتا، 1857.

هيتمولر - انظر يوغ. فايس (1907).

هولتزمان (1901) - هولتزمان إتش. يموت سينوبتيكر. توبنغن، 1901.

هولتزمان (1908) - هولتزمان إتش جيه. Evangelium, Summary and Offenbarung des Johannes / تعليق يدوي من العهد الجديد من H. J. Holtzmann, R. A. Lipsius وما إلى ذلك. دينار بحريني. 4. فرايبورغ إم بريسغاو، 1908.

زان (1905) - زان ث. Das Evangelium des Matthäus / Commentar zum Neuen Covenant، Teil 1. Leipzig، 1905.

زان (1908) - زان ث. Das Evangelium des Johannes ausgelegt / Commentar zum Neuen Covenant، Teil 4. Leipzig، 1908.

شانز (1881) - شانز ب. تعليق über das Evangelium des heiligen Marcus. فرايبورغ إم بريسغاو، 1881.

شانز (1885) - شانز ب. كومنتار أوبر داس إنجيليوم دي هيليجن يوهانس. توبنغن، 1885.

Schlatter - Schlatter A. Das Evangelium des Johannes: ausgelegt für Bibelleser. شتوتغارت، 1903.

Schürer، Geschichte - Schürer E.، Geschichte des jüdischen Volkes im Zeitalter Jesu Christi. دينار بحريني. 1-4. لايبزيغ، 1901-1911.

إدرشيم (1901) - إدرشيم أ. الحياةوأوقات يسوع المسيح. 2 مجلدات. لندن، 1901.

إلين - ألين دبليو سي. تعليق نقدي وتفسيري للإنجيل بحسب القديس. ماثيو. ادنبره، 1907.

ألفورد ن. العهد اليوناني في أربعة مجلدات، المجلد. 1. لندن، 1863.

وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا، وأصعدهم وحدهم إلى جبل عال، وتجلى أمامهم:

وصارت ثيابه لامعة، شديدة البياض، كالثلج، كما على الأرض لا يمكن للمبيض أن يبيض.

وظهر لهم إيليا مع موسى. وتحدث مع يسوع.

فقال بطرس ليسوع: يا سيدي! من الجيد لنا أن نكون هنا؛ نصنع ثلاث مظال: لك واحدة، ولموسى واحدة، ولإيليا واحدة.

لأني لم أعرف ماذا أقول؛ لأنهم كانوا في خوف.

وظهرت سحابة تظللهم، وخرج من السحابة صوت قائلا: «هذا هو ابني الحبيب. استمع اليه.

وفجأة نظروا حولهم، ولم يروا أحدًا معهم إلا يسوع وحده.

هذه الحادثة من حياة يسوع يكتنفها الغموض. يمكننا فقط أن نحاول فهمها. يقول مرقس أن هذا حدث بعد ستة أيام من الحدث الذي وقع في قيصرية فيليبي. يقول لوقا أن هذا حدث بعد ثمانية أيام. ليس هناك تناقض في هذا. وكلاهما يعني، كما نقول، "في حوالي أسبوع". تحتفل الكنيستان الشرقية والغربية بيوم التجلي الموافق 6 أغسطس. لا يهم ما إذا كان هذا هو اليوم حقًا أم لا، ولكن سيكون من الجيد للجميع أن يتذكروه.

يقول التقليد أن التجلي تم على جبل طابور. في الواقع يُسمى في الكنيسة الشرقية عيد التجلي تابوريونوربما يكون السبب هو ذكر جبل طابور ملاحظة. 88، 13، ولكن هذا خيار سيء. يقع جبل طابور في جنوب الجليل، وقيصرية فيليبس أقصى الشمال. بالإضافة إلى أن جبل طابور لا يزيد ارتفاعه عن ثلاثمائة متر، وفي زمن المسيح كان على قمته حصن. ومن المرجح أن هذا الحدث قد حدث بين الثلوج الأبدية في جبل حرمون الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 4500 متر وهو أقرب بكثير إلى قيصرية فيليبس ويتمتع بخصوصية أكبر بكثير. لكننا لا نستطيع أن نقول ما حدث هناك. وبينما نحاول أن نفهم ما حدث، يجب علينا أن نحني رؤوسنا احتراما. يقول مرقس أن ملابس يسوع صارت لامعة؛ في نفس الوقت يستخدم مارك الكلمة ستيلبان,والذي يستخدم عادةً لنقل لمعان النحاس المصقول أو الذهب أو الفولاذ الأزرق أو أشعة الشمس الذهبية. وعندما انتهى التوهج والحادثة بأكملها، بزغت سحابة على الجميع.

في النظرة اليهودية للعالم، يرتبط حضور الله دائمًا ارتباطًا وثيقًا بالسحابة. ففي النهاية، التقى موسى أيضًا بالله في السحابة. وفي السحابة ظهر الله في المسكن. ملأ السحاب الهيكل عند فتحه في زمن سليمان. وكان اليهود يحلمون بموعد ظهور المسيح على الأرض، عندما تملأ سحابة حضور الله الهيكل من جديد (السابق. 16, 10; 19, 9, 33,9, 3 القيصر 8, 10, 2 حصيرة. 2, 8). السحابة الظليلة هي علامة على أن المسيح قد جاء، وكل يهودي سيفهم هذه العبارة بهذه الطريقة تمامًا.

إن تجلي يسوع له معنى مزدوج.

1. كان الأمر في غاية الأهمية ليسوع نفسه. كان على يسوع أن يتخذ قراراً. وقرر الذهاب إلى أورشليم، وكان ذلك بمثابة قرار بقبول الصليب وحمله. ومن الواضح أنه قبل أن يذهب، كان عليه أن يتحقق من صحة القرار الذي اتخذه. وفي قمة الجبل حصل على موافقة مزدوجة على قراره.

أ) التقى به موسى وإيليا. كان موسى المشرع الأعلىإسرائيل. وشعب إسرائيل مدينون له بشريعة الله. كان إيليا أول وأعظم الأنبياء.كان الناس ينظرون إليه دائمًا على أنه نبي جلب للناس صوت الله نفسه. إن لقاء هاتين الشخصيتين التاريخيتين العظيمتين مع يسوع يعني أن أعظم المشرعين وأعظم أنبيائهم قالوا له: "اذهب". وهذا يعني أنهم رأوا في يسوع تحقيقًا لكل ما حلموا به في الماضي. وهذا يعني أنهم رأوا فيه كل ما اشتاق إليه التاريخ كله وتوقعه ورجاه. في هذه اللحظة تأكد يسوع أنه كان على وشك القيام بذلك الطريق الصحيحلأن تاريخ البشرية كله أدى إلى الصلب.

ب) تكلم الله مع يسوع. كما كان من قبل، لم يناقش يسوع رغباته. لقد لجأ إلى الله بالكلمات. "ماذا ستأمرني أن أفعل؟" فأجابه الله: «أنت تفعل كما ينبغي أن يفعل ابني الحبيب. استمر في فعل هذا!" على جبل التجلي، لم يرى يسوع حتمية الصلب فحسب، بل رأى أيضًا مرة أخرى التبرير الأساسي للصلب.

2. كان مهمًا لتلاميذه.

أ) لقد فاجأهم إعلان يسوع أنه سيذهب إلى أورشليم ليموت هناك. بدا لهم هذا دحضًا كاملاً لأفكارهم حول المسيح. كانوا لا يزالون مصدومين ولم يتمكنوا من فهم أي شيء. لقد حدث شيء لم يربكهم تمامًا فحسب، بل مزق قلوبهم أيضًا. ما رأوه على جبل التجلي قدم نوعًا من الخيط الإرشادي، حتى لو لم يتمكنوا من فهم كل شيء. وسواء حدث الصلب أم لا، فقد سمعوا صوت الله وهو يعترف بيسوع كابنه. ب) هذا الحدث جعلهم، إلى حدٍ ما، شهودًا لمجد المسيح. الشاهد هو من يرى أولاً ثم يشهد. أظهر لهم هذا الحدث على الجبل مجد المسيح، وكان عليهم الآن إخفاء قصة هذا المجد في قلوبهم وإخبار الناس عنها ليس على الفور، ولكن عندما يحين الوقت.

العلامة التجارية 9.9-13مصير النذير

ولما نزلوا من الجبل أوصاهم أن لا يخبروا أحداً بما رأوا حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات.

وحفظوا هذه الكلمة، يسألون بعضهم البعض عن معنى القيامة من الأموات.

وسألوه: لماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟

فأجاب وقال لهم: صحيح أن إيليا يجب أن يأتي أولاً ويرتب كل شيء؛ وابن الإنسان، كما هو مكتوب عنه، ينبغي أن يتألم كثيراً ويتواضع.

ولكن أقول لكم إن إيليا أيضاً جاء وفعلوا به كما أرادوا كما هو مكتوب فيه.

كان من الطبيعي أن يتعب التلاميذ الثلاثة أدمغتهم أثناء سيرهم إلى أسفل الجبل.

أولاً، بدأ يسوع بمنعهم من التحدث عما رأوه. لقد فهم يسوع أنهم ما زالوا غارقين في فكرة وجود مسيح قوي وقوي. فإذا تحدثوا عما حدث على قمة الجبل، وكيف ظهر مجد الله، وكيف ظهر موسى وإيليا، فكيف سيتوافق هذا مع توقعات الجميع؟ ففي نهاية المطاف، يمكن أن يبدو هذا في أفواه وآذان الناس كمقدمة لاندلاع قوة الله الانتقامية القادمة على أمم العالم! كان لا يزال يتعين على التلاميذ أن يتعلموا ما هي المسيحانية. شيء واحد فقط يمكن أن يعلمهم - الصلب والقيامة اللاحقة. عندما يُظهر لهم الصلب ما هي المسيحيّة، وعندما بعد القيامة سيقتنعون أن يسوع كان المسيح حقًا، ثم،وعندها فقط يمكنهم أن يخبروا عن المجد على قمة الجبل، فعندها، وعندها فقط، سوف يرون كل شيء كما ينبغي أن يكون - ليس كمقدمة لغزو التاريخ بقوة الله، ولكن كمقدمة لغزو التاريخ بقوة الله. صلب محبة الله. لكن عقول الطلاب استمرت في العمل. ولم يفهموا ما قاله يسوع عن القيامة. يظهر سلوكهم أنهم في الواقع لم يفهمواهم. وعندما حدث الصلب، كانوا في وضع الأشخاص الذين جاءت نهايتهم. لكننا لا نستطيع أن نوبخهم: النقطة ببساطة هي أنهم نشأوا مع أفكار مختلفة تمامًا عن المسيح، وبالتالي لم يتمكنوا من فهم ما قاله يسوع. ثم سألوا عما أصابهم. اعتقد اليهود أنه قبل مجيء المسيح، يجب أن يأتي إيليا كرسول له (صغير. 4، 5، 6). قال التقليد الحاخامي أن إيليا سيأتي قبل المسيح بثلاثة أيام. في اليوم الأول يقف على مرتفعات إسرائيل يندب حزن الأرض وخرابها. فيقول بصوت يسمع من أقاصي الأرض إلى أقاصيها: "عالمينزل إلى الأرض! عالمينزل إلى الأرض! وفي اليوم الثاني سيصرخ: "جيدينزل إلى الأرض! جيدينزل إلى الأرض! وفي اليوم الثالث يصرخ: "يشوع(الخلاص) قادم إلى الأرض! يشوعينزل إلى الأرض! سوف يصلح كل شيء. سوف يصحح كل الخلافات العائلية في الأيام المظلمة الأخيرة، ويحل جميع القضايا المثيرة للجدل المتعلقة بالطقوس والاحتفالات، ويطهر الناس، ويعيد المطرودين ظلماً، ويطرد أولئك الذين تم قبولهم ظلماً. احتل إيليا مكانًا رائعًا في النظرة العالمية لإسرائيل. وكان يُعتقد أنه كان دائمًا يفعل شيئًا لهم، سواء في السماء أو على الأرض، وسيكون نذيرًا بالإنجاز.

ومن الطبيعي أن يتساءل التلاميذ: “إذا كان يسوع هو المسيح، فماذا حدث لإيليا؟” أجاب يسوع بكلمات يستطيع كل يهودي أن يفهمها. قال: «جاء إيليا، ففعل الشعب به كما أرادوا. فأخذوه واستبدوا به حسب إرادتهم، ونسوا إرادة الله». وكان يسوع يشير إلى سجن يوحنا المعمدان وموته على يد هيرودس. ثم لفت يسوع انتباه التلاميذ مرة أخرى إلى الفكرة التي لم يرغبوا حتى في الاحتفاظ بها في رؤوسهم، ولكن، كما آمن، يجب عليهم أن يفهموها بوضوح. كان عليهم أن يسألوا أنفسهم بصوت عالٍ السؤال غير المعلن: "إذا فعلوا هذا بالنذير، بالسابق، فماذا سيفعلون بالمسيح؟" غيَّر يسوع حرفياً كل أفكار وأفكار تلاميذه. لقد كانوا ينتظرون ظهور إيليا، ومجيء المسيح، وغزو الله المفاجئ للتاريخ، والانتصار الساحق في السماء، والذي اعتبروه في نفس الوقت انتصارًا لإسرائيل. أراد يسوع أن يجعلهم يرون، وأن يواجهوا حقيقة أن الرسول قد قُتل بوحشية، وأن نهاية المسيح ستكون له نهاية واحدة: الصلب. لكنهم ما زالوا لم يفهموا، وهذا الفشل في الفهم هو نفسه كما هو الحال دائمًا – لا يستطيع الناس فهم أي شيء لأنهم يتشبثون بأفكارهم وطرق تصرفهم ويرفضون رؤية طريق الله. لقد أرادوا أن يكون كل شيء كما أرادوا، وليس كما أشار الله، فخطأ أفكارهم منعهم من رؤية إعلان حق الله.

العلامة التجارية 9.14-18ينزل من الجبل

ولما جاء إلى التلاميذ رأى حولهم جمعا كثيرا وكتبة يتشاجرونهم.

وللوقت لما رأوه، اندهش جميع الشعب، وركضوا وسلموا عليه.

فسأل الكتبة: في ماذا تحاورونهم؟

أجاب أحد الناس: يا معلم! لقد قدمت إليك ابني الذي به روح أبكم:

وحيثما أمسك به يطرحه على الأرض، فيخرج زبد، ويصر بأسنانه، ويتخدر. فقلت لتلاميذك أن يخرجوه فلم يستطيعوا.

كانت هذه المواقف بالتحديد هي التي أراد بيتر تجنبها. وعلى قمة الجبل، أمام مجد الله، قال بطرس: «حسن أن نكون ههنا». ثم أراد أن يبني ثلاث مظال ليسوع ولموسى وإيليا ويقيم هناك. كانت الحياة رائعة جدًا هناك على قمة الجبل، وكانت قريبة جدًا من الله. لماذا النزول هناك على الإطلاق؟ ولكن هذا هو معنى الحياة، أن الشخص يجبالعودة إلى أسفل من أعلى الجبل. قال أحدهم إنك تحتاج في الدين خصوصية،لكن لا خصوصية.يحتاج الإنسان إلى العزلة، لأنه يحتاج إلى التواصل مع الله؛ ولكن إذا كان الشخص، بحثًا عن العزلة الحقيقية، يعزل نفسه عن زملائه البشر، ويصم عن نداءاتهم للمساعدة، وقاسٍ تجاه دموعهم ومعاناتهم - فهذا ليس دينًا. لا ينبغي للعزلة أن تجعل الناس نساكًا فرديين. يجب أن تمكن العزلة الناس من التعامل بشكل أفضل مع متطلبات الحياة اليومية.

بعد نزوله من الجبل، وجد يسوع موقفاً حساساً. أتى أحد الآباء بابنه الذي كان به روح أبكم إلى تلاميذه. وكانت جميع أعراض المس واضحة، لكن التلاميذ لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا، واستغل الكتبة ذلك. لقد منحهم عجز التلاميذ الفرصة المثالية لإذلالهم، ليس فقط هم، بل ربهم أيضًا. وهذا ما جعل الوضع برمته مزعجًا للغاية، ولماذا تكون جميع المواقف البشرية حساسة جدًا بالنسبة للمسيحي: سلوكه وكلماته وقدرته أو عدم قدرته على التعامل مع متطلبات معينة في الحياة البشرية يستخدمها الآخرون للحكم ليس عليه فقط. شخصيا، ولكن عن يسوع المسيح. في التعليم المسيحي، كتب أ. فيكتور موراي: “بعض الناس لديهم تلك النظرة البعيدة في أعينهم عندما يتحدثون عن الكنيسة. لكن هذا مجتمع خارق للطبيعة، جسد المسيح، عروسه الطاهرة، حارسة نبوءات الله، الجماعة المباركة للمخلصين، وله العديد من الألقاب الرومانسية، التي لا يتطابق أي منها، على ما يبدو، مع ما يقوله شخص غريب. قد ترى في "كنيسة أبرشية القديس. أغاتا "وغيرها." ومهما كان اسم مهنة الإنسان، فإن الناس يحكمون عليه بأعماله، وبحكمهم عليه يحكمون على ربه. وهكذا كان الأمر هذه المرة أيضًا. ولكن بعد ذلك ظهر يسوع. وعندما رآه الناس اندهشوا. لا ينبغي للمرء أن يعتقد أنه لا يزال بإمكانه رؤية إشعاع التجلي. ففي نهاية المطاف، فإن تعليماته بعدم التحدث عن هذا الأمر لن يكون لها أي معنى. اعتقد الجمع أنه لا يزال على سفوح جبل حرمون المهجورة. لقد كانوا منغمسين في جدالهم لدرجة أنهم لم يروه آتيًا، والآن، في اللحظة المناسبة، كان هنا بينهم. لقد فوجئوا بهذا الوصول غير المتوقع والمفاجئ ولكنه مناسب جدًا. هنا نتعلم شيئين عن يسوع.

1. كان مستعداً للذهاب إلى الصلب، ولكنه كان أيضاً مستعداً لمواجهة أي مشكلة يومية تواجهه. من طبيعة الإنسان، حتى لو واجه لحظات حرجة في الحياة بشرف وكرامة، أن ينزعج من المشاكل اليومية العادية. غالبًا ما يتحمل الناس ضربات القدر الساحقة ببطولة، لكنهم يصابون بالإحباط والحزن بسبب وخزات الدبوس البسيطة. يواجه الكثير من الناس مصيبة كبيرة أو خسارة كبيرة بهدوء، لكنهم يغضبون بسبب وجبة سيئة الإعداد أو تأخر القطار. من المثير للدهشة أن يسوع كان يستطيع أن يذهب بهدوء إلى الصلب ويدرس بهدوء ويتعامل مع مشاكل الحياة اليومية. والحقيقة أنه لجأ إلى الله ليس فقط في اللحظات الحرجة، كما يفعل كثيرون. وعاش معه باستمرار.

2. لقد جاء إلى العالم ليخلصه، ومع ذلك كان بإمكانه أن يكرس نفسه بالكامل لمشاكل الأفراد ومساعدتهم. إن التبشير بإنجيل المحبة للبشرية جمعاء أسهل بكثير من أن تحب كل خاطئ ليس جذابًا للغاية. من السهل أن تشعر بالحب العاطفي تجاه الأشخاص بشكل عام، ولكن من السهل أيضًا أن تعتقد أنه سيكون من الصعب عليك أن تخرج عن طريقك لمساعدة أحدهم. كان لدى يسوع الموهبة، العطية الملكية، أن يهب نفسه بالكامل للشخص الذي التقى به.

العلامة التجارية 9.19-24صرخة الإيمان

فأجابه يسوع وقال: أيها الجيل غير المؤمن، إلى متى أكون معكم؟ إلى متى سأتحملك؟ احضاره لي.

وأحضروه إليه. فلما رآه المجنون زعزعه الروح. سقط على الأرض واستلقى هناك، ينبعث منه رغوة.

فسأل يسوع أباه: «منذ متى حدث له هذا؟»

قال: منذ الصغر؛

وكثيرًا ما ألقاه الروح في النار والماء ليهلكه. ولكن، إذا كنت تستطيع، أشفق علينا وساعدنا.

قال له يسوع: إن كنت تستطيع أن تؤمن قدر الإمكان، فكل شيء مستطاع للمؤمن.

وعلى الفور صاح والد الصبي بالدموع: أؤمن يا رب! ساعد عدم إيماني.

يبدأ المقطع بصرخة من قلب يسوع. لقد كان للتو على قمة الجبل ورأى المهمة العظيمة التي كانت تنتظره. فقرر أن يضحي بحياته من أجل إنقاذ العالم. ولكن الآن، بعد أن نزل من الجبل، رأى أتباعه المقربين، ومختاريه، مضروبين، محبطين، عاجزين وغير نشطين. على ما يبدو، في تلك اللحظة حتى يسوع كان محبطاً. ويبدو أنه قد أدرك فجأة، كما يقول آخرون، اليأس من مهمته. في هذه المرحلة لا بد أنه قد يئس تمامًا تقريبًا من محاولته تغيير الطبيعة البشرية وتحويل شعب العالم إلى شعب الله. وكيف تصرف في لحظة اليأس؟ قال: "ائتوني بالصبي". عندما لا نستطيع التعامل مع المواقف القصوى، أو لا نعرف كيفية التعامل معها، فإننا ننتقل إلى المشاكل المباشرة. يبدو أن يسوع يقول: "لا أعلم إذا كان بإمكاني أن أغير تلاميذي أم لا، ولكن الآن أنا استطيعمساعدة هذا الصبي. دعونا ننتقل إلى المشاكل الآنية بدلا من اليأس بشأن المستقبل." بهذه الطريقة، يمكنك الهروب من اليأس مرارًا وتكرارًا. الجلوس والتفكير في حالة العالم يمكن أن يؤدي إلى اليأس، فمن الأفضل أن تنشغل في زاويتك من العالم الكبير. في بعض الأحيان يغمر اليأس الشخص بسبب حالة الكنيسة، فيجب على المرء أن يبدأ العمل في كنيسته. لم يجلس يسوع خائفًا ومندهشًا من بطء فهم الناس - بل قام بحل المشاكل الملحة والعاجلة. وكما كتب كينجسلي: "أعطني العمل الذي بين يدي، حتى لو كان مملاً في بعض الأحيان. وإذا لزم الأمر، ساعد الكلب الأعرج على عبور السياج".

إن أسهل طريقة لتجنب التشاؤم واليأس هي أن نفعل كل ما في وسعنا - وسيكون هناك دائمًا ما يجب القيام به.

وضع يسوع لوالد الصبي شرطًا يمكن بموجبه أن تحدث معجزة: "كل شيء مستطاع للمؤمن". يبدو أن يسوع يقول: "شفاء الصبي ليس عليّ، بل عليك". هذه ليست حقيقة لاهوتية بحتة، بل حقيقة عالمية. إن البدء بمهمة مع وعيك باليأس يعني جعل المهمة ميؤوس منها، وبدء المهمة بالإيمان بها يعني جعلها ممكنة. ذات يوم قال كافور إن ما يحتاجه رجل الدولة قبل كل شيء هو "الشعور بالإمكانية". يعاني الكثير من الناس من لعنة الشعور بالاستحالة، ولهذا السبب لا تحدث المعجزات. موقف والد الصبي كاشفة للغاية. لقد جاء ليبحث عن يسوع نفسه. ولأن يسوع كان على قمة الجبل، كان عليه أن يقدم طلبه إلى تلاميذه. وقد خيبوا أمله بشدة. لقد اهتز إيمانه لدرجة أنه عندما جاء إلى يسوع، قال أولاً فقط: "ساعدني إن استطعت". وبعد ذلك، عندما واجه يسوع وجهًا لوجه، اشتعل الإيمان فيه مرة أخرى. "أعتقد! - صرخ قائلاً: "وإذا كان لا يزال هناك أي شك أو عدم ثبات في داخلي، فخذوها مني وأعطوني إيمانًا غير مشروط".

في بعض الأحيان يتلقى الشخص من الكنيسة أو من شخص ما أقل مما كان يأمل. في هذه الحالة، عليك أن تتحول، متجاوزًا الكنيسة، إلى رأس الكنيسة، متجاوزًا خادم الكنيسة، إلى يسوع نفسه. في بعض الأحيان يمكن للكنيسة أن تخيب آمالنا، ولكن إذا خضنا معركتنا بجانب المسيح، فلن يخيبنا أبدًا.

العلامة التجارية 9.25-29سبب الفشل

فلما رأى يسوع أن الجمع يركضون انتهر الروح النجس قائلا له أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك اخرج منها ولا تدخلها أيضا.

فصرخ وهزه بشدة وخرج، وصار كأنه ميت، حتى قال كثيرون إنه مات.

فأمسك يسوع بيده وأقامه فقام

ولما دخل يسوع البيت سأله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر أن نخرجه؟

وقال لهم إن هذا الجيل لا يمكن أن يخرج إلا بالصلاة والصوم

لا بد أن يسوع أخذ الصبي وأباه جانباً. ولكن عندما سمع الشعب صراخهم، جاءوا يركضون أيضًا، وعندما رأى يسوع ذلك، بدأ يتصرف. أصيب الصبي بتشنجات أخيرة أضعفته تمامًا، وتم شفاؤه.

وترك التلاميذ وحدهم معه، وسألوه عن سبب فشلهم. لقد تذكروا بالطبع كيف أرسلهم يسوع للتبشير والشفاء وإخراج الشياطين (مارس. 3، 14.15). لماذا عانوا الآن من هذا الفشل الملحوظ؟ أجاب يسوع ببساطة أن مثل هذا الشفاء يتطلب الصلاة. ما قاله لهم هو في الأساس: "أنتم لا تعيشون بالقرب من الله بما يكفي". لقد أعطاهم القوة والسلطة، ولكن من أجل الحفاظ عليها، كان عليهم أن يصلوا. وهذا درس مهم بالنسبة لنا. ربما أعطانا الله نوعًا من الموهبة، ولكن إذا لم نتواصل معه بشكل وثيق، فسوف تتلاشى الموهبة وتهلك - وهذا ينطبق على أي عطية. قد يمنح الله الإنسان موهبة طبيعية عظيمة للكرازة، ولكن إذا لم يتواصل مع الله باستمرار، فإن كلماته ستفقد كل قوتها الجذابة. يمكن لله أن يمنح الإنسان موهبة الموسيقي أو المغني، لكن إذا لم يتواصل مع الله باستمرار، سيبقى مجرد متخصص يستخدم موهبته من أجل الربح، وهذا شيء فظيع. ولكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي على الإنسان أن يستخدم موهبته في الربح على الإطلاق، لا، يمكنه أن يكسب المال منها، ولكن حتى في هذه الحالة يجب أن يجد المتعة في عمله، لأنه يستخدم هذه الموهبة أيضًا لتحقيق الربح. اهداف الله . وقالوا إن جيني ليند، فنانة الأوبرا السويدية الشهيرة في القرن الماضي، ظلت وحدها قبل بدء كل عرض وكانت تصلي: "يا إلهي، ساعدني في الغناء بشكل صحيح اليوم". إذا لم نحافظ على مثل هذا الاتصال مع الله، فمهما كنا موهوبين، فإننا نفقد شيئين.

1. نفقد الحيوية التي تعطي العظمة للإنسان. نحن نفقد هذا واحد حيوية، ذلك الشيء القليل جدًا الذي يمنح الإنسان العظمة. لم نعد نخدم الله طوعًا، بل نقوم بواجباتنا. يتحول الجسم الحي النشط إلى جثة جميلة.

2. نفقد التواضع. نبدأ في استخدام ما يجب أن يستخدم لأغراضنا الشخصية من أجل المجد، فيفقد قوته. ما كان من المفترض أن يخدم تمجيد الله يخدم تعظيم الذات - وتختفي روح السحر. وهذا بمثابة تحذير لنا. لقد حصل التلاميذ على قوتهم وسلطانهم من يسوع مباشرة، لكنهم لم يغذوها بالصلاة واختفت القوة. مهما كانت العطية التي تلقيناها من الله، فسوف نفقدها إذا استخدمناها حصريًا لأنفسنا. ولكن يمكننا أن نحافظ عليها وننميها بالتواصل المستمر مع الله الذي نتلقاها منه.

العلامة التجارية 9.30-32رؤية النهاية

وبعد أن غادروا هناك مروا بالجليل. ولم يرد أن يعرف أحد ذلك.

لأنه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم أن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه، وبعد أن يقتل سيقوم في اليوم الثالث.

لكنهم لم يفهموا هذا الكلام، وخافوا أن يسألوه.

نحن نواجه مرحلة هامة في حياة يسوع. غادر الآن الجزء الشماليالبلدان التي لم يكن فيها في خطر مباشر، وخطا الخطوات الأولى في الطريق إلى أورشليم نحو الصلب الذي كان ينتظره. في بعض الأحيان لم يكن يريد أن يرى حشدًا من الناس حوله. لقد كان يعلم جيدًا أنه إذا لم يتمكن من إيصال رسالته جيدًا إلى قلوب شعبه المختار، فسيضيع كل شيء. يمكن لأي معلم أن يترك وراءه بعض الاقتراحات أو النظريات، لكن يسوع عرف أن هذا لم يكن كافيًا؛ ويجب أن يترك وراءه جماعة من الناس يجب أن يُكتب هذا التعليم في قلوبهم. قبل أن يغادر هذه الأرض جسديًا، يجب أن يكون متأكدًا من أنه لا يزال هناك عدد قليل ممن يفهمون، وإن كان بشكل غامض جدًا، ما أراد أن يقوله، وما هو غرض مجيئه. وهذه المرة يوجد ألم أكبر في نبوءاته: إذا قارنا هذه العبارة بتنبؤاته السابقة بموته (مارس. 8: 31)، فمن الواضح أنه أضاف عبارة واحدة: "ابن الإنسان سيُسلَّم إلى أيدي الناس". كان هناك خائن في المجموعة الصغيرة، وكان يسوع يعرف ذلك. لقد رأى ما كان يفكر فيه يهوذا، وربما أفضل من يهوذا نفسه. وعندما قال: "ابن الإنسان سيُسلَّم إلى أيدي الناس"، لم يكن يذكر حقيقة وتحذيرًا فحسب، بل كان أيضًا يتحدث للمرة الأخيرة إلى الشخص الذي كانت الخيانة تختمر في قلبه. لكن التلاميذ ما زالوا لم يفهموا. لم يفهموا الجزء المتعلق بتربيتهم مرة أخرى. بحلول هذا الوقت بدأوا يدركون مأساة الوضع، لكنهم لم يفهموا أبدًا حتمية القيامة. لقد كانت هذه المعجزة عظيمة جدًا بالنسبة لهم، وهي معجزة لم يدركوها إلا بعد أن أصبحت حقيقة منجزة. ولكن حتى قبل أن يفهموا ذلك، كانوا خائفين جدًا من طرح أي أسئلة أخرى. لقد كانوا مثل هؤلاء الأشخاص الذين يعرفون الكثير بالفعل لدرجة أنهم يخشون تعلم المزيد. وشخص آخر يعلم تشخيصه من طبيب ويعتبره سيئًا؛ فهو لا يفهم كل تفاصيل التشخيص، لكنه لا يطرح أي أسئلة لأنه يخشى معرفة المزيد. وفعل التلاميذ الشيء نفسه. نتفاجأ أحيانًا بأن التلاميذ لم يفهموا ما قيل بكل وضوح. لكن هذه خاصية للعقل البشري وهي عدم إدراك ما لا يريد رؤيته. ألسنا متشابهين؟ لقد سمعنا الإنجيل المسيحي مراراً وتكراراً. نحن نعلم أي مجد يجلبه لمن يقبله، وما هي المأساة التي تنتظر من يرفضه، لكن الكثير منا ما زالوا بعيدين عن قبوله بالكامل وبناء حياتنا على أساسه كما كان من قبل. لا يزال الناس يقبلون تلك الأجزاء من الإنجيل المسيحي التي ترضيهم وتناسبهم، ويرفضون فهم الباقي.

العلامة التجارية 9.33-35الطموح الحقيقي

جاء إلى كفرناحوم؛ ولما كان في البيت سألهم: ماذا كنتم تتحدثون بينكم في الطريق؟

فسكتوا لأنهم في الطريق كانوا يتجادلون فيما بينهم من هو الأعظم.

فجلس ودعا الاثني عشر وقال لهم: من أراد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل.

لا توجد حلقة تظهر أفضل من هذه مدى ضآلة فهم تلاميذه للمعنى الذي وضعه في المسيحيّة الحقيقية. لقد أخبرهم مرارًا وتكرارًا بما كان ينتظره في أورشليم، لكنهم ظلوا يفكرون في مملكته من الناحية الدنيوية البحتة، ويتخيلون أنفسهم كرؤساء وزرائه. ينفطر قلبك عندما تتخيل يسوع ذاهبًا إلى الصلب بينما يتجادل تلاميذه حول من منهم سيأتي أولاً. ولكنهم فهموا في أعماق قلوبهم أنهم كانوا يتصرفون بطريقة غير مستحقة. وعندما سألهم عما كانوا يتجادلون، لم يكن لديهم ما يجيبونه: لقد كانوا صامتين بخجل. عندما ينظر يسوع إلى الأشياء، فإنها تأخذ على الفور مكانها الصحيح وتأخذ طابعها الحقيقي. وطالما اعتقد التلاميذ أن يسوع لم يسمع أو يرى أي شيء، فقد وجدوا أن الخلاف حول الأولوية هو أمر أخلاقي تمامًا، ولكن بمجرد أن كان لا بد من ذكر جوهر هذا النزاع في حضور يسوع، رأوا عدم استحقاقه. بمجرد أن ترى الأشياء من خلال عيون يسوع، يحدث فرقًا كبيرًا. إذا، قبل أن نفعل أي شيء، سألنا أنفسنا أولاً: "هل أستطيع أن أفعل هذا إذا كان يسوع ينظر إلي؟" إذا قلنا شيئًا، نسأل أنفسنا: "هل كان بإمكاني أن أقول هذا لو سمع يسوع؟" - لن نفعل أو نقول الكثير. لكن جوهر الحياة المسيحية هو أن هذا "إذا" لا يمكن أن يحدث: كل ما يتم فعله وكل ما يقال يتم ويقال في حضور يسوع. أعاذنا الله من الأفعال والأقوال التي نخجل أن نتلفظ بها في حضرته.

أخذ يسوع هذه الحادثة على محمل الجد. وكما يقول مرقس، جلس ودعا الاثني عشر لنفسه. عندما قام الحاخام بوظيفته كمرشد ومعلم، عندما قام بذلك الخطاب الرسميأو اتخذ قرارًا، جلس وبدأ التعليمات. جلس يسوع عمدًا، في البداية كمرشد حاخامي، وعندها فقط تحدث إلى تلاميذه، وأخبرهم أنهم إذا كانوا يعتزمون شغل منصب مهم في ملكوته، فلا ينبغي عليهم أن يبدأوا بمطالبات، بل أن يكونوا خدامًا أولاً. ولم يرفض يسوع طموحاتهم. بل أعاد طموحهم وأعطاه الاتجاه الصحيح. وبدلاً من الرغبة في الحكم، وضع الرغبة في الخدمة. فبدلاً من الرغبة في أن يفعل الآخرون كل شيء من أجل أنفسهم، وضع الرغبة في أن يفعلوا كل شيء من أجل الآخرين.

هذه ليست وجهة نظر مثالية للحياة على الإطلاق - إنها منطق سليم. والحقيقة أن الأشخاص الذين تتذكرهم الإنسانية على أنهم قدموا مساهمة حقيقية في حياة المجتمع ليسوا أولئك الذين قالوا لأنفسهم: "كيف يمكنني استخدام الدولة والمجتمع لزيادة هيبتي وإرضاء طموحي؟"، بل أولئك الذين قالوا. :"كيف أستغل موهبتي في خدمة المجتمع؟ أشاد ستانلي بالدوين بالراحل اللورد كرزون بهذه الكلمات: “أريد أن أقول بضعة أشياء أخرى لا يستطيع أي شخص آخر أن يقولها. يرى رئيس الوزراء الطبيعة البشرية، وقد رأيته يعاني مرتين من خيبة أمل عميقة: عندما تم تعييني رئيسًا للوزراء، وليس هو، وعندما اضطررت إلى إخباره أنه يمكنه خدمة بلده بشكل أفضل كرئيس للجنة. الدفاع بدلاً من وزير الخارجية. وفي كل مرة كان يشعر بخيبة أمل عميقة ومريرة، لكنه لم يظهر بعد ذلك خيبة أمله بكلمة واحدة، أو نظرة، بشكل غير مباشر أو بأي طريقة أخرى. لم يكن انتقاميًا ولم يفعل سوى ما توقعته منه وأدى واجبه حيث اعتبرناه مفيدًا للغاية. إن عظمة هذا الرجل لا تكمن في وصوله إلى أعلى المناصب الحكومية، بل في استعداده لخدمة وطنه في أي منصب كان. إن نكران الذات الحقيقي هو صفة نادرة، ولكن عندما تظهر، لا ينساها الناس. كان لدى الإغريق أسطورة حول المتقشف بيداريت. عندما تم انتخاب 300 إسبرطي لحكم البلاد، كان بيداريت أحد المرشحين، لكن اسمه لم يكن مدرجًا في قائمة المنتخبين. قال أحد أصدقاء بيداريت: “من المؤسف أنك لم تُنتخب. سوف تخدم وطنك بحكمة ". أجاب بيداريت: "وأنا سعيد لأنه يوجد في سبارتا ثلاثمائة شخص أفضل مني". إليكم مثال على شخص مستعد لإعطاء المركز الأول لشخص آخر دون أي شعور بالشر. إذا عاش الناس بمبدأ: ماذا يمكنني أن أفعل للآخرين، وليس بالمبدأ: ما الذي يمكنني الحصول عليه لنفسي، فسيتم حل جميع المشاكل الاقتصادية. والمشاكل السياسية ستحل إذا استخدم الناس طموحهم لخدمة وطنهم، وليس لتضخيم هيبتهم. وكل الخلافات والاختلافات في الرأي التي تمزق الكنيسة كان من الممكن تجنبها لو أن رؤساء الكنيسة خدموا الكنيسة دون الاهتمام بالمناصب التي يشغلونها. في حديثه عن العظمة الحقيقية للإنسان وقيمته، قدم يسوع واحدة من أعظم الحقائق العملية في العالم.

مارك 9،36.37مساعدة الضعفاء هي مساعدة المسيح

فأخذ الطفل وأقامه في وسطهم واحتضنه وقال لهم:

ومن قبل أحد هؤلاء الأولاد باسمي فقد قبلني. ومن يقبلني فلا يقبلني بل الذي أرسلني.

وهنا يؤكد يسوع على أهمية الطموح الصحي بدلاً من الغرور غير الصحي.

فأخذ الطفل ووضعه في الوسط. لكن الطفل لا يستطيع أن يساهم في مسيرة الإنسان أو يرفع من مكانته، ولا يستطيع أن يمنحه فوائد مادية. على العكس من ذلك، يجب توفير فوائد مادية للطفل، ويجب أن تعطى له، ويجب أن يتم كل شيء من أجله. ويقول يسوع: “إذا استقبل شخص شخصًا فقيرًا وبسيطًا ليس له تأثير في المجتمع، ويحتاج إلى المساعدة ويحتاج إلى إعالته، فهو ضيف مرحب به عندي؛ علاوة على ذلك، فهو ضيف مرحب به عند الله. الطفل هو مثال نموذجي لأولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة والذين يحتاجون إلى تزويدهم بالقيم المادية، هؤلاء هم الأشخاص الذين تحتاج إلى التواصل معهم وتحتاج إلى مساعدتهم. وفي هذه الحلقة تحذير لنا. ليس من الصعب أن نسعى إلى صداقة واستحسان الأشخاص ذوي النفوذ والمفيدين، وليس من الصعب أيضًا تجنب التواصل مع الأشخاص الذين يحتاجون فجأة إلى مساعدتنا، الأمر الذي يزعجنا. ليس من الصعب كسب ود أصحاب النفوذ والأقوياء في هذا العالم، وتجاهل الأشخاص العاديين والمتواضعين. ليس من الصعب في حفل استقبال أو اجتماع احتفالي أن تسعى إلى صحبة شخص مشهور والتعارف معه وتجنب قريب فقير. في الأساس، ما يقوله يسوع هنا هو أنه لا ينبغي لنا أن نسعى إلى صحبة أو التعرف على الأشخاص الذين يمكنهم أن يفعلوا شيئًا لنا، ولكن أولئك الذين يمكننا أن نفعل شيئًا لهم، لأننا بذلك نسعى إلى رفقته. بمعنى آخر: "كما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فبي فعلتموه". (متى 25، 40).

العلامة التجارية 9.38-40درس في التسامح

عند هذا قال يوحنا: يا معلم! قد رأينا رجلاً يخرج الشياطين باسمك ولا يتبعنا. فمنعوا عنه لأنه لم يتبعنا.

قال يسوع: لا تمنعوه؛ لأن ليس أحد صنع آية باسمي يقدر أن يلعنني سريعا.

لأن من ليس عليك فهو معك.

وكما قلنا مرات عديدة، في زمن يسوع كانوا يؤمنون بوجود الشياطين. يعتقد الجميع أن الأمراض الجسدية والعقلية ليست أكثر من ذلك تأثير سيءأرواح شريرة. وكانت هناك طريقة واحدة نموذجية لطرد الشياطين. إذا عرف شخص ما اسم روح أقوى وأمر الروح الشريرة بترك الشخص باسمه، فمن المعتقد أن الشيطان كان بالفعل عاجزًا عن المقاومة. لم يستطع الشيطان أن يتحمل قوة اسم أقوى. هذا ما نتحدث عنه هنا. رأى يوحنا رجلاً يستخدم اسم يسوع القدير لهزيمة الشياطين، وحاول منعه من القيام بذلك لأنه لم يكن جزءًا من الدائرة الصغيرة من التلاميذ. لكن يسوع أوضح أنه لا يمكن لأي إنسان أن يفعل أي شيء مهم ويكون عدواً له في نفس الوقت. ثم وضع يسوع المبدأ العظيم القائل بأن "من ليس علينا فهو معنا".

وهذا درس في التسامح يجب أن يتعلمه الجميع تقريبًا.

1. لكل إنسان الحق في التفكير. لكل شخص الحق في صياغة أفكاره بشكل مستقل والتفكير فيها بشكل مستقل حتى يصل إلى استنتاجاته وقناعاته الخاصة. وعلينا أن نحترم هذا الحق. غالبًا ما يسارع الناس إلى وصم ما لا يفهمونه هم أنفسهم. قال ويليام بيني ذات مرة: "لا تحتقر أو ترفض ما لا تفهمه". ويقول يهوذا 10: "وهؤلاء يتكلمون بالشر بما لم يعرفوا". يجب أن نتذكر:

أ) ليس هناك طريق واحد فقط إلى الله. قال جينيسون: "إن الله لديه طرق عديدة لتحقيق مقاصده". قال سرفانتس ذات مرة: "إن الله يجلب خاصته إلى السماء بعدة طرق". الأرض مستديرة، ويمكن لشخصين الوصول إلى نفس المكان عن طريق السير في اتجاهين متعاكسين تمامًا. كل الطرق، إذا سلكها الإنسان طويلاً وبعيداً بما فيه الكفاية، تؤدي إلى الله. ومن الخطر أن يعتقد الشخص أو الكنيسة أنهم يحتكرون الخلاص.

ب) يجب أن نتذكر أن الحقيقة دائما أعظم من الفهم البشري. لا يمكن لأحد أن يفهم الحقيقة كاملة. أساس التسامح ليس القبول الكسول لكل شيء، وليس الوعي بأن المرء لا يستطيع التأكد من أي شيء. أساس التسامح هو الوعي البسيط بحجم طيف الحقيقة. قال جون مورلي: “التسامح هو احترام كل إمكانيات (جميع ظلال) الحقيقة، وهو الاعتراف بأنه يعيش في مساكن مختلفة، ويرتدي ملابس بألوان مختلفة، ويتحدث لغات مختلفة؛ وهذا احترام صادق لحرية الوعي الحي، وليس القوالب الميكانيكية أو الآراء الرسمية أو عنف المجتمع؛ إنها محبة تفوق حتى الإيمان والرجاء. والتعصب هو علامة الغطرسة والجهل لأنه يدل على أن الإنسان يعتقد أن هناك حقيقة واحدة فقط يؤمن بها.

2. يجب علينا أن نعترف ليس فقط بحق كل إنسان في أن يفكر بنفسه، بل يجب أن نعترف بحقه في قول ما يراه مناسبا. من بين جميع الحريات الديمقراطية، فإن أثمنها هي حرية التعبير. بالطبع هناك بعض الحدود. يجب محاربة الشخص الذي يبشر بعقيدة تهدف إلى تدمير الأخلاق وأسس المجتمع المتحضر والمسيحي. لكن هذا لا يعني أنه يحتاج إلى تدميره أو إزالته بالقوة، بل يجب أن نثبت له أنه على خطأ. لقد لخص فولتير ذات مرة مفهوم حرية التعبير بجملة قوية للغاية: "أنا أكره ما تقوله، ولكنني سأموت من أجل حقك في أن تقوله".

3. يجب أن نتذكر أن أي تعليم أو معتقد يجب أن يتم الحكم عليه من خلال نوع الأشخاص الذين يقومون بتعليمهم. لقد عبر الدكتور تشالمرز عن الأمر بإيجاز شديد: "يُنظر إلى الكنيسة فقط كأداة لممارسة الفضيلة المسيحية". السؤال، في نهاية المطاف، ليس على الإطلاق كيف ومن يحكم الكنيسة، ولكن أي نوع من الناس تقوم بتربيتهم.

هناك مثل هذا المثل الشرقي. كان لدى رجل خاتم به أوبال رائع. كل من ارتدى هذا الخاتم أصبح لطيفًا وصادقًا في شخصيته لدرجة أن الجميع أحبه. تم ارتداء هذا الخاتم كتميمة، وانتقل من الأب إلى الابن وكان له دائمًا تأثيره المذهل. وفي أحد الأيام انتقل إلى أب لديه ثلاثة أبناء، وكان يحب كل واحد منهم على حد سواء. ماذا يمكنه أن يفعل عندما يحين وقت تمرير التميمة؟ اشترى والدي خاتمين إضافيين، يشبهان الخاتم الأصلي لدرجة أنه لا يمكن لأحد التمييز بينهما. في ساعة وفاته، دعا أبناءه بدوره، وبعد أن قال بضع كلمات دافئة لكل منهم، أعطاه خاتمًا، دون إخبار الاثنين الآخرين بذلك. عندما اكتشف الأبناء أن بعضهم البعض لديه نفس الخاتم، نشأ نزاع كبير حول أي من الخواتم حقيقية ولها قوى خارقة. ذهبت القضية إلى المحكمة. فحص القاضي الخواتم بعناية وقال: "لا أستطيع أن أقول أيهما سحري. ولكنك أنت نفسك تستطيع أن تظهر ذلك للجميع." كان الأبناء مندهشين للغاية. "في نهاية المطاف، الخاتم الحقيقي يضيف البهجة إلى شخصية الشخص الذي يرتديه، لذلك أنا وأشخاص آخرون في المدينة سوف نرى أي منكم لديه خاتم حقيقي على أساس نبل حياته. هنا عش وكن طيبًا ومخلصًا وحكيمًا، وكن عادلاً في أفعالك وأفعالك؛ ومن يستوفي هذه الشروط فهو صاحب الخاتم الحقيقي." وبالتالي، كان من الضروري أن يثبت المرء بحياته أنه كان على حق. لا يمكن لأحد أن يحكم على إيمان أو معتقدات شخص آخر إذا كان ذلك يجعله شخصًا صالحًا. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، سنكون أكثر تسامحا.

4. يمكنك أن تكره معتقدات شخص ما، ولكن ليس الشخص نفسه. يمكنك أن ترغب في تدمير نظريته، لكن ليس من الضروري أن ترغب في موته.

"لقد رسم خطًا ليفصل نفسه عني - المتمرد، والمهرطق، والمخلوق الحقير. لكن الحب وأنا – تمكنا من الفوز – رسمنا خطًا يضمه”.

مارك 9،41.42الجوائز والعقوبات

ومن سقاك كأس ماء باسمي، لأنك للمسيح، فالحق أقول لك، لا يضيع أجره.

ولكن من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر.

المغزى من هذا المقطع بسيط وواضح ومفيد.

1. يقول أن كل إظهار لللطف وأي مساعدة تقدم للمسيحيين لن تذهب بلا مكافأة إذا تم تقديم هذه المساعدة للأشخاص المحتاجين في المسيح. كل محتاج هو عزيز وقريب من المسيح، ولذلك علينا مساعدته. لو كان يسوع بيننا بالجسد، لكان قد ساعد هذا المحتاج بأفضل طريقة ممكنة، ولكن الآن انتقل واجب المساعدة إلينا. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن المساعدة يجب أن تكون بسيطة للغاية. كوب من الماء البارد هدية أيضًا. ليست هناك حاجة لفعل المستحيل أو ما يفوق قوتهم. ولكن علينا أن نقدم ما في وسعنا، تقديم مساعدة بسيطة. روى أحد المبشرين قصة مثيرة للاهتمام. لقد تحدثت إلى أحد فصول المدرسة الابتدائية الأفريقية حول هذا الموضوع: أحضر كوبًا من الماء البارد باسم يسوع. وفي أحد الأيام، كانت تجلس على شرفة منزلها عندما دخلت مجموعة من الحمالين المحليين يحملون بالات ثقيلة إلى ساحة القرية. كانوا متعبين وعطاش. جلسوا للراحة وطلبوا من السكان الوثنيين البسطاء الماء ليشربوا، لكنهم نصحوهم بأن يجدوا الماء بأنفسهم، لأنهم من قبيلة أخرى. جلس الحمالون المتعبون، شاهد المبشر، عندما خرجت فجأة مجموعة صغيرة من الفتيات الأفريقيات من باب المدرسة، يحملن أباريق الماء على رؤوسهن. أخذ الحمالون المتفاجئون الأباريق وشربوا الماء وأعادوها إلى الفتيات. نهضت الفتيات وركضن إلى المبشر. قالوا: «سقينا العطشان باسم يسوع». لقد أخذ الأطفال الصغار التاريخ وواجبهم حرفيًا. لو أن المزيد من الناس فعلوا هذا! كل ما هو مطلوب منا هو اللطف البسيط. وكما قال محمد ذات مرة: "إن إرشاد الإنسان إلى الطريق الصحيح، أو إسقي الظمآن شربة الماء، أو البسمة في وجه أخيه، كل هذا أيضًا رحمة".

2. ولكن العكس هو الصحيح أيضًا: فالمساعدة تعني الحصول على مكافأة أبدية. إن حث الأخ الأضعف على التعثر يعني محكوم عليه بالعقاب الأبدي. المقطع قاسي عمدا. وحجر الرحى المذكور في هذا المقطع هو حجر رحى كبير. وفي فلسطين كان هناك نوعان من الطواحين: الطواحين اليدوية، المستخدمة في المنزل، وأحجار الرحى الثقيلة جداً، التي تعمل بالحيوانات. وحجر الرحى المذكور هنا هو من النوع الثاني، يسوقه الحمير. إن الرجل الذي أُلقي في البحر وحجر الرحى هذا حول رقبته لم يكن لديه أي فرصة للبقاء على قيد الحياة. مثل هذه العقوبة وهذا الإعدام كانت تمارس بالفعل في روما وفلسطين. ويشير يوسيفوس إلى أن الجليليين، بعد أن نفذوا انقلابًا ناجحًا، "أخذوا رجالًا من حزب هيرودس وأغرقوهم في البحيرة". يتحدث المؤرخ الروماني سوتونيوس ترانكويلوس عن الإمبراطور أوغسطس أوكتافيان: "عندما بدأ معلم وخدم ابنه جايوس، مستغلًا مرض الأخير، في نهب المقاطعة بوقاحة وجشع، أمر بإلقاءهم في النهر بحمولة حول رقابهم."

الخطيئة فظيعة، لكن تعليم الآخرين الخطيئة أسوأ بكثير. روى الكاتب الأمريكي أوهنري هذه القصة: ماتت والدة فتاة صغيرة، وكان والدها يعود إلى المنزل، ويخلع سترته، ويجلس مع صحيفة، ويشعل أنبوبًا، ويضع قدميه على رف الموقد. جاءت الفتاة وطلبت منه أن يلعب معها لأنها شعرت بالوحدة الشديدة فأجابها أنه متعب وطلب منها أن تتركه بمفرده لتذهب للعب في الخارج وخرجت ونتيجة لذلك حدث ما لا مفر منه - أصبحت "امرأة في الشارع. على مر السنين، ماتت وصعدت روحها إلى السماء. رآها الرسول بطرس وقال ليسوع: "يا رب، لقد أتت إلى هنا فتاة سيئة السلوك. فهل نرسلها مباشرة إلى الجحيم؟ ربما؟ " " قال يسوع: "لا، دعها تدخل، دعها تدخل." ولكن بعد ذلك أصبحت عيناه صارمتين: "ولكن احذر من السماح للرجل الذي رفض اللعب مع ابنته الصغيرة وأرسلها إلى الشارع بالدخول - أرسله إلىجحيم! الله ليس قاسيا على الخاطئ، لكنه قاس على أولئك الذين يتسببون في ارتكاب الآخرين للخطية، والذين يضع سلوكهم، سواء بغير وعي أو عمد، حجر عثرة في طريق الشخص الأضعف.

العلامة التجارية 9.43-48هدف يمكنك من أجله التضحية بكل شيء

وإن أعثرتك يدك فاقطعها: خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ،

وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ،

حيث دودهم لا يموت، والنار لا تنطفئ.

وإن أعثرتك عينك فاقلعها: خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان،

حيث دودهم لا يموت، والنار لا تنطفئ.

في هذا المقطع، في اللغة الشرقية الحية، تنص الحقيقة الأساسية على أنه في الحياة هناك هدف واحد يمكن للمرء أن يضحي بكل شيء من أجله. من الناحية الجسدية، قد يعني هذا أن الشخص يجب أن يفقد بعض الأعضاء أو الأعضاء من أجل البقاء على قيد الحياة. في بعض الأحيان، يظل الاستئصال الجراحي لأحد الأعضاء أو بتر أحد الأطراف هو الخيار الوحيد لإنقاذ حياة الشخص. بالضبط نفس الشيء يمكن أن يحدث في مجال الحياة الروحية.

كان لدى حاخامات اليهود أقوال تتعلق بكيفية أن تخطئ أجزاء معينة من الجسم. "العيون هي وسطاء الخطيئة. فالعين والقلب خادمتان للخطيئة. الشغف لا يعشش إلا في من يرى. ويل لمن يتبع عينيه فإن العيون تخدع." إن غرائز معينة وأعضاء معينة في جسم الإنسان تشجع على الخطيئة. لا ينبغي أن تؤخذ عبارة يسوع حرفيًا - فهذه العبارة الشرقية المجازية تعني أن هناك هدفًا في الحياة يستحق أي تضحية. وقد تكرر التعبير عدة مرات في هذا المقطع جهنم الناري.عن جهنميقول العهد الجديد حصيرة. 5, 22.29.30; 10,28; 18,9; 23, 15.33; بصلة. 12,5; يعقوب 3.6. يتم ترجمة هذه الكلمة حرفيا كما جحيم.لها تاريخها الخاص. فهو يمثل شكل الكلمة هنوم(كان وادي هنوم خارج أسوار أورشليم)، وكان له ماضٍ شرير. هذا هو الوادي الذي أقام فيه آحاز ذات يوم مكانًا لعبادة النار وذبح الأطفال الصغار. "وأحرق البخور في وادي بني هنوم وعبر أبناءه في النار (في باركلي - وفي ترجمات أخرى ما عدا الروسية - وأحرق أبناءه كذبائح) (2) بخار. 28، 3). كما ارتكب منسى نفس الوثنية الرهيبة (٢: ٢). بخار. 33، 6). لذلك كان وادي هنوم، جهنم، واحدًا من أفظع حالات الانتكاس إلى العادات الوثنية في تاريخ إسرائيل. وكجزء من إصلاحاته، أعلن يوشيا أنه مكان نجس. "ودنس توفة التي في وادي بني هنوم حتى لا يكون أحد رأى ابنه وابنتهله بالنار إلى مولك" (4 القيصر. 23، 10). وعندما أُعلن أن هذا الوادي نجس وتنجس، فقد تم تخصيصه لحرق نفايات أورشليم. ونتيجة لذلك، أصبح مكانًا نتنًا وسيئًا وقذرًا تتكاثر فيه الديدان المقززة على القمامة، وحيث كان كل شيء دائمًا مشتعلًا ومدخنًا، كما هو الحال في محرقة ضخمة. وعبارة أن دودهم لا يموت والنار لا تنطفئ مأخوذة من وصف مصير أعداء إسرائيل الأشرار في يكون. 66.24. ونتيجة لكل هذا، أصبحت جهنم نموذجًا أوليًا أو رمزًا للجحيم، وهو المكان الذي ستعاني فيه وتحترق فيه أرواح الأشرار والأشرار. كما أنها تستخدم بهذا المعنى في التلمود. "الخاطئ الذي لا يحفظ كلمة الناموس يرث الجحيم." ولذلك فإن جهنم تعني مكان العقاب، وقد أثارت هذه الكلمة أحلك وأفظع الصور في ذهن كل يهودي. نعم، ولكن ما هو الهدف الذي من أجله عليك التضحية بكل شيء؟ ويتميز بطريقتين. تم تسميتها مرتين حياةو لمرة واحدة مملكة الله.كيف يمكننا أن نتميز مملكة الله؟يمكننا أن نأخذ تعريف ملكوت الله من الصلاة الربانية "أبانا". في الصلاة، تقف طلبتان جنبًا إلى جنب: “ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء على الأرض." معظم سمة مميزةاسلوب اليهود هو تماثل.التوازي هو وضع جملتين بجانب بعضهما البعض، الثانية منها إما تكرر الأولى، أو تقويها، أو تطورها، أو تفسرها. وكل آية من المزامير تثبت ذلك عمليا. لذلك يمكننا أن نعتبر أن إحدى الصلاة في الصلاة الربانية هي تفسير أو تقوية لصلاة أخرى. وبجمعهما معًا، نحصل على التعريف التالي: "ملكوت الله هو مجتمع على الأرض تتحقق فيه إرادة الله تمامًا على الأرض كما في السماء". يمكننا أيضًا أن نقول بكل بساطة أن تحقيق إرادة الله بشكل كامل يجعل الإنسان مواطنًا في ملكوت الله. وبتطبيق التعريف الناتج على تفسير هذا المقطع نجد أن له المعنى التالي: إن تحقيق إرادة الله يستحق أي تضحية وانضباط ذاتي وإنكار للذات، وفقط في تحقيق إرادة الله هذه تكون الحياة الحقيقية و السلام النهائي والكامل المرضي. لقد فهم أوريجانوس هذا القول بشكل رمزي. كان يعتقد أن العبارة يمكن أن يكون لها المعنى التالي: قد يكون من الضروري قطع زنديق أو شخص شرير من أخوة الكنيسة من أجل الحفاظ على نقاء جسد الكنيسة. ولكن يبدو أن هذا المفهوم لهذا البيان يسيء إلى الناس؛ ومع ذلك، قد يكون هذا يعني قطع وتدمير وإلغاء عاداتنا، والتخلي عن أي ملذات، وأصدقاء، وبعض الأشياء التي أصبحت عزيزة جدًا علينا، من أجل تحقيق إرادة الله دون أدنى شك. والحقيقة أنه في مثل هذا الأمر لا يمكن لأحد أن يفكر ويفعل أي شيء من أجل الآخر؛ الأمر كله يتعلق بالوعي الفردي. إذا كان هناك أي شيء في حياتنا يمنعنا من تحقيق إرادة الله بالكامل، بغض النظر عن مدى أهمية وضرورة هذه العادة أو تلك بالنسبة لنا، فيجب علينا القضاء عليها. ربما يكون مثل هذا الاستئصال مؤلماً، مثل العملية الجراحية، لكن إذا أردنا أن نعرف الحقيقة حياة،السعادة الحقيقية والسلام الحقيقي، يجب أن نسعى لتحقيقهما. قد يبدو هذا مظلمًا وقاسيًا، لكن في الواقع هذا مجرد واقع الحياة القاسي.

مارك 9.49.50ملح الحياة المسيحية

لأن كل إنسان يُجرد من النار، وكل ذبيحة تملّح بالملح.

الملح شيء جيد. ولكن إذا كان الملح غير مالح فكيف تتبله؟ ليكن لكم ملح في أنفسكم، ويكون لكم سلام فيما بينكم.

وهذه الآيات من أصعب الآيات في العهد الجديد. لقد قدم المعلقون بالفعل العشرات من التفسيرات المختلفة. لكن التفسير سيكون أسهل إذا تذكرنا ما أكدناه بالفعل. غالبًا ما كان يسوع يُدلي بملاحظات صغيرة تبقى في أذهان الناس لأنهم ببساطة لا يستطيعون نسيانها. لكن في كثير من الأحيان، بعد أن يتذكر الناس عبارة ما، ينسون في أي مناسبة وفي أي موقف قيلت، وبالتالي، غالبًا ما تصل إلينا سلسلة من أقوال يسوع غير ذات الصلة، المجمعة معًا، لأنها عالقة في ذاكرة المؤلف بهذا الترتيب. هنا أحد الأمثلة على هذا الحفظ. ولن نتمكن من فهم هاتين الآيتين على الإطلاق إلا إذا انطلقنا من حقيقة أنهما ثلاث منفصلة تصريحات غير ذات صلةعيسى. وقد اجتمعوا في رأس من كتب هذا الإنجيل واستقروا فيه على هذا الترتيب، لأن الكلمة موجودة في الثلاثة. ملح.بمعنى آخر، هذه مجموعة صغيرة من أقوال يسوع التي يستخدم فيها الكلمة ملحكاستعارات لمختلف الرسوم التوضيحية، وبالتالي ليست هناك حاجة للبحث ولو عن بعد عن اتصال بين هذه العبارات الثلاثة. ويجب تفسيرها بشكل منفصل، حسب ترتيب الاقتباس.

1. كل إنسان يملح بالنار. وفقًا للشريعة اليهودية، كان يجب تمليح كل ذبيحة قبل تقديمها لله على المذبح. (لاويين 2، 13). وكان يسمى هذا الملح الذبيحة ملح العهد (رقم . 18, 19; 2 بخار. 13، 5). إن إضافة هذا الملح هي التي جعلت الذبيحة مقبولة عند الله، وبحسب عهده كانت إضافة هذا الملح واجبة. لذلك فإن عبارة يسوع تعني: "لكي تكون الحياة المسيحية مرضية أمام الله، يجب تطهيرها بالنار، كما يتم رش كل ذبيحة بالملح". النار هي الملح الذي يجعل الحياة ترضي الله. حسنا، ماذا يعني هذا؟ في اللغة العادية للعهد الجديد، ترتبط النار بشيئين.

أ) مع التطهير.تعمل النار على تنقية المعدن الأساسي وفصل كافة الشوائب؛ بقايا المعدن النقي. أي أن النار تعني كل ما ينقي الحياة، وهو الانضباط الذاتي الذي يساعد الإنسان على التغلب على الخطيئة؛ تجربة الحياة التي تنقي وتقوي النفس البشرية. في هذه الحالة، هذا يعني ما يلي: "إن الله يسر بالحياة المطهرة بالانضباط الذاتي والطاعة المسيحية والموافقة المسيحية على يد الله التوجيهية".

ب) النار مرتبطة مع الدمار.في هذه الحالة، يشير البيان إلى الاضطهاد ويعني ضمنيًا أن الله مسرور بالحياة التي صمدت أمام التجارب والصعوبات ومخاطر الاضطهاد والاضطهاد. إن الشخص الذي يخاطر طوعًا بتدمير ممتلكاته وحياته بسبب ولائه ليسوع المسيح هو عزيز على الله. يمكن فهم عبارة يسوع الأولى على أنها تعني أن التضحية بالحياة التي تم تطهيرها بالانضباط الذاتي وصمدت في وجه خطر الاضطهاد الذي يتعرض له الإنسان بسبب أمانته هي مرضية وعزيزة على الله.

2. الملح شيء جيد، ولكن إذا كان الملح غير مالح، فكيف تتبله؟ هذا البيان هو أكثر صعوبة في التفسير. من المستحيل القول أنه لا توجد تفسيرات أخرى، ولكن يبدو لنا أنه يمكن فهمه بهذه الطريقة: للملح ميزتان، وخاصيتان مفيدتان. أولا، يعطي ذوق.البيضة بدون ملح لا طعم لها. يعلم الجميع مدى سوء مذاق العديد من الأطباق إذا نسوا إضافة الملح عند تحضيرها. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام الملح كغذاء قبل كل شيء آخر. مادة حافظة:لمنع الفساد، تم تمليح الطعام. وقال اليونانيون أن الملح يتصرف مثل الروح في الجسد الميت. يفسد اللحم نفسه بسرعة، لكنه متبل بالملح يحتفظ بالنضارة. يبدو أن التمليح يمنح اللحم شيئًا يشبه الحياة الجديدة. الملح محمي ضد التلف.

لكن المسيحيين أُرسلوا إلى العالم الوثني لمساعدته في هذا الطريق. لقد تميز العالم الوثني بميزتين. أولاً: التعب والشبع. كانت الفخامة والوفرة في العالم القديم بمثابة دليل على أنه في شبعه الملل كان هذا العالم يبحث عن شيء حاد ومثير في الحياة اختفت منه هذه الحدة. وكما كتب الشاعر الإنجليزي أندرو أرنولد: «وقعت الرجاسات على ذلك العالم الوثني القاسي

والاشمئزاز الخفي.

التعب العميق والشهوة المشبعة

لقد جعلوا حياة الإنسان جحيما.

في سلام بارد، مع عيون غارقة،

اتكأ الأرستقراطي الروماني.

لقد قاد بعيدًا وهو يبدو مجنونًا

على طول طريق أبيان.

أقام وليمة، وشرب بعنف وبسرعة،

وزين شعره بإكليل من الزهور -

لكنهم لم يسيروا بشكل أسرع أو أسهل

ساعة عنيدة."

لقد جاءت المسيحية إلى هذا العالم المتعب والمشبع، وكان على المسيحيين أن يمنحوا هذا العالم طعمًا جديدًا وحدة جديدة، مثل الملح في الأطباق. ثانيًا، كان العالم القديم فاسدًا ومُفسدًا. لقد عرف القدماء أنفسهم هذا جيدًا. قارن جوفينال روما بالمجاري القذرة. اختفت الطهارة تماما، ولم يسمع أحد حتى عن العفة. وقد جاءت المسيحية إلى هذا العالم الفاسد، وكان من المفترض أن تعطي هذا العالم علاجًا من سم الحياة، ليكون لها تأثير مطهر على هذا الفساد. وكما يحمي الملح اللحوم من التعفن والتعفن، كذلك كان على المسيحية أن تحارب الفساد السائد في العالم. ولذلك في هذا البيان دعا يسوع المسيحيين: "إن العالم،" قال، "يحتاج إلى الذوق والنقاء الذي لا يمكن أن تجلبه إلا المسيحية. وإذا فقد المسيحي نفسه إحساسًا قويًا بالحياة والنقاء، فأين يمكن لهذا العالم أن يجدهما؟ وما لم يدمر المسيحي بقوة المسيح الشبع والفساد، فسوف يزدهرون بحرية.

3. ليكن فيكم ملح وسلام فيما بينكم. و هنا ملحتستخدم في المعنى النظافة.قال القدماء أن الملح هو أنقى العناصر في العالم لأنه يتم الحصول عليه من أنقى العناصر: الشمس والبحر. كان البياض اللامع للملح نفسه بمثابة صورة للنقاء. لذلك فإن هذا التعبير يعني ما يلي: “ليكن في داخلك تأثير روح المسيح المطهر. كن نظيفًا من الأنانية والجشع، ومن المرارة والغضب والحسد، وكن نظيفًا من التهيج والمزاج السيئ والأنانية، وعندها فقط، ستتمكن من العيش بسلام مع إخوانك من البشر. بمعنى آخر، يقول يسوع إن الشخص الخالي من الأنانية والممتلئ بالمسيح هو وحده القادر على العيش في أخوة حقيقية مع الناس.